0020
0020
previous arrow
next arrow

ويل للعرب من شرٍّ قد اقترب

 

وكالة الناس – د. رجائي حرب
يبدو أننا كأمة عربية ما زلنا نرفض الواقع المرير الذي نعيشه، وما زلنا نغط في سباتنا العميق ولم نتحسس الألم والمرارة التي نعاني منها ونظرة الأمم الأخرى التي استهانت بنا ووضعتنا على رفوف الزمن حتى تراكم علينا غبار النسيان والضياع
يبدو أننا نسير إلى حتفنا والصمت يطبق في الأرجاء والجميع صمٌ بكمٌ عميٌ لا نبصر مستقبلنا ولا إلى أين تقودنا أيامنا
وحالنا يقول أن الانسان العربي قد استمرأ الذل والهوان وأصبح غير قادرٍ على التغيير أو التدخل بحركة الزمن وتوجيه دفة الأيام القادمة لتحقيق إرادته.
وعلى ما يبدو فإن الأمم والحضارات والأيدولوجيات والأفكار تموت كما يموت البشر؛ وقد أزفت لحظة موت هذه الأمة التي مات في داخلها بواعث النهضة والقيامة والتغيير؛ مما يجعلنا نقف على حافة الزمن وشفير الأيام ولم يبق إلا أن تأتينا صاعقةً أو ريحاً صرصراً يسخرها الله علينا كما سخرها على الظالمين من الأقوام السابقة الذين أفلسوا ولم يبق في جعبتهم ما يقدمونه لخدمة الإنسان. وحتى عندما نفكر فإننا لا نفكر بطريقة صحيحة وكأنه قد غُم علينا وران على قلوبنا صنائع السوء التي ارتكبناها في لحظات السعة والرخاء من عمر الأمة.
نعم نحن أمةٌ عربيةٌ تنتهي وأمةٌ لم تعد قادرة على الوقوف لتبدأ من جديد، ولم نعد نملك آليات التطور وكأن العقم قد تسرب ليس فقط إلى أرحام نسائنا ولكن أيضاً إلى عقول ذواتنا من العلماء والمفكرين وقادة الفكر والمصلحين الذين لجمتهم الأنظمة السياسية، وكبلَّلت أفواههم وأرهبتهم وأرعبتهم حتى صار الخوف ديدنهم؛ بعدما هددوهم بقطع الأعناق وتجفيف الأرزاق وتشتيت العيال وحتى شطبهم من دائرة العيش والوجود؛ فغاب النقد البناء والتصحيح الإيجابي لمسيرة أنظمتنا السياسية الفاقدة لسيادتها على أوطانها ورهينة غايات الآخرين والتي استفردت بها الدول الباغية الظالمة لتحقق أحلامها بعدما استعبدت الناس الذين ولدتهم أمهاتهم أحراراً.
نعم نحن نموت … وكلما راودنا حلم الخروج من أزمتنا بتقديم النصيحة وإنارة الطريق الذي خربته خفافيش الظلام يتم شيطنتنا ويتم نعتنا بأننا خارجون على القانون ومثيري فتن ومريدين لخراب البلاد والعباد.
كيف السبيل لإنهاء كل هذا الخبث وكلما قام أحدنا ليعلق جرس الانطلاق يتم إطلاق النار والشتائم واللعنات عليه، وسبه وتكفيره وإخراجه من الملة؛ وكلما حاولنا أن نقول للناس انهضوا واستفيقوا من غفوتكم يتم تشويه صورنا وتصنيفنا مع أراذل القوم. ما هذه الأمة التي ضاعت معاييرها وإلى متى سيبقى الحال على هذا الحال؟
وتجد أن أكثر الناس قد حادت بوصلتها عن الحلول الصحيحة وتسعى للبحث عنها في السراب الذي يحسبه الضمآن ماءاً حتى إذا جاءه لم يجده شيء، ويتناسون الدستور الذي وضعه الله سبحانه بين أيدينا والذي يحوي حلول كل مشكلات الإنسان وليس المسلم فقط، وما أكثر الآيات التي خاطب بها الله سبحانه الناس على الإطلاق ولم يختزل النداء والتوجيه للعرب أو للمسلمين
فلماذا لا ننظر ونتفكر ونغوص في البحث عن الحلول لنجد الدرر الكامنة في القرآن الكريم لعل وعسى أن نجد ضالتنا في أعماقه؟! ولعل أن يكون مخرجنا فيما نجده عند الله.
ثم يخرج علينا بعض مَنْ يسمون أنفسهم بقادة الفكر وأبواق المتنطعين وفلاسفة الوضعيات الزائفة ليقولوا بأن هذا الكتاب لا يصلح لمعالجة مشكلات هذا العصر؛ ويسعون في الأرض فساداً ويطلبون الحلول ممن يغوصوا في رمال الضياع وجاهلية العصر الحديث حتى الأعناق؛ وللأسف هناك الكثير من أبناء أمتنا سمَّاعون لهم ومغرورين بترهاتهم.
إن هلاك العرب ليس بالواقع الجديد على كل من يقرأ التاريخ؛ فرسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم يستيقظ من النوم محمرًّا وجهه يقول : ( لا إله إلاَّ الله، ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه )، وأعطانا صلى الله عليه وسلم علامات وأمارات هلكة العرب الصم البكم الحفاة رعاة الشاة العالة الذين يتطاولون في البنيان، وينطق في زمن هلاكهم الرويبضة، ويصدّق فيهم الكاذب، ويكذب الصادق، ويؤتمن الخائ، ويخوّن الأمين، ويكون زعيم القوم أرذلهم، ويسود القبيلة فاسقه، وتنتشر المغنيات والمعازف، وتظهر الكاسيات العاريات، ويترك الجهاد، وينتشر الربا، ويكون الأمراء ظلمة، والوزراء فسقة، والقضاة خونة، والفقهاء كذبة.
وهو نفس الزمن الذي عاد فيه بنو إسرائيل لفيفاً إلى فلسطين، ينتظرون وعد الآخرة؛ وهو نفس زمن قرن الشيطان؛ ومئة عام من ضياع الأمة من بعدما تفككت آخر دولة إسلامية عام 1923، وهو نفس الزمن الذي تعززت فيه المشاعر الإقليمية وغدت الأمة دولاً متقطعة قسمها الاستعمار بمخططاته اللئيمة؛ وغدونا نتشبث بقضبان أقفاص إتفاقات دولية استعمارية رسمت الحدود بين أبناء الأمة وقطعت صلة الرحم بينها.
ونجح العدو المتربص بنا في تعميق الشرخ النفسي وتحويلنا إلى شعوب تكره وتحقد على بعضها حين وصلنا عام 2011 إلى ما يسمى بالربيع العربي المشؤوم والمأزوم؛ ووصلت حالة البؤس في المجتمعات إلى الحضيض وبدأت شرارة فتنة الدهيماء التي قتلنا فيها بعضنا وكسرنا فيها بلور العرب كلهم حتى ضاعت هيبتنا.
إقترب هلكة العرب، وهي واقعٌ آتٍ لا محالة، فقد استوفينا شروط هلاكنا؛ فقوانين الله وسننه الكونية لا تحابي أحد.
28/2/2021