0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

سنوات عجاف جف بها الزرع والضرع

 
 لقد جال بذاكرتي العديد من المحطات وملامح الفترة الزمانية المنصرمة التي مر بها الأردن ولم أجد في سجل ذاكرتي ما يحسب من الإيجابيات إلا النزر اليسير. فوجدت ذاكرتي تعرض لي ما لا يسر من المحطات القاصمة للظهر والتي كانت إما بفعل غفلة من أولي الأمر والمعنيين ألقت بظلالها وبالا على وطن وملايين المواطنين أو بفعل ما يقوله مثلنا الأردني : “اللي بسويه الحراث بطيب للمعلم”. إذا كانت الغفلة هي السبب فها هو الجاني قد عرف والجريمة قد وضحت وعرفت معالمها لكن العلاج قد منع وأخذ المواطن بجريرة الجناة. وإن كان السبب هو عين الرضا عن الفاحشة مغمضة, فهنا الطامة الكبرى. من المحطات التي تختزن بها الذاكرة:
 الديون تزداد بنسبة مرتفعة وملفتة للنظر وتسبب الدهشة والصدمة والذهول وليس هناك توضيح أو مصارحة بحقيقة الأمر بل يترك الشعب بالظلام فلا يدري من أين تأتيه اللطمات. والموازنة تتآكل بفعل العجز يرتفع. هذا رغم ما تم من خصخصة العديد من الموارد الوطنية الهامة والمؤسسات والمقدرات التي كانت ترفد الخزينة, لكن للأسف لم نلمس تحسنا ولو طفيفا بالإقتصاد أو تحسنا بمستوى معيشة المواطن المطحون أو ارتفاعا مجزيا بالرواتب التي بالكاد تكفي التزامات الثلث الأول من الشهر. بل نتفاجأ بالدين يزداد والظروف الحياتية تزداد قسوة والحكومات تتغول على المواطن والضرائب تزداد. أليست هذه هي السمة الغالبة والطابعة لحياة المواطن الأردني؟؟ لقد أصبحت ظاهرة غريبة عجيبة تجعل من كل مهتم مستغربا من المعادلة التي على أساسها تبنى السياسات وتتخذ القرارات ونحن نعيش تحت وطأة ضغطها ولهيب نارها. لا أعتقد ان المواطن الغيور يمانع بالمشاركة بالهم العام إذا كان ضامنا تحسن الظروف وتحسين المسار الذي يستمد أدواته من نهج سليم يخدم الوطن ويرفع من مستوى العيش. لكن الأمر معكوس وكأنك تنفخ بقربة مخرومة. هل ما نقوله افتراء أم هي الحقيقة؟؟
 البرامكة يتطاولون في البنيان غير عابئين بالوطن ومستقبله بل جل همهم الغرف من معين الأردن والإستحواذ على أمواله وبيع مقدراته حتى جف الزرع والضرع. ألم يبيع هؤلاء البرامكة كبريات الشركات الوطنية وبأبخس الأثمان والقانون معطل والمتابعة متوقفة عن محاسبتهم؟؟ ألم يتسيدوا أعلى المناصب السيادية التي من خلالها وافقوا وباعوا وقبضوا ثمن فواحشهم؟؟ ألسنا نعاني نحن “أبناء الحراثين” الغيارى من جراء جرائمهم الإقتصادية ومشاريعهم الوهمية وخططهم الخاسرة التي أوهمونا بأنها ستنتقل بنا إلى اليوتوبيا؟؟ هل ما نقوله افتراءً أم هي الحقيقة بعينها؟؟
 رؤساء الحكومات وأعضاء فريقهم لم يكونوا على قدر المسؤولية المتوخاة وفاقدين لثقة المواطن ولم يأتوا بما يرفع من سوية معيشة المواطن الذي يطحن عند بزوغ كل شمس بماكينة قراراتهم المجحفة ولم ينجزوا عملا يعود بالنفع على المواطن, لا بل كل حكومة تحاول تحقيق رقم قياسي بوسائل الضغط وزيادة الأعباء من رفع للضرائب ورفع غير مبرر لأسعار المحروقات وتضييق بسبل العيش. هل من حكومة قامت بعمل من شأنه تقليل نسبة البطالة وهي نسبة مرتفعة حقيقة وغير ما تعلنه الحكومات “الساهرة” وهي إذا لم تعالج جذريا فإنها برميل بارود معرض للإنفجار بسهولة هذا إذا أخذنا بالإعتبار تنظيم داعش الذي أرعب دول المنطقة ويستقطب الكثير من المتطوعين وهو تنظيم جاذب ومغري للشباب الذين ليس لديهم ما يخافوا بشأنه. فالأمر يستعي صحوة من القائمين على صناعة القرار والعبئ الأكبر يقع على عاتق الأجهزة الأمنية التي يفترض أنها تتابع وتتحسس كل ما يؤدي الأمن والإستقرار أو يعززهما.
 تتشدق الحكومات مستخفة بعقولنا بالإصلاح الذي لم يولد أو ولد معاقا وتحسن الإقتصاد الذي يرقد على سرير الإنعاش ومرآة الواقع ومجساته تعكس لنا واقعا مغايرا ومعاكسا لما يسمعونا من كلمات التخدير وشراء الوقت. والقرارات المتسرعة ورطت الأردن باسطوانة الأشقاء اللاجئين والأردن لا يغلق أبوابه أمام الملهوفين حتى ازداد فقرنا وزادت بطالتنا وجفت مياهنا التي منسوبها لا يكفينا بالمقام الأول فكثرت الجرائم وازدادت نسب الإنتحار والقتل وزاحمونا على عتبات روقنا حتى صار الباحث عن عمل يواجه بالسؤال التالي: “هل أنت أردني أم سوري؟؟” فإن كان أردنيا فلا نصيب له لأن السوري يقبل بثلث ما يقبل به الأردني. وها هو دولة الرئيس يلطم بأن الأردن غير قادر على مواجهة احتياجات اللاجئين, فأغيثونا اطال الله أعماركم. ألم تعلم مسبقا دولتك محدودية إمكانياتك وشح مواردك ولم تعلم كذلك بأن المواطن يجب أن يأتي على رأس الأولويات؟؟ أليس هذا هو الواقع أم أننا نهرف بما لا نعرف؟؟
 الفساد وصانعوه ومبرمجوه ومن يدوروا بفلكه عاثوا بالأردن فسادا وأفقروه دون رادع أو مانع فالإرادة معطلة والقانون مجمد وبالتالي العدالة لا مكان لها علما أن العدل أساس الحكم, فأين نحن من العدالة والعدل؟؟ المطلعون على خفايا الأمور لا ينبسون ببنت شفه, هل خوفهم على وظائفهم هو ما يمنعهم من الحديث أم مغلوبون على أمرهم؟؟ بالحالتين هم من يتحمل وزر المرحلة. نسمع ونقرأ أن فلانا باع أو اشترى قصرا بكذا مليون وإذا حسبنا دخله من رواتب وظيفته نجده لا يتجاوز 5% من أثمان ممتلكاته, فمن أين له هذه الملايين؟؟ أغلب الظن أنها توفير من مصروفه الشخصي ولو أن بعض الظن إثم. هل جئنا بغير الحقيقة؟؟
 العقبة وهي ثغر الأردن اليتيم بيع ميناؤها إذ ليس للسيادة متسع عند هؤلاء التجار. الفساد ينخر بمنطقة العقبة والتلاعب بالعطاءات والمشاريع لا يتوقف وهدر المال العام عنوان الإتفاقيات والقرارات. هل حوسب هؤلاء الذين كانوا السبب بهذا الحال المتردي والذي ينعكس على الوطن من شماله إلى جنوبه؟؟ أليست هي الحقيقة المؤلمة؟؟
نزر يسير مما يختلج صدورنا وتختزن به ذاكرتنا مما عايشناه من فواحش وجرائم لو ارتكبت ببلدان أخرى لعلق أصحابها على المشانق. فواحشهم يكتوي بها المواطن ليلا نهارا وقطار الإصلاح نراه واقفا أو يمشي بخطى متثاقلة جدا. إذا لم تفعَّل الرقابة الحثيثة والمحاسبة الفورية وتتبدل الوجوه التي مللناها وفتح المجال امام أبناء الوطن الغيارى والشرفاء والذين تم إقصاؤهم وتهميشهم حتى تظل أدوات الإصلاح بالأدراج, فلن يصلح حالنا.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com