جهاديو البلقان تهديد للعالم كله
عالمنا تغيّر بسرعة . تلك هي يوغوسلافيا البائدة التي أقمت فيها عقد الثمانينيات من القرن الماضي لأتعرف وقتئذٍ على المشافي والشركات وهي ترسل الأطباء والمهندسين إلى العديد من بلداننا العربية . واليوم , بات المئات وربما الآلاف من مسلمي جمهورياتها المستقلة عنها جهاديون في العراق والشام . حقيقةٌ لا بد من التوقف عندها كي نعرف ما سيحدث في مواجهات الحرب العالمية القائمة التي نشاهد تنقلها من بؤرة إلى أخرى .
فقد شاهدت في الفترة بين ( 2005 – 2008 ) انتشاراً للتيار السلفي الجهادي في مقدونيا و كوسوفا . وتابعت ترسيخه في البونة والهرسك منذ اندلاع الحرب الأهلية فيها في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي ( 2002 – 2005 ) .
ليتجسد تصريح الدكتور أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة بأنه سيفتت أوروبا من خلال جنوبها الشرقي أي غرب البلقان الذي أطلقه قبل عقودٍ من الآن .
ها هم الأوروبيون يطلقون إسم ” الشياطين البيضاء ” على الشباب المجاهد من البوسنة والهرسك الذين يقاتلون في الشيشان ولربما وصلوا إلى شبه جزيرة القرم وكذلك في أفغانستان ليتنقلوا من البوابة التركية إلى العراق وسوريا على تخوم فلسطين مركز الصراع العالمي . وأصبحوا مصدراً للمعلومات الإستخبارية التي يحتاجها الجهاديون لتحقيق هدفهم المنشود بتحويل إعلانهم المتمثل في دولة الخلافة إلى حقيقةٍ قادمةٍ بالفعل .
فقبل عقدين من الزمان قدم ثلاثة آلاف مجاهد من الأجانب لينضم إليهم خمسة آلاف من مواطني البوسنة والهرسك أكثرهم من العاصمة ” سراييفو ” . وليبدأ تيار السلفية الجهادية بالإنتشار بين مسلمي البلقان تساعده الحروب والنزاعات والصراعات على الإنتشار بحسب الخبراء .
لا يقل عدد أعضاء هذا التيار عن الألف في داخل صربيا نفسها . وامتد لجمهورية مونتينيغرو ” ألجبل الأسود ” المرشحة لدخول الناتو . وهؤلاء اليوم أحكموا سيطرتهم على بلدة إعزاز التي لا تبعد عن الحدود التركية سوى خمسة كيلومترات فقط . ويطلق عليها ” مقبرة الدبابات الأسدية ” .
مقاتلون جدد . ولدوا بعد حرب البوسنة والهرسك . هذه هي الحقيقة فأعمار غالبيتهم لا تتجاوز التاسعة عشرة من العمر . وهو ما يعني أن المرحلة التي يعيشها العالم غير تلك التي عرفها من قبل وعلى مدار قرن كامل من الزمان . تجدهم هنا , في اعزاز , من جمهوريات صربيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود ومقدونيا وكوسوفا وألبانيا .
تبلغ نسبة جهاديي البلقان في سوريا والعراق 6% من إجمالي عدد المجاهدين في البلدين . وتقول بعض المصادر إن 70% منهم غادروا عبر كرواتيا . وبالأمس صرح إبراهيم سيدو الناطق باسم شرطة كوسوفا إن عدد الجهاديين الكوسوفيين ربما تضاعف في سوريا حتى بعد موجة الإعتقالات الأخيرة التي طالت أربعين جهادياً وأكد أن أعداداً فردية من غنيلاني قد وصلت سوريا بالفعل . وانتقد كثيرون قيام شبيبة حزب هاشم تاتشي بدوسهم بأقدامهم على لفظ الجلالة واسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قبل حرقهم لراية الدولة الإسلامية . فمثل هذه الخطوة عملت على تعزيز الرغبة الجهادية لدى الشبان الذين يرون أن قادتهم هم من غير المسلمين وأنهم كفار يستوجب قتلهم . ويزيد من ذلك توسع المرتزقة الأصراب من أوكرانيا وحتى الشام لقتال الشعوب المسلمة إلى جانب الروس وهو ما يهدد كينونتهم بنشوء صربيا كبرى في البلقان حال قيام إسرائيل كبرى في منطقة الشرق الأوسط .