0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

من مأمنه يؤتى الحذر

    في الأردن هناك تنظيمات متطرفة تشكل تهديدا للأمن الذي يحتاجه المواطن والدولة والنظام. وهناك مؤيدون وأنصار مغرر بهم لتنظيمات غاية في التطرف والنزق والإنحراف عن المألوف تشكل بدورها تهديدا يضاف للتهديدات الأخرى وهي خطر داهم على عتبات أبوابنا. فبعضها ترعاه دول وتقف خلفها وشكلتها ودعمتها حتى باتت منتفخة لا تستطيع الدول الراعية الفكاك منها بل أصبحت تشكل خطرا على انظمتها وعلى الآخرين. وهذا يعود للدوافع غير النبيلة التي بسببها تشكلت هذه التنظيمات فانقلب السحر على الساحر ووقعت تلك الدول الراعية والداعمة بشر أعمالها.
لدينا “الإخوان” كأكبر تنظيم تشكل ودعم وترك يكبر ويكبر وأريد له أن يكون المناوئ للمد الشيوعي وحركات القومية العربية والأحزاب التقدمية والتي كانت تنادي بإطاحة الأنظمة. وها هو تنظيم الإخوان ومن خلال حزبه بات يشكل مصدر قلق مزمن للنظام والدولة ويكاد يكون اللاعب الحزبي الوحيد على الساحة الأردنية الذي ينفرد بمقاليد المعارضة وما غيره من الأحزاب الكثيرة إلا أوراق تزين حبال المعارضة ما أن تعصف الرياح حتى تراها تتطاير وتتناثر وتختفي من المشهد.
وهناك من التنظيمات النائمة التي ” تنهض” بعدما يعلو صوت غيرها ويكون بالمناخ العام متسعا للتحرك والمطالبة والتأييد والمناصرة مستأنسة “بصحوة” هنا أو هناك ومستثمرة المنغصات المتراكمة على المواطن سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. وعندها تزيد الأعباء الأمنية على الدولة التي هي الأخرى لا تتوقف عن زيادة الأعباء على المواطن فيصبح الهم أمنيا بامتياز مما يرمي بضلاله على جميع نواحي الحياة.
أجهزتنا الأمنية التي نثق بها ونفاخر لا شك تعلم مكامن الخطر ومواقع ومخابئ هذه الخلايا النائم منها والصاحي وهي قادرة على جلبهم ومحاكمتهم. لكن للأسف رغم معرفة الأجهزة الأمنية, يتم التسويف والإنتظار حتى تخرج للعلن والتلويح بالتصعيد فيزيد القلق ثم بعدها تقوم الأجهزة الأمنية بإعداد العدة وينشغل البلد بالإشاعات وتبدأ صالونات عمان بالإستعداد للبحث عن الأدوار والتملق والتزلف هما سيدا المشهد. وهناك وللأسف من هم بين ظهرانينا ويغذون مثل تلك التصرفات التي تخرج عن المثل والقيم والقناعات المتأصلة النبيلة عند الأردنيين الغيارى على وطنهم ووحدتهم وأمنهم. فالأردني الغيور لا يساوم على أردنه ولا يقبل بحماية غيره بل روحه رخيصة أمام من يحاول العبث والمساس بوطنه ولديه من الإرث ما يشهد على بذل الروح ليبقى الأردن وطنا عزيزا بهمة أبنائه.
لنا عبرة بالمثل الأردني القائل : “دق الحديد وهو حامٍ” إذ يدعونا لمعالجة الأمور والقضايا والأخطاء حال حدوثها وإلا استعصى العلاج. أما الإنتظار وسياسة النفس الطويل لا يجديان في كل الظروف. والفساد الذي ترك ينمو خير شاهد على ما نقول. ولا ننسى أن الأمر متعلق بوطن وشعب وهما المتضرران والخاسران بنهاية المطاف.
لقد حذرنا مرارا من التسويف ودعونا للإنقضاض على بؤر الإزعاج حتى لا تتطور لقلق والقلق يؤدي للمواجهة وهذه الأخيرة تتحول لإراقة الدماء وخلق حالة من عدم الإستقرار. فعندما يتعلق الأمر بأمن الوطن فلا مكان للمهادنة ولا مجال للحوار ولا قبول بالعابثين. وقد نصحنا عدة مرات أن الفأس بعد أن تقع بالرأس لن تجدي الحلول بل الخسارة ستكون كبيرة. لكن يؤسفنا القول أن الحكومات لا ترينا إلا الجانب المظلم فهي تتعامى عن الحلول حتى تبقى أسباب الحركة والإنشغال موجودة والتي غالبا ما تساعد على بقائها وإطالة عمرها.
هناك “داعش” بجوارنا تتمدد وتبث الرعب والخوف في نفوس أهل المنطقة والذي تشكل بزمن قياسي وترعاه دول ظنت أنها بمنأى عن الخطر حتى باتت هي نفسها على رأس قائمة الإنتقام, فوجب الخلاص منه.
عندما تتراكم الأخطاء والعثرات والقرارات المتسرعة ثم نصحو متأخرين سيكون الثمن باهظا وما كنا نود من حكوماتنا إلا أن تدق الحديد وهو حامٍ حتى يسهل عليها العلاج وتدبير الأمور لكنا لسنا متفائلين بالوجوه التي تتقلب على الحكومات. فالثقة مفقودة والإرادة مسلوبة والعزم غير مفعّل وهي تعمل بعيدا عن الشعب وتدور بفلك من لا يريدون الخير للوطن ولا نية لديها للمبادرة الإيجابية.
وما نراه واقعا ملموسا أن هبات الحكومة واندفاعها يظهران فقط عند التعاون مع دول أخرى تحقق مصلحة لتلك الدول أكثر مما تحققه للأردن. فنراها تبذل كل ما بوسعها لتحقيق المصالح للآخرين. أليس للمواطن متسع كي تندفع الدولة مثلما هي مندفعة الآن؟؟ كنا نتمنى هذا الإندفاع وهذه الهبة عندما يداهم الخطر بكل أنواعه الوطن والمواطن, وما أكثر المداهمات عليك أيها الوطن إذ لا وقت لدينا لغلق أبوابنا.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com