شمًّاعة اسمها إيران!
حين تقرأ بعمق عن الحيثيات الموجودة في منطقتنا أو ربما في العالم أجمع, تجد من أمامك ومن خلفك, ومن يسارك إلى أقصى يمينك, تجد دولة خفيفة في الميزان ثقيلة على اللسان, أَلَا وهي دولة (إيران), وإذا ما حاولت الإفلات من توجّسات هذه الدولة التي باتت حديث عامة شعوب المنطقة, وأن فاتك الحديث عنها نهاراً فأنك محكوم بكوابيس ليلية من العيار الثقيل لتفيق بعد ذلك مذعوراً..خائفاً..مرعوباً, والأدهى والأمرّ من ذلك, أن البعض قد يفاجئك بالحلف بالطلاق ثلاثاً مع التحريم, على أن إيران هي سبب هذا (الكابوس) المستمر دون توقف.
كيف لا, وتقف أمامنا شمًّاعة فارسية طويلة القامة لنضع عليها كثير من الإسقاطات الواهية بعد تلقيحها بدبابير المغضوب عليهم والضالين معهم.
فإذا ما اتجهنا شرقا نجد من يقول لنا أن إيران موجودة بكل ثقلها في قلب العراق, وإذا ما زحفنا جنوباً نجد من يقول لنا أن إيران تتألق في اليمن, وإذا ما سافرنا من الجنوب إلى الشمال نجد من يقول لنا أن إيران موجودة في خاصرة سوريا وتمتد بأذرعها إلى الرئة اللبنانية, وأكثر من ذلك نجد من يقول لنا أن أنفاس إيران وصلت إلى أحضان ليبيا,..اليس كل ذلك يقع تحت عنوان شمًّاعة اسمها إيران!
والسؤال الكبير, هل كل هذا التوجّس بمثابة وهم وخيال أم أنه بمثابة حقيقة وواقع؟
وقد نذهب بعيدا شيء ما لنصل إلى جيراننا الإسرائيليين, فقد باتت حجة التسلح بعد أن تجاوز الإسرائيليون ما يسمى بـ(الرواية العربية) المزعومة لتحرير فلسطين, باتت من أجل المد الإيراني, حيث تلمّس الإسرائيليون مجدداُ ذلك الهاجس من الشمال مستشعرة بحزب الله, ومن الجنوب مستشعرة بحماس,..ونسأل هنا, اليس كل ذلك يقع تحت عنوان شمًّاعة اسمها إيران!
وأكثر من ذلك, فإذا ما قفزنا إلى الأجواء الأمريكية فإننا سنجد أن الساسة الأمريكان قد أسسوا لشمًّاعة داخلية أمريكية علقوا عليها تقسيم أمريكا (أبيض/ أسود) بحجة شمًّاعة مواجهة إيران, وأخرى خارجية مماثلة علقوا عليها الذعر والخوف والرعب لشعوب المنطقة أسمها شمًّاعة المد الايراني, الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى تغيير قواعد اللعبة بشكل جذري, وصدى قواعد هذه اللعبة في نهاية المطاف سينعكس سلباً على كل بيت عربي, كيف لا والبيت العربي هو أوهن البيوت.
ونسأل كيف علّق البعض ثوبه على شمًّاعة إيران؟
العرب مثلا علّقوا ثياب تفاهمهم مع إيران على هذه الشمًّاعة من زاوية المذهب, والإسرائيليين علّقوا ثياب تطبيعهم مع الدول العربية على هذه الشمًّاعة من زاوية الدفاع المشترك, والأوروبيين علّقوا ثياب شرقهم الأوسط على هذه الشمًّاعة من زاوية الابتعاد عن الأجواء الملتهبة مكسب, في حين أن الأمريكيين علّقوا ثياب حل الدولتين على هذه الشمًّاعة من زاوية خطورة امتلاك الذرة.. فانقسمت أمريكا.
الاتراك والصينيين والروس كانوا الاذكى في المعادلة وبالذات في الجانب السياسي والاقتصادي حيث انهم حوّلوا تحديات (شمًّاعة إيران) إلى فرص نجاح, وقد يتساءل البعض كيف تم ذلك؟ الجواب الذي لا يحتمل التأخير تجدونه في ملف انقسام الشعب الأمريكي ما بين ديمقراطي وجمهوري اولاً, والانقسام في الحزب الجمهوري نفسه بين مع ترامب وضده ثانياً.
وبعد,,
علينا أن ننفض غبار ذعرنا وخوفنا ورعبنا من دولة إيران لننطلق من جديد, فشمًّاعة إيران كالحمل الكاذب.. يشمل جميع أعراض الحمل عدا الوجود الحقيقي للجنين في الرحم, والمضحك المبكي أن بعض العرب بيننا ما زالوا (يتباهوا) وينتظروا لقاح إيران, فكيف بـ(القرعة) أن تتباهى بشيء وهي لا تمتلكه!
كتب . د. رشيد عباس