0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

غزة – المقاومة سبيلاً للردع ومدخلاً للتحرير

 
 
إن غزة التي انتصر فيها اليوم الدم على السيف تصدت للعدوان الهمجي الصهيوني انطلاقاً من عقيدة ثابتة وإرادة قوية فصمدت وصبرت وضحت.. استنادت إلى إرادة شعبية بلورتها رؤية ثورية واضحة أنضجتها التجارب، بهدف الوصول بالشعب الفلسطيني إلى الدفاع عن نفسه في الحدود الدنيا لممارسة هذا الحق، وللتعبير عن التعلق بالأرض وحق العودة وتقرير المصير بحرية تامة فوق التراب الفلسطيني المحرر، ونيل الحرية بعد كل هذه العقود من المعاناة والتضحيات والشكوى التي لا يكترث بها أحد، واستندت غزة إلى خيار المقاومة بوصفه سبيلاً للردع ومدخلاً للتحريرالتي تتصل بحقوق أساسية للشعب الفلسطيني على رأسها حق العودة. وقد فرض هذا الخيارذاته وشروطه ومناخه وأدواته على المقاومين والحاضنة الشعبية بالدرجة الأولى، فكان تصميم المقاتلين على امتلاك السلاح وتطويره وتعزيز القدرات والعقيدة القتالية وإيجاد الحاضنة الشعبية الفلسطينية للمقاومة، والسعي المستمر لتوسيع نطاق هذه الحاضنة وتحصينها بحاضنة عربية وإسلامية تلتقي معها استراتيجياً في الخيار والأهداف والوسائل وفي ضرورة امتلاك القوة لمواجهة العدوان بقوة ردع توقفه عند حدود وتحوله من حالة مد إلى حالة جزر لتتحول هي من مواقع الدفاع إلى مواقع الهجوم، لأن استرداد الأرض والحق وتحقيق حلم العودة وإنهاء مأساة الشعب الفلسطيني لا يتم إلا بدحر العنصرية والإرهاب والاحتلال.. ولم يضع المقاومون في غزة وقتاً بل استثمروا في الوقت والجهد والمعرفة والعلم والتقنية في حدود ما يستطيعون عبر حصار خانق وعدوان متجدد، فامتلكوا أنواعاً من الصوايخ وقدرات على تصنيع بعضها وتطويره، وتدربوا على العمل العسكري المناسب الذي لا بد من امتلاك خبرة في مجالاته لمواجهة قاعدة عسكرية عنصرية متقدمة هي الكيان الصهيوني برمته.. ولم يكن ذلك سهلاً، ولم يكن ممكناً لولا قوى عربية وإسلامية استجابت لهذه الرغبة باقتناع تام بالخيارات والوسائل، ولم يكن ذلك ليتم لولا تنسيق المقاومة على الأرض مع الحاضنات العربية والإسلامية التي هددتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية أخرى بسبب دعمها للمقاومة، ومنها سورية وإيران والسودان وحزب الله كانت تتضامن مع المقاومة وتدعمها بأشكال عدة .. كما لم يكن ذلك مما يمكن أن يبقى ويصمد ويستمر في الظروف الفلسطينية والعربية التي نعرفها جميعاً لولا الإيمان والتصميم واستناد الرؤية والخيار المبدئية إلى تجربة مرة ومديدة أوصلت المعنيين بالأمر، قيادات وقواعد، وأوصلت شرائح من الشعب الفلسطيني قبل كل شيء وبعد كل شيء، إلى الثبات على هذه الخيارات والقرارات التي تكلف كثيراً ولكنها تشكل التربة التي تنمو فيها الرجولة والشجاعة واالكرامة والعقيدة القتالية وكل ما يؤسس للدفاع عن النفس ورد العدوان والسير في طريق التحرير واستعادة فلسطين، كل فلسطين، من البحر إلى النهر، ومن رأس الناقورة إلى رفح.. لتعود كما كانت تاريخياً وطناً للشعب الفلسطيني العملاق في تضحياته الكبيرة وتطلعاته المشروعة ونضاله الطويل.
إن هذا يستدعي ممن يختارون المقاومة منهجاً وطريقاً أن يؤسسوا للمرحلة القادمة التي تتطلب استقطاب الشعب الفلسطيني حول هذا الخيار،
إن هذا الخيار يتعارض مع خيار فصائل مقاومة وشرائح من الشعب الفلسطيني، ومن ثم فإن علينا أن نقرأ تطلعنا جميعاً إلى وحدة الشعب الفلسطيني في ضوء الأهداف البعيدة والخيارات المبدئية المؤدية إلى تلك الخيارات ومنها خيار المقاومة
إن من يختار المفاوضات وحل الدولتين وفق المنظور المتاح، وهو منظور “صهيوني- أمريكي” وعربي وفق المبادرة البائسة، ولا يصل حتى إلى ذلك الخيار البائس.. لا يمكنه أن يقبل بالمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني سبيلاً، لأن أهم ما يطلب منه ليتحقق له السير في هذه الطريق وهو ما أعلنه ويعلنه التزاماً بذلك، أن ينبذ المقاومة التي وصفوها بأنها “إرهاب”، وأن يقبل إرهاب الدولة الصهيونية العنصرية بوصفه دفاعاً عن النفس وملاحقة مشروعة لقوى وتنظيمات فلسطينية تتهم بأنها منظمات إرهابية.. وهذا أكثر من عجيب وغريب ومريب. ومن هذا المدخل ينبغي مقاربة موضوع وحدة فصائل وتنظيمات الشعب الفلسطيني “الواحد الموحد في الآمال والتطلعات والمعاناة”، وطرح الأسئلة حول مآل القرارات والاتفاقيات والتفاهمات التي تمت بين الفصائل بوساطة عربية من مكة إلى القاهرة إلى.. إلى.. لتوحيد الصف .. فعلى أية أسس وتحقيقاً لأية أهداف واستراتيجيات وبأية وسائل وأدوات يتم ذلك في العمق السياسي- الاستراتيجي.؟ إن بناء الثقة بين الأطراف المعنية مهم ويمكن أن يتم ولكن أساس كل شيء هو الأهداف والسياسات والاستراتيجيات والخيارات ..
إن وحدة الشعب الفلسطيني مطلب رئيس للفلسطينيين والعرب، وهو مطلب محفوف بالكثير من الأسئلة والعقبات التي تتصل بجوهر قضية فلسطين وبالسياسات والخيارات المؤدية إلى السير في نهج مناسب لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني كاملة، وليس لبعض تلك الأهداف المتصلة ببعض الأرض وبعض القدس وبعض الحقوق.. فنحن في فلسطين شعب ولسنا بعض شعب، ونستحق ما تستحقه الشعوب، وقد قدمنا الأدلة والتضحيات وكل ما يؤهلنا للوجود المستقل الحر الكريم في دولتنا ذات السيادة التامة التي لا نفرق فيها بين شخص وشخص على أساس عنصري أو ديني أو عرقي أو طائفي من أي نوع، كما يفعل العنصريون الصهاينة اليوم بشعبنا وفوق أرضنا.؟!
بقلم جمال ايوب