فى مثل هذا اليوم قد عدنا
ما اشبه الليلة بالبارحة، فالتاريخ يعيد نفسه، فقد يختلف الزمن و لكن ساحة المعركة واحدة، و الاعداء هم نفس الاعداء و المنتصر هو نفس المنتصر .
فى 1968م صرح “موشى ديان ” وزير الدفاع الإسرائيلي لجريدة تشرين اللبنانية إذا استطعنا اسقاط عسكر ” جمال عبد الناصر ” فى بئر الخيانة وتصعيد الإخوان الى سدة الحكم فى مصر، سنشتم رائحة الموت والدماء فى كل بقعه من أراضى مصر، فلتكن تلك هي غايتنا وحربنا بمساعدة أصدقائنا الأمريكان .
و فى 1993م يقول ” شمعون بيريز ” فى كتابه ” الشرق الاوسط الجديد ” و هو يشير على الانظمة العربية ” سنسقط تلك الانظمة عن طريق اضرام النيران بداخلها بايدى شعوبها ” . و بعد غزو العراق2003م قال جورج بوش : لقد اخطائنا بدخولنا للعراق فمفتاح المنطقة بمصر و ليس فى العراق و أن المنطقة العربية ستخضع باكملها الى مرحلة دمقرطة، ليأتى بعدها العام المقبل أى عام 2004م و يعقد حلف الاطلسى اجتماعه باسطنبول و يعلن قادة الحلف عن مبادرة اسمها ” تركيا و الشرق الاوسط الجديد ” و تم تحديد دور تركيا فى الخريطة الجديدة للمنطقة، و بعدها بعامين و بتحديد بعد حرب تموز 2006م، تم ترسيم حدود النفوذ الفارسى على خريطة المنطقة الجديدة، و صرحت بعدها ” كونداليزا رايز ” بأنه لا مفر للتعجل من تنفيذ خطة الشرق الاوسط الجديد . و بنفس العام يقول رئيس وكالة المخابرات الأمريكية CIA السابق “جيمس وولسي” سنصنع لهم اسلاما يناسبنا، ثم نجعلهم يقومون بالثورات ثم يتم انقسامهم على بعض لنعرات طائفية و من بعدها قادمون للزحف و سوف ننتصر .
و فى 2009م وجه ” اوباما ” دعوة لقيادات الاخوان المسلمون فى مصر لحضور الكلمة التى سيلقيها فى جامعة القاهرة، ثم تصرح بعدها كونداليزا رايز : ان امريكا لا تمانع من وصول الاخوان للحكم .
و فى 23 يناير 2011م فى سابقة هى الاولى من نوعها محرك بحث جوجل يرسل رسائل خاصة على البريد الالكترونى Email ) ) للدعوة بالتظاهر يوم 25 يناير . و فى يوم 28 يناير أثناء قطع الانترنت، جوجل يرسل لنشطاء بعينهم شفرات الاقمار الصناعية لكى يتم استمرار التواصل بينهم . و فى نفس اليوم يتم ضرب اقسام الشرطة المصرية فى وقت واحد و بشكل واحد، و يتم فتح جميع المعتقالات التى بها اعضاء من جماعة الاخوان و حماس و حزب الله، و بعدها يظهر الهاربين من حركة حماس بـ 5 ساعات صوت و صورة حية على قناة الجزيرة، و هم فى قطاع غزة، بعد ان تم اتصال مباشر من قناة الجزيرة بعملاء الشيطان اعضاء مكتب الارشاد الهاربين من سجن وادى النطرون، و الذى كان محكوم عليهم بقضية تخابر مع الـ CIA . و فى يوم الجمعة 4 فبراير يخطب لاول مرة الفارسى ” خامئنى ” فى طهران باللغة العربية أثناء صلاة الجمعة ليحمس ثوار الخريف العربى، و يصرح بعدها ” يا احفاد حسن البنا تقدمو و استولو على السلطة “
ثم تتحرك أكثر من سفينة حربية امريكية تجاه السواحل المصرية لوضع السكين على رقبة مصر المحروسة و فرض الفوضى عليها، ثم يخرج بعدها العثمانى ” أردوغان ” و يطلب من الرئيس ” مبارك ” التنحى، ثم تعيدها ” هيلارى كلينتون ” بأشد حدة، حتى توقفت عقارب الساعة يوم 11 فبراير 2011م مع خطاب ” حورس ” الخطاب الذى سماه من فى الداخل خطاب التنحى، و فى الخارج قالو عنه خطاب النهاية، نهاية مصر، و لكن حقيقية الامر هو خطاب يتلخص فى جملة واحدة و هى ” فاصل و نعود ” .
و تمر الساعات كالدهر على شعب أستشعر أن تاريخه و حضارته أصبحت فى مهب الريح، و مع سرقة المتحف المصرى و تهريب أهم الاثار خارج مصر، أستحضر الجميع صورة العراق فى 2003م بعد أن تم سرقة تاريخه و شعبه أيضا، و بات الرعب يدب فى قلوب المصريين خوفا من نفس المصير المظلم، و بات الاخونة و المتأمرين داخل البلاد و خارجها يخططون للتمكين من حكم مصر، حتى صار الكل يتقاسم فى الغنيمة، بعد أرتدئهم أقنعة الملائكه، و بات من فى الخارج ينظر لما بعد مصر، فالطريق ممهد لاقحام الخليج العربى فى الفوضى، و صار كلا من الفارسى و العثمانى يتعجلا الشيطان الساكن بالبيت الابيض على نصيبهم من المشاركة فى ذلك المخطط منذ سنوات و قد جاء وقت الحصاد بنسبة لهم، و لكن كان وقت تقسيم غنيمة الشرق الاوسط الجديد بعد التمكين من مصر، و وصول عميل الشيطان الى سدة الحكم بها، و هنا يضع الشيطان السكين على رقاب المحروسة مرة أخرى ليرجح كافة عميلهم أثناء الجولة الثانية من الانتخابات المصرية، ففى ذلك الوقت كان يجب أن تعلن ” إيزيس ” وفاة ابنها الحارس الامين ” حورس ” بعد أن تمزق جسد الوطن، جسد أبيه ” أوزيريس “، و أن يختفى جميع كهنة المعبد من الساحة، و أن يرى الجميع أن مصر قد سقطت بلا رجعة، فكان هذا هدف الشيطان الاكبر، حتى توقف الحبر على ورق البردى . و هنا وجد الفارسى هلاله قد أكتمل الى بدر، و أرتدى العثمانى تاج الخلافة مجددا، و توهم الشيطان أنه من يكم مصر من الالف الى الياء، و أن مصر سقطت بلا رجعة، حتى يمر عام كامل من حكمه لارض الكنانة، ليتفاجأ أمامه بأكثر من 34 مليون مصرى فى الشوارع يهتفو بسقوطه فى اكبر تظاهرة فى التاريخ، لتهتز جدران بيت الشيطان الابيض، مع كل خطوة يتخطاها شعب مصر العظيم فى مرحلة عبور جديدة لا تقل أهمية عن عبور 1973م، فالعدو كان واحد و من يحركهم أيضا واحد . ليكتشف الشيطان أنه يسقط من عرشه، و يتساقط معه حلفائه بمشاريعهم التوسعية، حتى أتى يوم 3 يوليو 2013م ليخرج الاسد من عرينه و يطلق خطابه الشهير، خطاب عزل عميل الشيطان، و هو خطاب يلخص فى جملة ” لقد عدنا ” نعم لقد عادت مصر، ليفتح الشيطان التابوت الذى صنعه و دفن فيه الفرعون بيده ليكتشف أن عميله هو الميت داخل التابوت و ليس الفرعون . ففى مثل هذا اليوم قد عادت مصر، و أن كانت المؤامرة أنتهت و عميل الشيطان دفن، فأن الفرعون مازال لديه الكثير لم يكشف بعد، فاذا كان عمر مصر يفوق نجوم السماء و رمال البحر، فأسرارها تفوق عدد حجارة الاهرامات .
فادى عيد
الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية
fady.world86@gmail.com