الرد على الإساءات غير ممنهج
لا يوجد مسلم عربي أو غير عربي يقبل أو يتقبل أن يساء إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأي شكل من الأشكال, وكما أن لأنبياء الله عيسى وموسى عليهم السلام مكانة عند المسيحيين واليهود فإن لنبي الله مكانة رفيعة عند المسلمين كافة, ومن المؤسف هنا أن ظاهرة الإساءة لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم أصبحت تتكرر بين الفينة والاخرى في الغرب, وتكون أكثر قساوة إذا ما بدرت من شخصيات عامة ومعروفة, والسؤال هنا, الم يدرك هؤلاء أن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم نبي المحبة والسلام؟ الم يقرأ هؤلاء أن القرآن الكريم خاطبه (وإنك لعلى خلق عظيم)؟ الم يقرأ هؤلاء أن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم قال: إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق؟
المقاربة الجميلة هنا, أنه وفي كل مرة يتم فيها الإساءة لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم نلحظ أن العديد من أمة محمد تعود من جديد إلى الدين الاسلامي الحق, والأبعد من ذلك أننا نلحظ أيضا أن كثير من الغربيين الأجانب يقوموا بقراءة سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم, وعلى مبدأ (ربّ ضارّة نافعة), فان مثل هذه الإساءات قد تكون سببا في نشر الدين الاسلامي لدى الغرب, وتعميقه في نفوس العرب المسلمين في جميع انحاء المعمورة.
وهذا لا يعني أبدا أن يبقى العالم الإسلامي مكتوفي الأيدي, إنما عليه أن «يمنهج» الرد, من خلال تشكيل هيئة رد إسلامي تتبنى هذه الهيئة آليات الرد بعد دراسة شكل ومضمون الإساءة, فتخبط العالم الإسلامي في ردود الفعل المتناثرة هنا وهناك لا يغني ولا يسمن من جوع, فمثل هذه الردود العشوائية المتناثرة هي التي عملت على تكرار مثل هذه الإساءات, مع التأكيد دوما أن العنف ومن جميع الأطراف غير مقبول على الإطلاق, ولا يجوز اللجوء اليه, فالفكر يحاجج بالفكر وليس بالقوة, فالقوة هي سلاح من لا يمتلك الحجج والبراهين.
الغرب يعيش فيه ملايين المسلمين, والشرق فيه مصالح عديدة للغربيين, والعالم بات قرية صغيرة تحكمها (العولمة), وأن أبواب ونوافذ حوار الديانات مفتوحة على مصرعيها, وأن من ابسط مبادئ هذا العصر اللجوء الى الحوار والنقاش, وقبول الرأي والرأي الآخر, واحترام الآخر, فالإنسان اليوم لم يعد يقاوم الأمراض, ولم يعد يتحمل الحروب, نعم الإنسان اليوم لم يعد قادرا على المناكفات الدينية, أو الاقليمية, أو المذهبية, أو الطائفية, فقد بات الإنسان أضعف من ذبابة تحلّق فوق عبوة Pif Paf.
الإساءة لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام تحتاج إلى توحيد الصف الإسلامي, والعمل على صياغة خطاب ديني موحد, وليس خطاب شاعري أو خطاب غنائي أو خطاب عاطفي أو تجمعات صف كلام كصف الحروف, فالغرب يفهم لغتين لا ثالث لهما, لغة القوة وهذا غير متوفر لدينا اليوم, ولغة الخطاب الديني المبني على حوار الأديان, معتقدا ان اللغة الثانية غير متوفرة لدينا أيضا لكن يمكن التأسيس لها, فالعالم الاسلامي للأسف الشديد لم ينشئ رجال دين قرأوا القران الكريم بعمق, ودرسوا سيرة النبي عليه السلام بوعي واستنبطوا منهما آليات الجدل الديني الذي أراده الله ورسوله وليس الجدل البيزنطي, قال تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون).
أدوات بـ(التي هي أحسن) هي المتوفرة أو التي يمكن التأسيس لها اليوم, كيف لا والآية الكريمة السابقة تخرجنا من دائرة الفطفطة والنطنطة الفارغة وتضع لنا منهج قويم للرد القوي على أهل الكتاب وربما غيرهم, ونحن مدعوون دينيا للانصياع لمثل هذه الآية, فهي تمثل دستور ديني متكامل البنود للرد على أولئك المغضوب عليهم والضالين منهم.
كتب. رشيد عبّاس