0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

ابن الرئيس

ابن الرئيس / محمد بدر
اعتدنا أن يكون لابن الرئيس ” أيّ رئيس ” مكانة خاصة ووضعا مميّزا . ولم لا ” فابن الشيخ شيخ ” . والناس مقامات . وليت الأمر يقتصر على الابن ، فقد يمتد ويتّسع ليشمل العائلة والأصحاب والأحباب وكلّ من يمّت إلى الرئيس بصلة ، ومن ” يُتوّهم ” أنّ بينه وبين الرئيس نسبا أو صهرا .
فهل كان يُتصوّر أن يقف ابن القذافي ” كمثال ” في طابور الباحثين عن عمل . ويتقدّم بأوراقه ــــ التي يجب أن تكون كاملة ــــ . فإذا وصله الدّور وحصل على وظيفة بدأ فيها كما يبدأ بقية ” المواطنين ” ، ثم تدرّج بشكل طبيعي لعلّه يصل بجهده ومثابرته ” بعد عمر طويل ” إلى رتبة مدير عام . وينتظر كباقي خلق الله آخر الشهر ليحصل على الدّخل المقرر لنظرائه .
ذلك لا يُتخيّل حتى في أحلام اليقظة . فما حاجة ابن الرئيس للعمل ؟ فخزائن الدّولة تحت أمر الرئيس وحاشيته . بل ما حاجة ابن الرئيس للتعليم والشهادة ؟ إلا كنوع من المناظر والمظاهر ، فمكانه محجوز وقيمته محفوظة .
ولكن يبدو أن الزمن قد تغيّر ، فقد كبر الصغار وبلغت الشعوب رشدها . فلم يعد لابن الرئيس بل للرئيس نفسه ميزة أو استثناء . كلّ هذه الهلاوس مرّت في الذاكرة وأنا أُتابع خبر تعيين ابن من يحلو لكاتبةٍ محترمة تسميته ” عزيز ” مصر في وظيفةٍ عامّة .
فقد تناقلت وسائل الأعلام خبر تعيين ابن الرئيس المصري في وظيفة بعد أن تقدم بطلب واختبار فاز فيه على سواه . إلى هنا فالخبر عادي ويحدث مثله آلاف الحالات يوميا . أما غير العادي فهو تداعياته . فبمجرد الإعلان عن الخبر قامت قيامة وسائل الأعلام ، فكأنّ ذلك أعطاهم مبررا آخر للهجوم على الرئيس وأسرته .
قد أتفهّم أن يكون هناك تساؤل عن سرّ اختيار ابن الرئيس بالذات للوظيفة ، وهل كان هذا الاختيار عن جدارة واستحقاق أم لكونه ابن الرئيس ، وهل في الأمر مجاملة واستغلال نفوذ . ولكني لا أتفهّم الطلب من ابن الرئيس التّخلّي عن فرصة العمل والتّعفّف عن الدنيا وزينتها . وكأنّ المطلوب من ابن الرئيس ” لكونه ابن رئيس ” أن يبقى عاطلاً عن العمل ينتظر مصروفه من والده . فما كان من الابن إلا أن يتنازل عن الوظيفة ويجلس في بيته يملأ قلبه الغيظ على الرئاسة وما جرّته عليهم من مصاعب ومصائب .
هذا حالُ من ينتقل من النّقيض إلى النّقيض . فنحن قومٌ لا توسُّطَ بيننا فإما الصّدرُ أو القبر . فمِنْ تمسُّحٍ بأعتاب الرئيس ومباركةِ توريث الأبناء والسكوت عن فسادهم ومساعدتهم عليه ، إلى استكثار أن يكون لابن الرئيس وظيفة عاديّة وبراتب معروف .
كان المأمول أن يعمّ هذا ” الوباء ” ولكن بشكله المخفّف وتطبيقه المتوسّط . فكما أنّه ليس مقبولاً توريث المناصب وتدويرها وتخطّي الغير والقفز عن الحواجز والتّنقل بين المناصب ، ليس مقبولا أيضا أن يُعامل ابن المسؤول أقلّ من أقرانه ولا يأخذ فرصته .