0020
0020
previous arrow
next arrow

" الاقتصـاد يتعـافى والشَّـعـب يحتضِــر "

((بسـم الله الرحمـن الرحيـم))
” الاقتصـاد يتعـافى والشَّـعـب يحتضِــر “
بقلم: الأستاذ عبد الكريـم فضلو العزام
قبـل أيام أعلـن دولـة رئيـس الوزراء وتَبِعَـه أعضاء الحكومة: أن الاقتصاد الأردني بدأ يتعافى وأن مؤشِّـرات النمـو الاقتصادي على ارتفاع كما أعلن مِراراً عـن ازدياد كبيـر في رصيد البنك المركزي من العملات الأجنبيّـة.
أمام هذه التصريحات لا بُـدَّ لنا أن نتَعـرَّف على مُقـوِّمات هذا النمـو المُفاجِيء والزيادة في الأرصِـدة والتي جاءت كلها في العاميـن الأخيريـن بعد أن تسلَّم رئيس الحكومة الحالي الرَّاية، وغَيَّـر الميمنـة إلى مَيسَـرة، والمُقـدِّمة والمؤخّـرة، وبدَّل القادة بِمَـن هو أكفأ وصاحب سطـوة وسيطـرة وقُـدرة على التَّغييـر.
نعــم:
إنَّ هـذه التصريحات جاءت على ضوء إنجازاتِـه وإنجازات وزارتِـه التَّراكميَّـة والتي نعرض بعضها من باب التَّذكيـر للمواطن بعامَّة والقارِيء بِشكـل خاص:
1- لقد أغفلـت الحكومة الحاليَّة مثلما فعلت الحكومات السابقة جميعها؛ أغفلت وضع خريطة مفصلة مبنيَّة على دراسات مُحكَّمة تشمَـل كُـل ثروات الوطن ووضع مواقيت محدَّدة لاستخراج هذه الثَّـروات والاستفادة منها.
فإذا كانت الحكومة كذلك، فما هي الرَّوافِـد الحاليَّـة والمُتَـوقَّعة التي جعلت الاقتصاد ينمـو والأرصدة تكبـر؟
2- إذا كانت الحُكومة قد فَشِلـت باستقطاب الاستثمارات وبناء مشاريع إنتاجية جديـدة وفَشِلت في اختيار مديرين أكفياء للمشاريع الحالية، فكيف ينمو الاقتصاد وتزيـد الأرصِـدة؟
3- إذا كانت الحُكومة قد فَشِلت في إعادة الأموال المنهوبة من أيدي الفاسِدين ووضع الجُناة في غياهِب السُّجـون، وفَشِلَت في عَـدم نَشـر ذُنوب هؤلاء ولا حَتى مُفسِـدٍ واحِـد منهم وهم معروفون وفسادهم يُغطّي شِعـر الحَماسَة عِنـد عَـنتـرة. فمن أين للاقتصاد أن ينمو وأن يطمئِـن الناس لِقَـولِهم؟
4- إذا كانت الحكومة قد فشلت في وضع خطة لإعادة الشركات المسروقة تحت شعار التخاصية لتعود ملكاً للشعب والوطن فكيف لاقتصادنا أن ينمو؟
5- إذا كانت الحكومة قد فَشِلت في وَضع قانُـون “من أين لك هذا” حتى لا يظهر الأثرياء الذين بنوا شركاتهم من أموال الشَّعـب وحتى لا تُعِيـد للشَّعـب ثرواته المنهُـوبة ولتظل الثروة في يـد حفنة من السارقيـن. فكيف لنا أن نَثِـق بالنُّمـو والمستقبل؟
6- إذا كانت الحكومة قد فشلت في توظيف كُـل المِنَـح والمُساعدات في بِناء مشاريـع إنتاجيَّة وأكبر مثال على ذلك المنحة الخليجيَّة التي لم تستطِع الحُـكومة صرفها في مواعيدها ولا تزال أكثـر أموالها مرصودة دون صرف، وحرمت الشَّباب من مشاريع تُـوفر لهم فرص عمل فكيف ينمـو اقتصادنا ونُصدّق ما نَسمـع؟
7- إذا كانت الحكومة قد فشلت في ايجاد فرص عمل للشباب المُحبَـط رغم إمكانية توفيرها من مسربين على أقل تقدير:
أ‌- الاجتهاد في بناء المشاريع واستقطاب المستثمرين وإجبار القطاع الخاص الذي انتفخت بطونه على حساب الشعب واحتكار كل مُقَـوِّمات حياته ونهب موارِده وقُـوت يومِه، إجباره على ايجاد فرص عمل ومساعدة الدولة في مشاريعها المختلفة.
ب‌- الانتشار وتوسيع دائرة الاتصال مع الدول الشقيقة والصديقة لإيجاد فرص عمل للشباب التائه الحزين إضافة إلى طلب حقنا من مقدرات الأمة التي نحن جزء منها ونتحمل ضريبة الدم في خدمتها وخدمة اخوتنا العرب فيها دون مِنَّـة.
إذا كانت الحكومة قد فشلت في هذا فكيف لاقتصادنا أن ينمو ويستقِـر المجتمع؟
8- إذا كانت الحكومة قد فشلت في إيقاف زيادة المديونيَّـة، بل ضاعفتها في خلال عامين فكيف لاقتصادنا أن ينمو؟
أعتقد أن الحكومة تقرأ النمو الاقتصادي وزيادة الأرصدة من خلال نظامها الاقتصادي الذي أوجدته وانفردت به عالميَّاً، نظام يقوم على قيام الحكومة بالدخول إلى جيوب المواطنين لا ليطالوا وفرهم أبداً لأنه لا يوجد بها وَفـر ولكن ليأخُـذوا ما سيشتـرون به ما يسُـدّ رَمَـقَـهُـم.
نظام اقتصادي يَحِـق للحكومة أن تفخر به وأن يعنقـر رئيس الحكومة و كُـل وزير عقاله بهذا النظام الاقتصادي لأنه أعاد الشعب وأعني بالشعب طبقة الفقراء التي باتت تُمثِّـل 80% منه، أعادهم ليُقولبوا أنفسهم للعيش بنصف البطون وليطبخوا الحصى ليُسكِتوا أبناءهم، أعادهم ليلبسوا البنطال إلى الركب والأقمصة تكون شباحاً أو من بقايا البالات.
وإذا ألبسهم ذلك فتكون على اللَّحـم لا يوجـد تحتها أيَّـة ألبسـة داخليـة، أعادهم ليطبخوا على الحطَـب وبقايا الحيوانات ويسيروا بأحذيَـة يحسبُهـم أهـل السَّمـاء أنَّهـم يحتـذون، لكن أهل الأرض يَـرون باطِـن أرجلهم تضرب الشوك والحصى والتراب.
نظام اقتصادي أعادهم إلى أيام جيـرة الزواحف والحشرات في بيوتهم، كل ذلك لتظهر الحكومة ورئيسها أنهم أبطال زمانهم والمبدعون في الاقتصاد وتنميته وإنعاشه، هذا ما ظهر لهم لأنهم يفعلون كل هذا ولا يرون إلا حفنة من الاغنياء المتنفعين الذين يتفاعلون معهم ويثنون على أدائهم في حين الشعب كل الشعب يتلوَّى ويتضوَّر من الجوع وصدره صندوق مقفل يحتوي كل ألم الدنيا وحسرتها.
هذه هي صورة الشعـب الآن، ولا أعتقد أن الأغنياء باتوا شريحة من شرائح الشعب لأن الشعب يساعد بعضه بعضاً ولا ينمو بعضه على حساب بعض.
الشعب و سواده اليوم صار مرعوباً من المستقبل رغم تصريحات رئيس الحكومة ووزرائِه لأنه بات يرى القادم أعظم ومثال ذلك أنه أدرك كيف أن تقرير التخاصية جاء ليحضِّر لخصخصة قادمة تبتلع ما تبقى تحت الأرض وما فوقها مما لم يكن المخصخصون السابقون يعرفونه، وأدرك الشعب أدوار المُسَوِّقِيـن للخصخصة والذين يُسمَّـون عند الشعب “الدلَّالين” ومُفردها “دلَّال” وهو الذي يتواجد في أسواق البيـع (أسواق بيع الحلال وبيع الخضروات) لترويـج البضاعـة وبيعها مهما كان نـوع البضاعة ومقدار الثمن.
الشعب مرعوب لأن من يُهلِكـه ويقتُـل أطفاله وبهائِمه صار جُـزءاً من قدره.
يخاف منه كما يخاف من الآخرة لو لم يؤمن بالقضاء والقـدر.
الشعب هو ذا، والشعب هو الذي يعرف وضع نفسه ومستوى عيشه، والشعب هو الذي يعرف إن كان الاقتصاد ينمو أم لا، والشعب هو الذي يعرف ألمه ودرجـة قُربِـه من الهلاك، الشعـب هو الذي يعرف من يتلذذ على آلامه ويشرب بارد الشراب على جنازته ويريد أن يفعل به ما فعله أحد القادة المنتصرين عندما قتل سادات أعدائِـه ووضعهم في قليب (بئر) ثم غطَّاه بحصير وجلس عليها يأكل ويشرب وهو يسمع صوت حشرجاتهـم.
أرجو أن لا ينخَـدِع الشعب بهذه التصريحات فهي إبــر تخديـر حتى لا نرى تقصيرالمسؤولين عن واجباتِهـم ولانرى محاسبة من أوصلونا إلى هذه الحال وحتى نموت بأقـل درجـة من الألـــم.
الكاتـب: الأستاذ عبدالكريم فضلـو العـزام