لنتعظ … الحل بيدنا فهل نحن فاعلون؟
وكالة الناس – ماجد القرعان
بعيدا عن الاستعراط والإستضراط والمرط “مفردات شعبية “، وعن الشو والتنظير والبحث عن لايكات وحب الإثارة بخصوص وباء العصر جائحة كورونا الذي اجتاح دول العالم باستثناء نحو 17 دولة فقط؛ فان الحقيقة الاولى المسلم بها انه لم يتم حتى الان اكتشاف مصل مضاد لهذا الفيروس القاتل وحتى الصين التي تمكنت من الإنتصار عليه، لم تستخدم مضادا خاصا لهذا الوباء وانما كان بإتباعها اجراءات مشددة وفي المقابل اصابت الويلات دولا عظمى لم تٌحسن التعامل معه بالرغم مما تملكه من قدرات مالية وتقنيات عالية ومختبرات ضخمة وعقول صنعت اخطر الاسلحة الفتاكة.
فيروس كورونا (كوفيد 19) هو أخطر وباء يجتاح العالم منذ أكثر من مئة عام حيث كان أخر وباء فتاك ما سمي بالإنفلونزا الإسبانية الذي اجتاح العديد من دول العالم، وحصد ارواحا ما بين 40 الى 50 مليون شخص، ثم كان بعدها الأنفلونزا الآسيوية، الإيدز، انفلونزا الخنازير، أيبولا، التي اجتاحت عدد محدود من الدول ولم تكن بخطورة ما حصده حتى الآن فيروس كورونا والطاعون في حقبات زمنية سابقة وكذلك الإنفلونزا الإسبانية.
خلاصة القول وفي ضوء عدم التمكن من الوصول الى مضاد له فان التعامل مع المسلمات وخاصة مخرجات تعامل الصين مع الوباء قد يكون العلاج الأنسب مرحليا لتقليل خسائر العالم البشرية والاقتصادية، والتي سجلت بشهادة العالم انتصارا سياسيا وإعلاميا على الدول العملاقة وخاصة الولايات المتحدة وعدد من دول أوروبا، التي ثبت فشل انظمتها الصحية.
من متابعة الخطوات والإجراءات التي اتبعتها الصين في مواجهة هذا الوباء القاتل نجد ان الانسان كان العامل الأول والرئيس في نجاح الإجراءات وتمثل ذلك في التزام المواطنين طواعية وامتثالهم للأوامر التي فرضتها السلطات، وتاليا بعض المسلمات التي كانت وراء انتصار الصين التي جندت كل إمكانياتها وتعاملت بحزم من الجميع مواطنين ومسؤولين:
1- عزلت الناس في منازلهم ووفرت لهم كل سبل الحياة حتى لا يضطروا للنزول إلى الشوارع.
2- أصدرت نشرة صحية لجميع المواطنين الصينيين والمغتربين توصي بضرورة أن يلتزموا منازلهم وطالبت المؤسسات والشركات بان يعمل الموظفين من بيوتهم على اعتبار ان العزل المنزلي جزءا اساسيا لتحقيق الانتصار.
3- نظمت عملية خروج المواطنين لشراء احتياجاتهم الحياتية من المواد الغذائية والمواد الطبية الوقائية والأدوية المتوفرة ضمن شروط مشددة لا تسمح باقترابهم من بعض أو المخالطة.
4- وضعت خطة لعمل الفرق الطبية للقيام بعمليات الاستقصاء الوبائي واجراء الفحوصات وبحيث تصل جميع المناطق والأحياء والتجمعات السكانية وان تشمل الإجراءات الغرباء ايضا.
5- تم الاستعانة بفرق تطوعية من مؤسسات المجتمع المدني وتم اطلاق حملات التعقيم والزام المواطنين باتباع الإجراءات الوقاية من ارتداء الكمامات وغسل اليدين وشرب الماء بانتظام الى جانب الأعلان عن ارقام هواتف خاصة للتواصل معهم.
6- استخدمت طائرات بدون طيار مزدوّدة بكاميرا لمسح الشوارع وتنبيه المواطنين الذين ينسون ارتداء الكمامات ومطالبة كبار السن بالتوقف عن التنزه والتجوال في الشوارع والأماكن العامة دون غاية او سبب مقنع ليعودوا الى منازلهم فورا تحت المسائلة والمحاسبة القانونية وكانت هذه الطائرات تؤمن لغرف العمليات كل ما يجري من تجاوزات ليتم التعامل معها فورا.
7- تمكنت بهذه الأجراءات من عزل نحو 56 مليون مواطن وبعد ان كانت تتصدر دول العالم في عدد الوفيات والإصابات حيث بالكاد الآن تسجيل عدد محدود جدا.
في الاردن وبعيدا التسحيج والنكران وبشهادة المواطنين بمختلف توجهاتهم وحتى من يُصنفون انفسهم بالمعارضة، استبسل جلالة الملك في الصفوف الأمامية وقاد المعركة بحكمة وحنكة لم نشهد مثيلها في دول اخرى وغامرت الدولة الاردنية بجميع مقدراتها وامكاناتها المالية والمادية، في سبيل المحافظة الى سلامة مواطنيها باعتبارهم العنصر الرئيس لإعادة بناء الدولة، وعليه تمكنت الحكومة الاردنية من التعامل مع هذا الوباء باتخاذها ما يتطلبه الوضع من اجراءات فاعلة وناجعة، وذلك منذ اليوم الأول والذي بدأ بارسال طائرة خاصة الى موطن تفشي الوباء في الصين بناء على أوامر ملكية لأحضار طلبة ومواطنين اردنيين ليدعمها جلالة الملك بعد ذلك بتفعيل قانون الدفاع الذي يمنح رئيس الوزراء صلاحيات واسعة تُمكنه من اتخاذ ما يلزم من قرارات قد تتعارض مع بعض القوانين السارية.
لقد نجحت الحكومة وباسناد لا محدود من قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية الباسلة والجيش الثالث ” اطباء وممرضين وكوادر صحية ” في القطاعين العام والخاص الى جانب الخدمات الطبية الملكية في التعامل مع هذا العدو القاتل، الذي لا يُفرق بين غني وفقير وكبير وصغير ومواطن ومسؤول وكذلك في تحفيزها القطاع الخاص من شركات ورجال مال واعمال للانخراط بكامل قدراتهم في المعركة، واصبح يُشار الينا دوليا بالبنان رغم بعض المنغصات لاشخاص بعضها عن جهل وحسن نية والبعض عن غباء واستهتار وعدم مبالاة؛ غير أبهين لخطورة سلوكياتهم على المجتمع بوجه عام وعلى انفسهم واقرب المقربين اليهم بوجه خاص.
خلاصة الأمر اننا جميعنا مواطنين ومسؤولين مطالبون بتحمل مسؤوليتنا في هذه المعركة لنخرج من هذه المحنة وقادرون بعون الله على ذلك والخطوة الاولى تبدا بالتزامنا بكافة التعليمات التي تُصدرها الجهات المختصة، الى جانب عدم تهاوننا مع المنغصين توجيها لهم أو بتزويد الأجهزة المختصة بأية معلومات تخدم المعركة، وفي المقابل ان لا تتردد الحكومة بتشديد العقوبات على المتجاوزين الى جانب اتخاذ قرارات اقتصادية لتدور عجلة الانتاج وتسمح بعودة الحياة الى طبيعتها وذلك ضمن اجراءات ايضا مشددة تضمن عدم الإخلال بالمنظومة الصحية الواجبة على الجميع.