مأسسة التطوع وإدارة الأزمة
وكالة الناس – احمد غنيمات
الاردن كما باقي دول العالم يتعرض للازمات والظروف الطارئة والاستثنائية، والتي قد تؤثر على سير عمل المؤسسات مما يترتب عليها إدارة الازمة بظروف استثنائية، والتي تحتاج لتشكيل إدارة خلية لتلك الازمات، حيث ان إدارة الازمة بمفهومها الشامل تعني: الاستعداد لما قد لا يحدث والتعامل مع ما حدث.
وكما هي إدارة الازمة مهمة في تلك الظروف فان الاعمال التطوعية مهمة وفاعلة ايضاً، وبما اننا نعيش في بلد مليء بالطاقات والاعمال التطوعية الايجابية التي تخدم المصلحة العامة؛ فإن المبادرون لهم بصمات كبيرة في معالجة بعض الازمات والظروف الطارئة، فالوطن يملك الكثير من الطاقات والخبرات التي تقدم خدماتها المجانية.
فالتطوع وإدارة الازمة يجب ان يعملان بتكاملية وانسجام، وهنا لابد من التكاملية للحد من تشتت العمل التطوعي والوصول الى جهد منظم ومميز لتجاوز الازمة، ويكونا مكملين لبعضهما البعض في إدارة اية ازمة لتستفيد مؤسسات الدولة المنظمة والمتخصصة من بعض المبادرات التطوعية، واصحاب الخبرة من بعض المتطوعين واستغلال طاقاتهم وامكاناتهم وخدماتهم المجانية.
فالتطوع يعد غاية ووسيلة “غاية” لأنه يمثل الضريبة الوطنية التي يجب أن يدفعها كل مواطن لمجتمعه، و”وسيلة” لأنه في صوره المتعددة يمثل ما يشبه مدرسة حياة كبيرة تستوعب المواطنين جميعا ليكونوا متعلمين، وللأسف الشديد ولغاية هذه اللحظة لايزال العمل التطوعي عملاً عشوائياً ليس له مظلة قانونية؛ يعمل تحت إشرافها المتطوعون ولا حتى ميثاق للعمل التطوعي يحدد المعايير التي يجب على المتطوعين الالتزام بها، الأمر الذي قد يخلق إشكاليات عديدة وعلى جميع الأصعدة والتي منها التداخل مع اختصاصات مؤسسات الدولة بل؛ قد يصل الأمر إلى عرقلة عمل هذه المؤسسات والتعدي على صلاحياتها والتي هي الأساس في تقديم الخدمات للمجتمع وقد يؤدي إلى الوقوع في إشكاليات قانونية طالما أن هذا العمل التطوعي لايحكمه قانون.
وحتى لا يتحول التطوع من عامل مساعد إلى معرقل وعائق ونظرًا لتعرضنا لتحديات حالية وأخرى قد تكون مستقبلية قادمة، وحتى لا تكون بعض المبادرات التطوعية على شكل فزعات، فإنه لا بد من التأسيس لمنظومة قانونية تصحح مسار الاستثمار في العنصر البشري وتشكل مرجعية مهمة عند الحاجة للمتطوعين، والتي سوف تعمل على تحسين جودة العمل التطوعي والجانب الىخر والمهم لا بد من تأسيس منصة للعمل التطوعي تضمن توثيق الاعمال واصحاب المبادرات والاعمال التطوعية.
وهنا بات لزاما علينا في المرحلة القادمة انشاء وتأسيس منصة للعمل التطوعي تدار من خلال مؤسسة أو وزارة متخصصة للمتطوعين، ذات رؤية واستراتيجية تشمل جميع التخصصات وبالتنسيق مع كافة مؤسسات ووزارات الدولة، ويكون لها ميزانية خاصة وتكون هناك قواعد بيانات للمتطوعين من مختلف الاعمار والخبرات بناءًا على احتياجات الازمات التي قد تنشأ مستقبلا من ازمات صحية، سياسية ورياضية واجتماعية، او حتى ازمات مرحلية وموسمية كالظروف الجوية والظواهر الطبيعية والتي قد تؤدي الى اغلاق المحلات التجارية او الطرق اوغيرها، ويجب ان تكون هذه الجهة الحاضنة والراعية للتطوع مختصة بتدريب المتطوعين وتصنيفهم ومتابعتهم بشكل مستمر للاستفادة منهم بمختلف الظروف الطارئه كلٌ حسب اختصاصه.
وجميعنا نشجع المبادرات الوطنية والمساهمات المادية على مستوى القطاع الخاص والعام، والتي بدورها تهدف لتوفير وضخ سيوله ووضع امكانيات المتبرعين واصحاب المبادرات تحت تصرف الدولة، ومن المفترض والواجب ان تخصص مبالغ من تلك المبادرات والمساهمات لتفعيل الاعمال التطوعية ومأسستها وتصنيف كوادرها وتدريبهم لتقوم بأدوارها على اكمل وجه وبكل انتظام وإحترافية.