0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

يا صاحبة الجلالة

وكالة الناس – علياء داود – “عليائي لن تعودي” .. قالها الحسين بن طلال رحمه الله عندما احترق قلبه على ملكة القلوب، حين غادرت عالمه الخاص وأنهت أجمل قصة حب لأميرة وملكة وحبيبة توّجها على عرش قلبه قبل شعبه. قالها وانكسر الرجل الذي بداخله ليظهر بعدها كطفلاً فقد أمه، باحثاً عنها في صحراء الجنوب، تائهاً عاجزاً وعابراً للطرق بلا جدوى حتى بلغ حزنه عنان السماء.

“عليائي لن تعودي” .. تُحزنك تلك الكلمات، تُشعرك بأنها كانت له وحدَهُ، كانت جزءاً منه ورحلت روحها وبقي الجسد على تراب الوطن، ففي كل ليلة بعد وفاتها كان الحسين يُقلب ذكر آياته معها، لقد راهنَ الجميع على أنها ستأسر قلب الشعب كما أسرت قلبه، فكسب الرهان وخسرها واحترق القلب من ألم الفراق؛ كان والد الملكة علياء يصفها بالصبي، إلا أنها بالرغم من ذلك كانت تمتلك قوام عارضات الأزياء وعينان تضُجَّان بالأنوثة، وغمّازتها تجعل لابتسامتها الخجولة هيبة.

هي صاحبة العقل المنفتح بالإضافة الى حيويتها وثقافتها، كانت تحب لعب كرة القدم وممارسة السباحة وركوب الخيل وكرة المضرب، إلا أنها في الوقت المناسب تتصرف كسيدة مجتمع وملكة، وعلى الرغم من تواضعها إلا انها كانت صاحبة كبرياء ظاهر في مشيتها وحركتها منذ صغرها وذلك بسبب تلك الجاذبية العليَّة التي كانت تتناقض مع بساطتها وتعقيدها. علياء صاحبة حنكة وذكاء خاصة في النقاش السياسي والحوار؛ كان لها لمسة ملكية، حتى من قبل أن تتزوج الملك الحسين، وهذا ما دفعه رحمه الله بأن يقول: “علياء كانت ملكة قبل أن أتزوجها وأٌجلسها على العرش لتكون ملكه على البلاد”.

انطلقت سيدة العطاء للعمل الوطني وخلق النهضة الثقافية والصحية والفنية والتراثية حتى اختيارها لمكان مهرجان جرش راعت فيه بُعد المسافة وجُلَّ الحضارة، حيث أن الاختيار الأول للمهرجان كان في مدينة البتراء – لكن خوفها على الناس من مشقة الحضور ـ وصعوبة الطريق، غيَّرت خُطتها لتصبح جرش عاصمة الفنون، ومن هنا زاد عشق الحسين بعليائِه، وتعلقه بها كان لشخصيتها ملامح وتركيبة ممزوجة بالرّفعة، والسُّمو وحب الناس والبساطة فعند سؤال الحسين عن سبب حبه لعليائه قال: “أحببتها للسبب عينِهِ الذي أحبها كل الناس لأجله… لقد كانت ملاكاً”. يا صاحبة الجلالة، كيف جعلتي من ملك القلوب عاشقاً، متيَّماً، كيف أصبحتي مالكةً لعرش قلبه من دون النساء، يا صاحبة الغمازة الشقيّة والعيون العسليّة، والشعر الكستنائي المموج، والروح الطفولية يا أم الفقراء عليكِ رحمةً من الله وسلاما.