المتطرفون الصهاينة ومؤخرة كارداشيان
المتطرفون الصهاينة ومؤخرة كارداشيان!!
الدكتور محمد السنجلاوي
لقد تحوّلت عمليات اقتحام ساحات المسجد الأقصى، من قِبل المتطرفين الصهاينة إلى مسلسلات رديئة، ألِفتها عيون الرسميين العرب. واللافت في الأمر أنه أمام تلك المسلسلات المخزية والمعيبة، أن تلك العيون ما زالت تصرّ على المشاهدة بدماء باردة، وكأن المقدّسات (الإسلامية والمسيحية) قد تحوّلت في أذهانهم إلى متحف يقع في أصقاع القطب الجنوبي.
هذه البلطجة والعربدة الصهيونية بحق الأقصى بخاصة، ما كانت لتكون كذلك لولا الرعاية الرسمية لها من الدولة الصهيونية، ولولا ردود الفعل العربية التي أسهمت بغيابها وبصمتها في تكريس واقع، بات يهدّد – أكثر مما مضى وبشكل جدّي – الهوية الفلسطينية، والوجود الفلسطيني برمّته.
هذا الواقع الجديد أسهمت بتشكيله وإعادة صياغته عدة عوامل، كان أبرزها ظهور ما سمي بـ “ثورات الربيع العربي”. حيث زادت هذه الثورات “المُختطفة” من حدّة الإنقسام بين العرب على صعيد العلاقات القُطرية. والأنكى من ذلك حدوث انقسامات داخلية في جميع الدول التي عصفت بها رياح التغيير، حتى وصل الأمر إلى مرحلة معاداة الشقيق لشقيقه؛ مما أدى إلى اغتيال مفهوم “العائلة أو الأسرة”، نتيجة تجاذبات أيديولوجية مرهونة بأجندات سطّرتها قوى إقليمية وأخرى دولية، نجحت بشكل كبير بتأجيج تلك الخلافات لتمزيق الدول الوطنية، وتحويلها إلى دويلات أو كنتونات لتتحول – فيما بعد – بلغة الطب إلى “تخثرات” من شأنها إحداث اضطرابات داخل جسد الدولة، تقود بنهاية المطاف – إذا جاز القول – إلى حدوث “السكتة الوطنية” مقابل السكتة الدماغية.
إن غارات المستوطنين المتواصلة على الحرم القدسي الشريف، تشير بكل وضوح إلى أنها أصبحت غارات ممنهجة، توفر لها الدولة الصهيونية كآفة أشكال الحماية. فهي تنطلق تحت حراسة عناصر من المخابرات والوحدات الخاصة في شرطة الإحتلال، وعلى مرأى من تلك العناصر والقوات، يقوم المتطرفون بقيادة عدد من حاخاماتهم، بأداء شعائر تلمودية بالقرب من بوابات المصلّى المرواني باتجاه قبة الصخرة المشرّفة.
وفي الوقت الذي انشغل به أغلب “البرلمانيين العرب” بتحقيق مكاسب شخصية لهم في بلدانهم، قام “الكنيست الإسرائيلي” بإصدار قرار ينص على حق اليهود الدخول بكل حرية إلى المسجد الأقصى، والسماح لهم بالصلاة فيه، وعلى الشرطة أن توفر لهم الحماية أثناء تأدية شعائرهم الدينية.
لقد كان العام (2013) من أحلك الأعوام التي مرّ بها المسجد الأقصى؛ بسبب تضاعف أعداد المستوطنين المقتحمين له. حيث بلغ عددهم (11812) مستوطناً، مقارنة بالعام (2012) الذي قدّر فيه عدد المستوطنين المقتحمين بحوالي (6215) مستوطناً، وذلك حسب دائرة المخطوطات في المسجد الأقصى.
إن تلك الزيادة المطردة تشير إلى أن الأقصى، يسير باتجاه مصير الحرم الإبراهيمي الذي تم تقسيمه في العام (1994) بعد المجزرة الرهيبة التي ارتكبها المتطرف الصهيوني “غولدشتاين”، فهم مصرّون على تقسيمه “زمكانياً” بين المسلمين واليهود، والعمل على تهجير المقدسيين من القدس، وإفراغها من سكانها لتحويلها إلى دولة يهودية صرفة.
وإن جولات وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” في المنطقة، تصب باتجاه خدمة الأجندة الصهيونية التي تسعى إلى تمرير مشاريع تهويد المدينة المقدسة، عن طريق “الترغيب والترهيب”، والضغط على جميع الأطراف للإعتراف بيهودية الدولة الصهيونية.
نستنتج من ذلك، أن التدنيس المتواصل لباحات الأقصى، بقيادة زعامات دينية يهودية يدل بما لا يدع مجالاً للشك على بروز “البعد الديني” بشكل واضح في الصراع العربي الإسرائيلي.
وما أسطورة الهيكل المزعوم، التي جاءت على لسان الحاخام المتطرف “يهودا غليلك” الذي قاد مؤخراً جموع المتطرفين، مقتحماً باحات الأقصى وصولاً إلى اعتلاء سطح قبة الصخرة المشرفة إلا خير دليل على حرص المتطرفين على تطبيق أوهامهم الدينية، وتطبيق مقولات رؤسائهم السياسيين السابقين ذات البعد الديني: فقد سبق وأن قال “ديفيد بن غوريون” أول رئيس وزراء لإسرائيل “لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل”.
ولو تأملنا أيضاً مقولة سادس رئيس وزراء لإسرائيل “مناحيم بيغن”، لوجدناها تتقاطع تماماً مع مقولة بن غوريون السابقة “آمل أن يعاد بناء الهيكل في أقرب وقت، وخلال فترة هذا الجيل، وإذا كان ديكارت قد قال أنا أفكر إذن أنا موجود، فأنا أقول: “أنا أحارب إذن أنا موجود”.
انطلاقاً مما سبق، فإن اليهود الصهاينة يعتقدون جازمين، بأن بنيانهم لن يبلغ تمامه، حتى تتم السيطرة الكاملة على مدينة القدس؛ لجعلها عاصمة أبدية لهم.
وبالتالي فإن المسجد الأقصى، وكما ورد على لسان الحاخام الإسرائيلي “أبراهام شابيرا” غير موجود، فهو عبارة عن كذبة افتراها العرب على اليهود وصدقوا أنفسهم، وإن جبل الهيكل (المسجد الأقصى) يتبع لليهود، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يتم التنازل عنه.
إن المؤلم بموضوع الإنتهاكات المتكررة للأماكن المقدسة (الإسلامية والمسيحية) بخاصة الأقصى، هو أن كثيراً من الزعماء العرب تخلوا عن تلك الأماكن، وتنصلوا من جميع مسؤولياتهم، تاركين لطلبة مصاطب العلم والمرابطين في المسجد الأقصى وللمقدسيين، مهمة الدفاع عن باحاته ومرافقه، وذلك عملاً بمقولة “للبيت رب يحميه”.
ومن المؤلم أيضاً، أن هؤلاء الطغمة من (الآساد العربية)، بدلاً من أن يلتفتوا إلى الأقصى، فقد أصبح شغلهم الشاغل هو التفكير – على سبيل المثال لا الحصر – بكيفية تفكيك سورية مهما كان الثمن، والإشراف على عملية تقسيم ليبيا، والعمل على زرع بذور الفتنة في مصر وتأجيجها، إضافة إلى تقديم كآفة أشكال الدعم المادي “للأيدي القذرة”، التي تعمل جهاراً نهاراً على تقطيع أوصال الوطن العربي الملتهب، والعمل على تفشيل الدول التي نُكبت بمخططات تقسيمية، ومؤازرة كل القوى الضلالية والإرهابية؛ بحجة الخوف على مستقبل تلك الشعوب، وتحريرها من قبضة الديكتاتورية البغيضة عن طريق مناصرة زعامات مدجنة، للوصول إلى سدة الحكم لخدمة أجنداتهم التي من “ألفها إلى يائها” إسرائيلية الهدف والمضمون.
بناءً على ذلك، لم نكن نتوقع أنه في الوقت الذي داهم فيه المتطرفون الصهاينة، واعتلوا قبة الصخرة المشرفة، كانت بعض الفضائيات البارزة لأولئك “الزعماء المقاومين”، منهمكة بمقاسات مؤخرة (كيم كارداشيان)، وبنوعية ملابسها الداخلية، وبكيفية شفط الدهون من بطنها وفخذيها لحقنها في مؤخرتها المتنامية، التي قامت بالتأمين عليها مقابل مبلغ قدر بــ (21) مليون دولار..!!
إن المفارقة الفاقعة بهذا الشأن، هو أن ما أطلق عليه “منظمات الهيكل المزعوم” في إسرائيل، أخذت تدعو جميع المتطرفين للحشد والتجمع أمام باب المغاربة؛ للقيام بعمليات اقتحام واسعة وغير مسبوقة للمسجد الأقصى، لرفع علم دولة الإحتلال في باحاته، وبالمقابل أخذت تلك الفضائيات تقوم بحشد أنظار الجماهير العربية نحو مقاسات المؤخرات المثالية!!
ولكي نخجل أكثر، نسوق لكم تصريحاً لزعيم حركة كاخ الإسرائيلة “مائير كاهانا” قال فيه: بأن من الأخطاء الفادحة التي ارتكبها جيش الدفاع الإسرائيلي، أنه لم يقم بهدم المسجد الأقصى يوم دخول القدس عام 1967م، مما جعل مهمته ومهمة حركته هو العمل بكل جدية على تصحيح ذلك الخطأ عن طريق هدم الأقصى بأيديهم.
إذن هم يصححون الأخطاء، ويناضلون بكآفة الطرق لتهويد كل ما هو عربي، وفضائيات بعض زعمائنا تدعونا للنضال.. ولكن بالمؤخرات الرجراجة..!!
للمتابعة على الفيس بوك: الدكتور محمد السنجلاوي