هل نحن بحاجة لمجلس إعلام امني
دفع الاردن ثمنا باهضا ” سياسي واقتصادي ” نتيجة للتخبط الاعلامي بوجه عام وقصور الاعلام الرسمي في التعامل مع مختلف الأحداث والقضايا ذات الصلة في الشأن الاردني العام فيما تعامل الاعلام الخاص تحكمه أجندات القائمين عليها وأغلبها لا تلتزم بثوابت الدولة . عالميا اصبح الإعلام اليوم من أهم الوسائل المستخدمة للتخاطب مع الأفراد والحكومات وكافة طبقات المجتمع على حد سواء لتغيير الإتجاهات وفرض الواقع المستهدف وبات في المحصلة يُعبر عن ضعف الأمة أو قوتها ولنا في ذلك أمثلة كثيرة ” الولايات المتحدة واسرائيل ” وغيرها حيث لعب الاعلام دورا اساسيا أهم بكثير من استخدام الأسلحة الفتاكة . والمتتبع لدور الاعلام في العديد من الدول يجد ان دورها لا ينفصل عن المسؤوليات الأمنية ومصالحها الإقتصادية لتلك الدول ما يؤكد باتباعها لاستراتيجيات وطنية ملزمة لوسائل الاعلام بشقيه الرسمي والخاص في كل ما يخدم الدولة ومستقبلها لكننا في الأردن نفتقد لمثل ذلك والاسباب والدوافع كثيرة وفي مقدمتها عدم وجود استراتيجية وطنية ملزمة تضع المصالح العليا للدولة في صدارة اهتماماتها ولا يعني ذلك ان تكون اداة في تصرف وتوجيه السلطات الرسمية والتي من واجب الاعلام ان يكون العين الصادقة والمراقبة لأدائها مبرزا الانجازات ومؤشرا على مواطن الخلل والتجاوزات وموجها الرأي العام في كل ما يخدم الدولة . فشلت الحكومات المتعاقبة في ادارة الإعلام الرسمي تحديدا وتمتين دوره في خدمة الدولة الذي ما زال يدور في فلكها بحسب الأشخاص الذين يتولونها والذين بالأغلب يتم تعينهم على قاعدة التنفيعات وليس بالأختصاص فيما اقدمت بعض الحكومات على احتواء بعض وسائل الاعلام الخاص بمنافع مادي ومعنوية لتدورأيضا في فلكها وما زالت بعض هذه الوسائل ملتزمة بذلك مع تغيير في النهج لخدمة المسؤولين القائمين على ذلك ولا استثني أي من المرجعيات العليا . اتوقف هنا باشارة صغيرة الى حالة بعض الصحف اليومية في عصر الفضاء المفتوح وتنوع وسائل الاتصال وتطورها المتسارع والتي ورغم انها فقدت تأثيرها في توجيه الرأي العام فما زالت تحظى برعاية المرجعيات العليا ماديا ومعنويا رغم ان خساراتها المتراكمة تجاوزت اضعاف رأسمالها وفي المقابل تدير الحكومات ظهرها لوسائل الاعلام التي باتت أكثر تأثيرا ومتابعة على مستوى العالم “الإعلام الألكتروني ” بوجه خاص . الخطورة تكمن في تجاهل الحكومات لدور وسائل الاعلام الخاص واقتصار اهتمام المسؤولين على من يخدم نهجهم ومصالحهم وليس المصالح العليا للدولة وبالتالي نجد ان كلٌ يغني على ليلاه. وللخروج من هذا المنزلق الخطير الذي اسهم بصورة كبيرة في اثارة الرأي العام محليا وبصور مختلفة ضد منجزات الوطن واسهم في ضعضعة ثقة المواطنين التي باتت مفقودة مع مختلف السلطات الى جانب تأثير ذلك على علاقات الدولة الاردنية مع العديد من دول العالم جراء تدخل بعض وسائل الاعلام في سياسات تلك الدول ومواقفها والذي أتى بإنعكاسات سلبية على الأردن وخاصة في المجال الأقتصادي فلا بد من اعادة ترتيب الأوراق ليصبح الاعلام الاردني ” الرسمي والخاص ” في خندق واحد بخدمة الدولة الاردنية . وعودة على بدء بشأن الدول الملتزم اعلامها الخاص على وجه التحديد بثوابتها الوطنية فسببه الأساس نهج تلك الدول الذي ينطلق من استراتيجية اعلامية وطنية ” مقوننة ” تضع مصالحها في اعلى الاعتبارات . مخرجنا في الاردن يبدأ أولا بتحول الإعلام الرسمي من اعلام حكومات الى اعلام دولة وثانيا بتشكيل مجلس اعلام امني محمي بالقانون يضم اصحاب الخبرات المختصين ليبدأوا في اعداد استراتيجية وطنية تركز على المصالح العليا للدولة الاردنية والتي ركيزتها ثوابتنا الوطنية . بالتاكيد ان البعض لن يعجبهم هذا المقترح ان اصبح واقعا لأنه سيحول دون استمرارهم في تحقيق منافعهم الخاصة ولا اعتقد ان نوابنا يعنيهم هذا الأمر وسيعمل كل المتضررين على اجهاضها …
والله من وراء القصد
كتب . ماجد القرعان