انتصف الشتاء
انتصف الشتاء ولا شتاء! أين لنا بشمس خجولة تمعن في الغياب أياما؟ أين لنا برياح قطبية تحمل الصقيع؟ أين لنا بغيوم حبلى،تتبختر في الآفاق،وترسل الرعد صراخا قبيل المخاض.
أين لنا بأرض تفرز كل الروائح للارتواء،أين لنا بشوارع تغتسل في العراء، وأشجار عارية في البرد، أين لنا بتنهيدة صحو سانحة،نرصد فيها نقاء الهواء.
أين لنا بشيء من التقوقع والإنزواء،حول مدفأة نشوي عليها خبزا،ونبعث عطرا بحرق قشور من البرتقال،أين لنا بنوافذ اتخذت من البخار ستارا بعد أن كثفته رذاذا على الزجاج.
أين لنا بذلك الراعي يتقوقع في فروة،ويجمع القطيع ليمنعه من التفرق في العراء،ثم يدفع القطيع للاستتار (بصراخ ومعمعة) ليجمعه في إبط ربوة، يزوي بها وينتظر الصحو أو المساء.
أين لنا بطين لزج مترع بالماء، يحمل في ظلماته بذرا، يتمطى كسولا في انتظار ساعة النهوض،ليتمرد بعدها مشرئبا، ومسيطرا عندما يحتل نيسان جميع البقاع.
أين لنا بسدود مترعة، ترفض المزيد من السيول؟.
جاء كانون إلينا متلفعا بعباءة جافة، ،فأقام فينا يتململ حتى انقضت زيارته، وجاء توأمه الثاني متسربلا بذات الجفاف،ثم غادر والرياح عليلة صفراء معطلة من البلل.
في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ما منع قوم الزكاة إلا مٌنِعوا القطر.
ترى لوكان الذين ينتظرون الغيث، يحسنون الاستغفار،أكنت ترى جفافا في كانون؟!