ذكاء عباس والحل النهائي
ورقة اتفاقية الأطار التي قدمها جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الراعي للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني ماهي إلا استجابة لمطالب الكيان الصهيوني المحتل على حساب سَلب كل الحق الفلسطيني ليعطيه المزيد من الشرعية في احتلاله لأرض فلسطين ، فقد تضمنت بنودها اعتراف فلسطيني بيهودية دولة الأحتلال وان تكون عاصمة فلسطين على جزء من القدس الشرقيه مع إبقاء المستوطنات تحت سيطرة الكيان الصهيوني مع سيطرته أيضاً على المعاير والأجواء ومرابطة قوات رباعية امريكية صهيونية اردنية فلسطينية على الحدود ولهذه القوات الحق في المطارده داخل دولة فلسطين .
بسرعة البرق كان الرفض الصهيوني لهذه الأفكار رغم انها تُلبي أكثر مما كان يتوقع وكان رفض النتنياهو لأنها لاتلبي رغباته واطماعه فهو يصر على يهودية الدوله الصهيونيه ويرفض فتح ملف القدس ولايقبل مشاركة أي قوات على الحدود كما انه يريد الأستمرار في الأستيلاء على ماتبقى من الأرض الفلسطينيه فكان الرد الصهيوني المباشر تصويت الكنيست الصهيوني بالموافقة على ضم منطقة الأغوار للكيان والموافقه على بناء المزيد من المستوطنات ، بمعنى يريد اعتراف المفاوض الفلسطيني المنهك بالتنازلات الأعتراف بمايُسمى الوطن القومي لليهود على ارض فلسطين وهو الخطوة الأولى في المشروع الصهيوني اسرائيل الكبرى وبهذا يحصل على الشرعية والتصديق على الرواية اليهودية الصهيونية المفبركة للتاريخ والكاذبه بشأن تاريخ فلسطين وهذا يعني أيضاً انه لايوجد لاجئين فلسطينيين مطرودين عام 1948 وان كل مايحدث من استيطان عملاً مشروعاً وحقاً لليهود الصهاينه .
اتفاقية الأطار التي قدمها كيري لاتختلف كثيراً عما جاء في اتفاقية عباس ـ بيلين بتاريخ 5 نوفمبر 1995 والتي اهم ماجاء فيها :
1 ـ تكون عاصمة دولة فلسطين في ابوديس والعيزريه .
2 ـ الأماكن المقدسه تحت السياده الأسرائيليه في إطار صيغة الفاتيكان .
3 ـ المستوطنات باقيه لمدة عشرين عام فترة اختبار نوايا .
4 ـ الدوله الفلسطينيه منزوعة السلاح .
5 ـ توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم ودون جاذب .
6 ـ غور الأردن تحت السيطره الأسرائيليه .
لاشك بأن هذه الوثيقه لايقبل بها أي طفل من أطفال فلسطين حتى لو كان في بداية نطقه فكيف قبل بها محمود عباس ومن شارك في صياغتها من كبار الشخصيات الفلسطينية في حينها .
فهل يستطيع عباس التنكر لهذه الأتفاقية وهو يشغل الآن قمة هرم القرار الفلسطيني فهو رئيس السلطة الوطبية الفلسطينيه ( التي لاتملك أمرها ) ، رئيس منطمة التحرير الفلسطينيه ( المغيبة عن ساحة الحدث ) ، رئيس حركة المقاومة الفلسطينيه فتح ( التي سُلِبت حقها في المقاومه ) بالأضافة الى رئيس دولة فلسطين المنقوصه ( التي هُمِشت حقوقها ) .
كان عباس ذكياً في رده على ماجاء في ورقة كيري بالبسبة للقدس ويهودية الدوله إذ طالب كيري بالحصول على غطاء عربي وتحديداً اردني سعودي لذلك حتى يتسنى له الموافقه وهذا الذكاء العباسي الذي يمارسه يعني بوضوح توفير مظلة عربيه لأسوأ تنازلات تاريخيه محتمله حول القدس والمقدسات وعروبة واسلامية فلسطين التاريخيه مع احتفاظه بباقي الحق من التنازلات في ملفات الحدود واللاجئين بما فيها التعويضات ، ولاشك بأن توقيع عباس مع الملك عبد الله الثاني بتاريخ 31 مارس 2013 حول وصاية الملك على القدس والمقدسات كانت قراءة في افكار عباس وذكائه حول ماستصل اليه المفاوضات لإخلاء مسئوليته حول القدس والمقدسات وهو المُصر على ان المفاوضات هي السبيل الوحيد للأتفاق مع الصهاينه .
لقد شعر الصالون السياسي الأردني بلعبة عباس وارتاب متخوفاً مما يحدث وعدم إعلامه بالتفاصيل منذ البدايه وخاصة انه صاحب المسؤولية الأكبر والهَم الأكبر تجاه اللاجئين الفلسطينيين إذ تبلغ نسبتهم في الأردن حوالي ثلث عدد اللاجئين ومن المفروض والأنصاف ان يكون شريكاً رئيسياً في المفاوضات الخاصه باللاجئين الفلسطينيين والتعويضات وكذلك بشأن الحدود ، ومن رحم هذه المخاوف اعلن عباس بذكائه المعهود لتهدئة الأردن بنظامه وحكومته وشعبه بموافقته على قبول قوات اردنيه في الضفة الغربيه مع استعداده للبحث بشأن الأتحاد الكونفدرالي مع الأردن بعد ساعات من اعلان الدولة الفلسطينية الجديده وهذا يجعلنا نؤكد بأن عباس اصبح مقتنعاً بأن القضية الفلسطينية في طريقها للحل حسب ورقة كيري رغم ما أصبح يجد من معارضة قويه بين اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح واعضاء الحكومة في رام الله وحركات المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة حماس وهي الند القوي لعباس وسياسته وكذلك من الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني صاحب القضية والذي تجرع المُر والعلقم منذ اللجوء ، واذا كان النظام السعودي وكما افادت التسريبات عبر وكالات الأنباء قد ابلغ كيري اثناء زيارته الأخيرة موافقته اعطاء الغطاء لعباس حسب المبادرة العربية للسلام إذ جاءت زيارة كيري للسعوديه خلال انشغال الحكومة السعودية بالشأن السوري واسقاط نظام الأسد وإعطائه الأولولية على كل مايدور على الساحة العربية ، أما الأردن فلا يعتقد أي مراقب ومُطلع على القضية الفلسطينية والخصوصية الأردنية الفلسطينية بأنه سيعطي المظلة لعباس بشأن القدس والمقدسات وهو النظام الهاشمي وصاحب الحق التاريخي والديني والأدبي بالوصاية على القدس والمقدسات الأسلامية والمسيحية ، وكذلك هذا مرفوض من الشعبين الأردني والفلسطيني المنصهران بالوحدة التاريخية بكل مافيها من معاني وقيم .
فهل سيفاجأ الجميع بتوقيع اتفاق استسلام قبل انتهاء المده التي حددها كيري مهندس الأتفاق بنهاية شهر نيسان المقبل كما تفاجأ الجميع بتوقيع أوسلو .
Email;shareefshareef433@yahoo.com