تأدب يا ولد !!
انها جملة قصيرة ولكن مفعولها كبير فعندما كان يقول الكبير للصغير :”تأدب يا ولد” كان يعقب تلك الجملة سلسلة اجراءات تفرض على ذلك الصغير اتخاذها بغية اصلاح خطأ او تصويب وضع كان قد تم ارتكابه بقصد او عن غير قصد وعندما انعدم احترام الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير فقدت تلك الجملة مفعولها واصبحت لا تعني شيء وفي مرحلة متقدمة تم نسيان تلك الجملة وتعطل استخدامها وهو ما اوصلنا الى حالة الانفلات الاخلاقي والذي بدأ يسيطر علينا في ظل عدم ملائمة التشريعات والقوانين للحالة التي نعيش وفي ظل التقصير المقصود في تنفيذها في حال وجودها
ان فقدان “تأدب يا ولد” اضاع علينا الشيء الكثير فاصبح بناء الاسرة اوهن من بيت العنكبوت فكلام الوالد غير مسموع من قبل ابناءه وانتقلت هذه الصورة الى الشارع ثم الى المدرسة ثم الى الجامعة وبدأ طلاب الجامعات يقتتلون بالاسلحة البيضاء والاسلحة الاوتوماتيكية ولم يعد هنالك من هو قادر على قول “تأدب يا ولد” لأي منهم لان هذه الجملة اصبحت من الماضي !!! وزاد الامر سوءا فلم يعد الجار يطيق جاره وانتشرت الرذيلة وانعدمت بعض الاخلاقيات وفقدت العدالة وانتشرت الجريمة ولا يوجد هنالك من يحاول ايقاف النزيف وزرع فتيل الاشتعال بل اصبحنا متخصصين في ادارة الندوات حول العنف الجامعي وقريبا حول العنف المجتمعي وبدأنا نعاني من ازمة اخلاق فالقوانين الناظمة لم تعد قادرة على التعامل والسيطرة على ابناء الشعب الواحد واصبحت الحكومة غير مهتمة بالنتائج ولا يعنيها مستقبل الاجيال ولم تعد تعتني في تربية ابناءها وتثقيفهم على احترام القانون او الخوف منه
لقد كان وضع الاتراك في السابق لا يقل سوءا عنا الا ان الرئيس التركي استحدث القوانين والتشريعات التي هذبت النفوس ووازنت بين الناس في ظل غياب قوانين الشريعة الاسلامية حتى انه وضع قانون يخالف المواطن عندما يبصق في الشارع فتحول الشعب خلال فترة وجيزة الى شعب سلوكياته اوروبية في النظام واحترام القانون بعكس العرب وهم يعتبرون خير امة اخرجت للناس , حيث فقدنا معظم الاشياء الجميلة التي ورثناها فاصبحنا نستخدم اساليب الاحتيال على القانون والابتزاز وقفزنا من قارب الاصلاح الى سفينة الفساد فلم يعد لدينا ما يمكننا من السيطرة على اولئك الاشخاص والذين عودناهم على انماط سلوكية قبيحة فاصبح ذلك الصحفي مبتزا لاهله واصدقائه وتنازل عن اخلاقيات المهنة وبدأ يتسبب في تدمير ما بناه الشعب وذلك الموظف بات يرتشي من اجل ان يقوم بواجباته الوظيفية الموكلة له اصلا ويضع العراقيل امام اهله وشعبه بغية حصوله على حفنة من المال وانتشر هذا السوء الى معظم المهن فاصبح الغش هو الحالة المعتادة وعدم الغش هو الندرة
ان الدولة هي المسؤولة عن تربية ابناءها من خلال بث روح الوعي والتثقيف و تحديث التشريعات والقوانين باستمرار بطريقة تكفل وتضمن تغطية هذه القوانين لجميع شؤون الحياة وتنفيذها بعدالة شريطة ان يرافق ذلك توفير العيش الكريم لذلك المواطن وبعكس ذلك فان المسافات ستزداد بيننا وبين الادبيات وستستمر الحالة في الانحدار نحو السوء وسيدخل المجتمع في منظومات جديدة من اللا انسانية تساهم في انتشار ضنك العيش لابنائنا مع استمرار بعدنا عن الدين
نحن في اشد الحاجة لكي يعود الكبار الى تفعيل “تأدب يا ولد” وهنالك اساليب تفرض على من لا يمتثل لتلك الجملة الاجبار على التأدب
ان انفلاتا اجتماعيا وحالة فوضى بدأت تسيطر على ابناء الشعب الواحد وبدأنا نمارس سلوكيات بعيدة عن الدين وعن عاداتنا وتقاليدنا والسبب في ذلك هو البعد عن الدين وغياب دور الدولة ودور الاسرة معا
سائلا العلي القدير ان يحمي الاردن ويحمي شعبه ويقوم مسيرة الدولة والاسرة لما فيه خير الاجيال القادمة انه نعم المولى ونعم النصير
العميد المتقاعد
بسام روبين