0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

كتب الدكتور رجائي حرب

وكالة الناس – د. رجائي حرب

إن الناظر إلى السياسة الأمريكية ليجد أن ورقة التوت التي كانت تستر عورة أمريكا أمام العالم قد سقطت منذ تولي دونالد ترامب سدة الحكم فيها، وذلك بسبب انحيازها الكبير لإسرائيل وتفاني الرئيس ترامب وإفراطه بتنفيذ وعوده للوبي الصهيوني الذي شكل جُلَّ مناصريه خلال الانتخابات الماضية وليؤكد على دعمهم من جديد في ولايته التي يسعى لكسبها في العام القادم ولا أريد أن أزيد عما ارتكبته الادارة الامريكية – التي يتغنى الكثيرون من مثقفي ومفكري أمتنا بعظمتها – لا أريد أن أزيد عما فعله ترامب خلال فترة حكمه الماضية من إعلان القدس عاصمةً لدولة الكيان الاسرائيلي الغاصب، وضم الجولان، ودمغ حركات المقاومة الفلسطينية بالارهاب، وإعلان وزير خارجيته الليلة أن المستوطنات اليهودية الموجودة بالضفة الغربية وعلى أرض فلسطين التاريخية هي تجمعات سكانية شرعية ولا تتعارض من القانون الدولي.

ولا يستبعد أن يعد الناخب الأمريكي اليهودي في المرة القادمة أن يضم الضفة الغربية لدولة إسرائيل كوعدٍ انتخابي جديد، أو أن يتعدى ذلك بوعود لضم بعض الدول العربية أو أجزاء منها لتحقيق خديعة إسرائيل الكبرى أمام هذا الهوان العربي المطقع، وأمام هذه الشعوب المصابة بالموت السريري والشلل التام والعجز الناخر في عظام الأمة بأكملها، وأمام هذا الانغماس التام من قبل الشعوب في السعي المضني لتحصيل ضروريات الحياة وسد الرمق وتوفير لقمة العيش وتأمين ظروف الحياة هذا الواقع المتأزم، وهذه ( اللبكة ) المفروضة على أمتنا وأنظمتنا يبدو أنها تؤتي أُكُلَها في كل حين.

ويبدو أن هناك مخطط كبير بحجم مؤامرة كونية عالمية تقوده أيادي خفية لايظهر منها إلا أطراف أصابعها، تدير كل هذه السيناريوهات لمصلحة دولة واحدة هي إسرائيل التي تمثل الوجه السياسي لأيدولوجية صهيونية خطيرة لا تعرف المستحيل، وتتغذى من ( محافل ) ضاربةٍ في عمق التاريخ تسعى بتعطش لتحقيق غايةٍ واحدةٍ تتمثل بتشكيل حكومةٍ عالمية تقود العالم حسب إرادتها ولا تعترف بقيمة الإنسان بقدر ما تعترف بقيمة عرق واحد يرى نفسه فوق كل البشر، والبشر من دونه حيوانات قتلهم لا يعني خطيئة.

وأعود لشعوبنا العربية المصابة بالغيبوبة التامة لأقول لها: إلى متى ستبقى أمريكا تعطي كل يومٍ وعداً جديداً لإسرائيل ونحن لا يرتاح لنا بال إلا إذا زرنا البيت الأبيض لننال البركات والتطمينات بدوام أنظمتنا السياسية؟!

إلى متى سيبقى الدم يلون شوارعنا العربية وتثخننا جراحات الصراع في حين يعيش الآخر المتآمر بسكينةٍ وهو يرقص على هذه الجراحات؟! إلى متى سنبقى نتقاتل كمسلمين، ويُكفِّر بعضنا بعضاَ، والآخر يشيطن بعضنا ويُقرِّب الآخر، لتبقى جراحاتنا في حلة نزيف دائم؟!

إلى متى سيبقى أئمتنا وشيوخنا ورجال الدين منشغلون بالتكفير وإخراج بعضهم البعض من الملة، وإعلان الجهاد ضد بعضهم، في حين لا يقوى أحدهم على التفكير ولو لمرةٍ واحدة بدفع هذه الجموع من الشباب الثائر لتحرير أقدس مقدساتنا ودفع البلاء المستطير عن إخوتنا في فلسطين إلى متى سيبقى هؤلاء الأئمة والشيوخ والعباءات والعمائم مُتمترسون خلف أفكارهم – التي أكل الزمان عليها وشرب – وغير قادرين على فتح آفاق جديدةٍ وعصريةٍ للمسلمين كي يدخلوا المستقبل بهذا الدين الصالحِ لكل زمان ومكان؟!

إلى متى سنبقى منشغلون ببعضنا وإسرائيل تأكلنا واحداً تلو الآخر وتسرح وتمرح في دولنا حتى عدها البعض أقرب إليه من شقيقه العربي أو المسلم؟! إلى متى سيبقى زعماؤنا وسياسيونا غير قادرين على الطلاق البائن بينونةً كبرى مع الغرب، ويعودوا إلى رشدهم ويضعوا أيديهم بأيدي شعوبهم لتجاوز مرحلة التفكك الداخلي والتشرذم العربي والتشتت الإسلامي والمسيحي؟!

إلى متى يا رب سنبقى في هذا التيه الذي تعدى تيه اليهود أيام سيدنا موسى في صحراء سيناء؟! علينا أن نستيقظ من سباتنا الذي طال ومن غفوتنا التي استفحلت في عقولنا ومن ضياعنا المفروض علينا دعونا نتنفس الكرامة دعونا نتنفس الحرية دعونا نقول كفى وهلموا لنقوم بعملية تثقيفٍ شامل؛ يشمل كل حياتنا، لنعيد بناء الإنسان، وبناء الأهداف التي تأخذنا للأمام، وتجعلنا قادرين على الوقوف بإنساننا ومقدراتنا ودولنا لتحقيق الطموح بالبقاء وتوفير الحياة الأفضل لأجيالنا القادمة دعونا نقود عملية تثقيف لنقتل الجهل والجمود الكامن في مجتمعاتنا لتتعرف على أسباب تخلفها وتنهض وتبدأ عملية البناء الشامل وتعالوا لنقول كما قال الشاعر:(من اليوم تعارفنا؛ ونقضي ما جرى منا؛ فلا كانَ، ولا صارَ، ولا قلتمْ، ولا قلنا؛ وإن كان ولا بُد من العُتْبِ فبالحسنى).

دعونا نتوحد على قيمنا وأهدافنا وغاياتنا؛ لأن الآخر يجهز نفسه لكتابة آخر فصول رواية القضاء علينا، ونحن غارقون في جهلنا؛ إقرأوا وتثقفوا لأن الآخر يفكر بكيفية التخلص منا بعدما أصبحنا عبئاً على العالم صرخةٌ ونداءُ استغاثة أُطلقها وأنا أرى سفينتنا تغرق … …

فهل من مجيب؟!