الوحدة العربية
شاهدت حوارا على اليوتيوب بين برلماني اوروبي مع مجموعة من المثقّفين العرب في لبنان وقامت احدى الحضور وقالت بان القوى الخارجية مثل اسرائيل وامريكا وبريطانيا وايران وغيرهم هم اللذين يمنعون قيام الوحدة بين شعوب الدول العربيّة وكان جواب المحاضر واضحا وقاطع وهو ان المانع في وحدة العرب هم العرب انفسهم وقال ان ثلاثمائة وخمسين مليون من الناس تجمعهم لغة واحدة ويدينون لاله واحد لا يستطيعون التوحد بينما اوروبا فيها مائة وخمسون لغة وثقافات متعددة يستطيعون ذلك وهل تستطيع امريكا وغيرها تمنع الوحدة بين سوريا ولبنان او بين هذين البلدين والعراق وكيف لها ان تمنع ذلك إذا اختارت الشعوب هذه الوحدة وبينما إذا استمر العرب في تحميل اللوم على اسرائيل وغيرها فستبقى اسرائيل تحتل اراضيها وستبقى امريكا وغيرها تنهب ثروات العرب وهي مستفيدة ما دامت الدول العربية ملتهية في النزاعات الداخلية بين بعضها تستفيد في الهيمنة عليها وسلب ثرواتها وبيع مزيدا من الاسلحة ليقتل العرب انفسهم وقال بانه لو سألنا اعضاء البرلمان الأوروبّي ما الفرق بين السنّة والشيعة ليقفوا مع هذا او ذاك فإنهم بالتأكيد لا يعرفون وفقط هم يعرفون ان الجميع عرب يجب سلبهم كل ما لديهم من خيرات تحت الارض وفوقها .
القومية العربية إذن بدأت إرهاصاتها في أدبيات ومتخيل الأدباء واللغويين وأغلبهم من مسيحيي بلاد الشام، كما بدأت القوميات الأوروبية في عصر النهضة، واتخذت مسلكاً تنويرياً تحديثياً وتحررياً، كما كان الشأن نفسه في التجربة الأوروبية خصوصاً في ألمانيا وإسبانيا، حيث ظهرت النزعة القومية في مواجهة التوسع النابوليوني.
وحتى في البلدان ذات التركة المركزية المتجذرة كمصر والمغرب حيث تبنت الحركة الوطنية المقاربة القومية في بلورة التصور الجديد للأمة، باعتبار العروبة مرتكز الهوية الوطنية. حيث تبيّن أن النخبة الأمازيغية المغربية هي التي تولت العبء الأكبر من جهد الصياغة القومية لفكرة الوطنية المغربية، كما ان مصر التي شهدت نزعة فرعونية قوية كان الأفق العروبي هو الإطار الناظم للمشروع التحديثي الذي غذاه وساهم فيه مثقفوا المشرق وأدباؤه.
إذا كان المشروع القومي احتضن تاريخياً المطامح التحديثية والتحررية في البلاد العربية وشكل الإطار المرجعي للنظام الإقليمي العربي حيث تأسست الجامعة العربية في الأربعينيات قبل ظهور الأنظمة التسلطية التي ترفع الشعار العروبي نظريا وتنظيرا ولكنها تعمل عكس ذلك، فإن ما بقي من المشروع القومي قادر اليوم من خلال صياغات ومراجعات نظرية واستراتيجية أن يعمل اهل القرار على انتشال الكيانات الوطنية الممزقة واستكمال المشروع الاندماجي العربي إن سمحت الظروف وهي لن تسمح بالتأكيد حاليّا.
وهناك الآن نوعين من القوى تجاه المشروع الوحدوي العربي واولها قوى الشد العكسي وهي قوى فاعلة ومفعّلة ومحدّثة باستمرار ويقود هذه القوى علنا اسرائيل وامريكا وبريطانيا وفرنسا ويعمل فيها بالسر دول مثل روسيا ودولا اوروبية ومعظم القيادات العربية والقوى الإيجابيّة للم الصف العربي هي الشعوب العربيّة والاحزاب غير الرسمية وهي غير فاعلة بل هي خاملة لا روح فيها وتخلوا من اي تنسيق او تنظيم او تخطيط وهذا ما يوحي بان المشروع في وضع كوضع الصهيوني شارون الذي مات اكلنيكيا منذ ثماني سنوات تعذب فيها امام البشر وخرجت روحه الى باريها اليوم ليجد عذاب الآخرة والله اعلم ونتمنى ان الوحدة العربية تدب فيها الحياة ولو بعد حين حين تدب النخوة في عقول وضمائر الشعوب العربية ويؤثرون على حكّامهم ليسيرو على خط الوحدة والانتماء للعروبة.
والقوى الخارجيّة تعمل بتخطيط متقن وعلى المدى السريع والمتوسّط والطويل ولكل مرحلة توجد بدائل جاهزة التنفيذ ومضمونة الآثار والتنسيق بين هذه القوى متكامل برئاسة الولايات المنّحدة الامريكيّة والتي تسخّر كافّة الامكانات من مخابرات واستخبارات معظم دول العالم والتكنولوجيا المتطوّرة بما فيها الأقمار الصناعيّة وشبكات الإنترنت والقنوات الإعلاميّة والإغراءات الماليّة والنزاعات المجتمعيّة والمناهج التعليميّة والوسائل الإباحيّة واساليب التربية والتعليم اللامنهجيّة وغير ذلك من إمكانات لتسهيل تنفيذ مخططاتها وتدمير مجتمعاتنا العربيّة وتعميق منظومة الفساد وثقافة الفاسدين في المجتمعات وتسهيل تقبلها مجتمعيّه الا فمهمّة هذه القوى نزع الاخلاق الحميدة ونزع ورقة الحياء العربيّة .
وقد نجحت تلك الدول في مخططاتها ولا يوجد ما يعرقل برامجها إلاّ أمرين اولهما الخلاف بين الدول الكبرى نفسها لإختلاف مصالح تلك الدول كما حدث في لبنان عندما تضاربت مصالح امريكا وفرنسا فانسحبت امريكا لصالح فرنسا وكما حدث في ليبيا حيث انسحبت روسيا لصالح امريكا بينما في الموضوع السوري انسحبت امريكا لصالح روسيا وهكذا يتم حل اي خلاف بينهم بالتفاهم آخذين بعين الاعتبار موضوعين اولهما ان لا تتوقف مخططات تدمير القوة العربية والثاني ان لا يتأثّر امن إسرائيل .
والامر الثاني الذي من الممكن ان يعرقل مخططات دول قوى الشد العكسي للوحدة العربيّة هو تولّد رغبة وإيمان قوي لدى الشعوب والحكّام العرب بايجاد وحدة حقيقيّة بين كافّة الدول العربيّة متخطّين اي حدود او مصالح اقليميّة وهذا لا يتأتّى بشن حروب على قوى الشد العكسي الخارجي وإنما بتسخير امكانات العالم العربي لهذا الهدف وثم ترسيخ ثقافة الوحدة وفوائد هذه الوحدة على مصالح كل شعوب الدول العربية الغنيّة والفقيرة وهذا يتطلّب تنشئة الاطفال والشباب على اهميّة تحقيق هذا الهدف والتخلّص شيئا فشيئا من القيود الدوليّة الماليّة والتسليحيّة والإقتصاديّة وهذا الامر لا يمكن ان يتأتّى قبل تحرر الشعوب العربيّة وتمتّعها بحريّات التعبير وممارستها الديموقراطيّة وانتهاج الشفافيّة والعدالة والمساواة بين الناس ورفع كافّة القيود عن المواطنين بعد اجتثاث الفساد ومحاسبة الفاسدين وتطهير المجتمعات من كل خبث وخبيث بحيث لا يتم إقصاء احد ولا يتم إغتيال الشخصيّات وان يتم انتهاج الصلح والتسامح والحوار البنّاء حيث يمكن ذلك وعلى الحكّام ان يعملوا من اجل ذلك بإخلاص وصدق ويكون نبراسهم رسول البشريّة والسلام الذي نحتفل بذكرى مولده الشريف الان وذلك عندما دخل مكّة المكرّمة فانحا حيث حافظ على كرامة زعماؤها ومقرّاتهم وهذا الامر لا يمكن تحقيقه في العقود القادمة ولا بالاجيال والحكام الحاليّين او في المستقبل القريب .
فما الحل في ظل تمادي الدول الاجنبية في انتهاك سيادة الكثير من الدول العربيّة وسلب ثرواتها وتدمير امكاناتها وقتل الكثير من شعوبها كما حدث في العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن والسودان تونس ولبنان والصومال وموريتانيا والبحرين والجزائر وفلسطين ووضع معظم الدول العربيّة تحت سوط المديونية للبنوك والصناديق والدول التمويليّة ناهيك عن عجز ميزانيّات تلك الدول وعجزها عن تقديم الخدمات لشعوبها بالرغم من إرتفاع كلفة المعيشة فيها بعد اضمحلال الطبقة المتوسّطة وتوسع الطبقة الفقيرة والمعدمة في نفس الوقت الذي تطوّر فيه وضع الطبقة الغنيّة والحاكمة في تلك الدول .
وفي ظل هذا الوضع المأساوي لا يبقى للشعوب العربيّة سوى حل واحد وهو حل اليائس إلاّ من رجمة الله وهو الإذعان لصوت الظرف والعقل الفاقد آهليّته للتفكير وهو ان تحتضن هذه الشعوب والدول العربية اليهود من كل انحاء العالم وعددهم لا يصل الى 5% من عدد السكان العرب حتّى وإن كانوا على رأس الحكم للولايات العربيّة المتّحدة التي تحافظ كل ولاية من هذه الولايات على حدودها ونظام حكمها وعندها يضمن المواطنين العرب العدالة والمساواة والديموقراطيّة ويستطيعون العيش بكرامة حتّى تتغيّر الاحوال ويبدّل الله امرا كان مفعولا وتتبدّل اجيالنا وحكّامنا نحو الافضل وقد يكون هذا الحل ليس هو البديل القومي المشرّف ولكنّه حل من عربي يران اكثر من ثلاثين فلسطيني يموتون جوعا في مخيّم اليرموك المحاصر منذ اشهر في عاصمة الامويّين عاصمة نظام نادى لسنوات بالوحدة والحريّة والاشتراكيّة ولم نعد نرى في تلك العاصمة سوى الفرقة الاقليميّة وتكميم للحريّة وبعدا عن النخوة والتشارك في لقمة العيش الهنيّة ونجد في العاصمة العبّاسيّة التي نادى حكّامها لسنين خلت بنفس الشعارات بينما نجد حكّامها يقتلون ويبطشون باهل الانبار والفالوجة بلا رحمة ولا شفقة ………… فاين هي بوادر الرحمة وليس …… الوحدة .
اوليست إسرائيل هي الحل الوحيد للأسف ؟؟؟؟؟
احمد محمود سعيد
11/ 1 / 2014