0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

كيري .. وإعادة جدولة القضية

  
زيارة جون كيري للمنطقة قد تعني التوصل إلى إتفاقية إطار بين الجانب الفلسطيني ونظيره الصهيوني ، الواضح إن نتنياهو يشترط على الفلسطينيين والأمريكان من أجل الوصول إلى إتفاق أن يعترف الفلسطينيين بيهودية الدولة.
وهنا تبدو الكارثة الوطنية السياسية إذا ما إعترف الجانب الفلسطيني ، إن أي تنازل فلسطيني عن حق اللاجئين بالعودة هو معادل موضوعي للإعتراف بيهودية الدولة ، وهو في النهاية تنازل خطير له تداعيات لا يمكن وصفها إن صانع القرار في فلسطين لن يعترف ولا يملك مثل هذا الإعتراف , الجميع يعيش قلقا غير مسبوق من طبيعة سرية التفاوض الفلسطيني الصهيوني الحالي وهذا أمر لا يمكن إخفاءه , سواء أعلن عن تفاصيلها أم بقي بعضها سرياً وبخاصة بعد تسريبات ، وبما يتعلق باللاجئين والحدود والقدس.
لكن يبقى السؤال إن كان الوقت مناسبا للدخول كما ترغب واشنطن بقوة في هكذا ملفات حساسة ، في إقليم يغلي بدءا من مصر ولبنان وسوريا والعراق والأردن في وضع لا تحسد عليه , فهي ستضيف إلى أعبائها على الحدود الغربية مزيدا من الحذر والخوف على خطوط أخرى في الشرق والشمال ، ويمكن أن تمتد جنوبا أيضا ، ماذا لو إنفلت الوضع في لبنان وإمتد مضطرب معاكس من بيروت إلى دمشق ثم بغداد ، وكيف ستجد واشنطن مساحة لطرح موضوع معقد مثل الحل النهائي للفلسطينيين أم أن هنالك مخططًا يعد له في السر سيكون مفاجئاً للجميع.
لا تلوح في الأفق خيارات متعددة ، بل على واشنطن أن تعيد حساباتها في المنطقة ، ومثلما فعلت أكثر من مرة كانت تخطئ كل مرة ، تعيد مثلما فعلت في إبرام الإتفاق النووي التاريخي مع إيران ، هذه المرة الوضع يختلف فالعنف بدأ يتصاعد وتيرته ، وبشكل ملفت وضمن تجاذبات إقليمية ولدت إرتباكاً لدول تدعم جماعات هنا وهناك وبغض النظر عن مرجعياتها ، إذاً تجد واشنطن الآن نفسها أمام تحدي كبير أصعب من مسألة المفاوضات الفلسطينية الصهيونية , إذ إن منابر التحليل على إرتباكها ، وعدم تجلي الصورة ، تجزم بأن خيار الشعوب سيعود من جديد ، لكن هذه المرة بشكل مختلف وضمن تفاهمات ما تزال غامضة حتى اللحظة.
في كل الأحوال تعيش المنطقة وضعاً صعباً لا تحسد عليه ، والزيارة التي يقوم بها جون كيري إلى المنطقة بهدف دفع عملية السلام ، لا لون ولا طعم لها ولا نكهة ! إن ما تسرب من ملامح رئيسية لـ إتفاقية الإطار التي يعمل على إرسائها بين الفلسطينيين ودولة الإحتلال ، تقوّض ما تبقى من فلسطين ، الأمر الذي يعني إن أي حل يكون على حساب الفلسطينيون ، الذين قدموا ما إستطاعوا وأكثر ، ولا يعرف كيري ولا يريد أن يعرف إنه ما عاد هناك مجال أصلاً لتقديم أي شيء جديد.
المشكلة أن الدفع الإعلامي الذي يصاحب جولة كيري مشحن بالأمل والنوايا العريضة ، إن الواقع يؤكد أن أحدا لم ينتبه إلى أن حقيبة كيري مخزوقة ، وأنه حال وصل إلينا ، لم يبق في جعبته شيء إلا اليأس ، هذا اليأس دفع مسؤولين فلسطينيين إلى محاولة نفض أيدهم من عملية السلام ، في حين إن نتنياهو عاد لترديد ذات الإسطوانة ليس هناك شركاء سلام ، طبعا نتنياهو يريد شركاء سلام على مقاسه ، يجري تفصيلهم كيفما شاء وربما في معامل أمريكية , زيارة لا جديد فيها ولا جدوى ، وأرى أنه كان مفترضا بمستشاري كيري أن يوجهوه إلى أن لا فائدة ترجى من ذلك ولا أمل ، ما دام المحتل متمسكاً بمواقفه الديمغواجية الصهيونية ، وأن عليه إن يجول في المنطقة كما يشاء متذوقا أطعمتها وكنافتها النابلسية التي أحبها ، وينسى أي حديث عن سلام ، المغزى أن هذا الهجوم الدبلوماسي الذي تقوم به واشنطن ، على الرغم من كل التطبيل الإعلامي ، لا يهدف إلى حل القضية وإنما الى جس النبض ، والحوار لمجرد الحوار ، وإعادة جدولة القضية فقط لا غير .

بقلم الكاتب جمال ايوب