0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

عندما تنتهي السنين

 
  
في هذه الأيام يحتفل الناس بعيد الميلاد المجيد ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام رسول السلام الذي نفتقده الآن وماهي إلاّ أيام وتنتهي سنة ميلاديّة اخرى لنستقبل سنة جديدة بعد ان انتهت سنة مليئة بالدم والدموع والاحزان خاصّة في المجتمعات العربية الى جانب القليل من الفرح الشخصي عند بعض الافراد .
وبشكل عام فان بلادنا العربيّة اكتوت بنيران القتل والذل والعار وكان عام 2013 استمرار لخيبة الامل منذ سنوات عديدة والتي تجعل العربي يستحي من انتسابه لهذه الأمّة وهذا العار الذي ينتاب الامّة لا يستثني احدا كبيرا كان ام صغيرا فقيرا ام غنيا متدينا ام علمانيا متعلما ام اميّا حاكما ام محكوما فوباء العار عمّ وطمّ ولا يوجد دواء او مطعوم يخلّصنا من هذا العار لأن الدواء الوحيد هو في ضمائرنا وحيث ان الضمائر في صدور معظمنا ماتت منذ ازمان طويلة ولم نبحث عنها .
فماذا حملت لنا السنة المنقضية والتي تحمل الرقم التشائمي في معتقد البعض وتفكيرهم فنحن في الاردن جائتنا اليكسا في نهاية العام وخلفّت اضرارا ماديّة لقسوتها وبحمد الله لم يسقط ضحايا ولكنّها رسخت دروسا في ذاكرة المواطنين والمسؤولين علّها تفيدهم مستقبلا كما زادت اعباء المواطنين نتيجة زيادة اسعار بعض السلع والخدمات مما زاد من حنق المواطنين على حكومتهم إضافة الى زيادة العنف المجتمعي وخاصّة في الجامعات مما اوقع العديد من الضحايا كان اخرها مقتل الطالبة الجامعيّة في جامعة آل البيت نور العوضات رحمها الله على يد مجرم فجرا وهي متّجهة لجامعتها وقد ولّدت هذه الجريمة النكراء ألما وأسى في نفوس الاردنيّين كما تم اجراء جولتين من الانتخابات واحدة نيابيّة والاخرى بلديّة والتي شابها بعض المنغصات بالرغم من ان الحكومة تغنّت في نزاهتها وشفافيتها كما عيّن جلالة االملك مجلس اعيان جديد برئاسة دولة الروابدة واستبعدت بعض الاسماء من عضويّته وكانت النسبة الكبيرة من اعضائه من الوزراء وكبار الموظفين السابقين وقد شهد مجلس النوّاب لاول مرّة استخدام اسلحة ناريّة تحت القبّة في الخلافات النيابيّة وصدرت احكام غير مسبوقة على الفاعلين.
كما انحدر ترتيب الاردن عالميا من حيث النزاهة والسعادة وعلا ترتيبه في تفشّي الفساد بين مواطنيه ومسؤوليه كما وضعت قيود على حريّة التعبير خاصّة الكتابة على صفحات المواقع الالكترونيّة .كما تدفّق المزيد من اللاجئين السوريّين الهاربين من جحيم المعارك الى مخيمات لم تستطع الصمود امام اليكسا او اقل منها فكان الاردن بين نارين بين مدُّ يد العون لإغاثة الشقيق وبين قلّة الموارد والامكانات بالرغم من تدفق الكثير من المساعدات الماليّة والعينية للمساهمة في مساعدة المدنيّين السوريّين الهاربين من الحرب وحصل الاردن على مقعد في مجلس الامن الدولي .
وإذا نظرنا لغيرنا من الدول العربيّة فهي مأساة حقيقيّة قالقتلى في المشرق في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين وفي مغربه في مصروليبيا وتونس والسودان وجنوب السودان وبقيّة دول العرب تتهدّدها المخاطر والتحدّيات وخاصّة ترداد ذكر اتفاقيّة سايكس بيكو ونغمة تقسيم الدول بناء على الطائفيّة والاقليميّة والقوميّة وبناء شرق اوسط جديد وكبير بقيادة إسرائيل يهوديّة الدولة صهيونيّة الممارسة ويكون الكومبرس من العرب المتظلّلين نحت جناحها .
إن إسرائيل وبتغطية امريكيّة تلعب بمصائر الدول العربيّة كما تشاء وعندما اشتدّ عود الروس في سوريا لم تستطع دولا كثيرة وقفت الى جانب المعارضة من خلع الرئيس السوري عن الرئاسة حتّى الآن وقبل العالم المزيد من القتل للسوريّين والدمار للوطن العربي السوري ومقدّراته وفعلا فاننا نرى الهلال الشيعي يسري من ايران للعراق لسوريا للبنان .
وكما هو الخلاف بين السودان وجنوبه فهو كذلك بين العراق وشماله وبين اليمن وجنوبه وبين ليبيا وشرقها وبين فلسطين وجنوبها غزّة وبين الصومال وجنوبه وغيرها من الخلافات العربيّة العربيّة وكلّها تستهلك اسلحة من صنع امريكي واوروبي واسرائيلي وتساهم في حل مشكلة البطالة في تلك الدول والقتلى من الاعراب .
ومن اصعب الدروس على عقول العرب هذا العام هو الدرس المصري الذي انقلبت فيه الحقائق وتلوّنت فيه الشرعيّة وقتل فيه الالاف وانقسم الشعب الى قسمين رئيسين واحتار عقل الحليم فيما يجري ومن يُصدّق .
وعلى المستوى الدولي كان ذلك العام نهاية لزعيم اممي انهى التمييز العنصري في بلاده وقهر تميّز الابيض عن الاسود حيث كان مانديلا مدرسة يتعلّم فيها الاجيال التضحية والعقل المنفتح من اجل الوطن . واكثر مايميّز العام المنتهي هو انتشار ظاهرة التعرّي بين الفنانات والمحتجّات والمعارضين لأمر ما والعاملين في الاعلانات وفي حالات مختلفة اخرى وكأن الجسد الانساني ليس له حرمة وكأننا نعود للإنسان الاول ولخطأ ادم وحوّاء عندما اكلت من شجرة التفاح في الجنّة فهبطا بامر الله للارض عراة مع ملك الشرّ إبليسْ .
وكأن العيب ليس بالتعرّي وإنما كما يدّعي البعض بعقولنا المتحجّرة التي لا تواكب التطوّر في مناحي الحياة المختلفة وخاصّة في التكنولوجيا وهناك دولا عديدة تسمح لمواطنيها باشكال مختلفة من الإباحيّة وتعتبرها حريّة شخصيّة لا يجوز منعها او تقييدها خاصّة انها تبدأ بالدعاية لها عبر برامج صحية تتعلق بتنظيم النسل ومضار الملابس الضيّقة والعلاقات بين الجنسين وما الى ذلك من مواضيع ترّسخ لدى الاجيال الشابّة اهميّة ابراز جمال الجسد وعدم الاهتمام بالفكر والقيم والاخلاق والعلاقات الإنسانيّة السويّة القائمة على احترام العقل والروح .
ونرى انّه كل عام يزداد عدد الفقراء والجوعى والمشرّدين في العالم وفي نفس الوقت تزداد دخول الاغنياء ومدّخراتهم واستثماراتهم فهل يعقل ان تكون ثروة ثلاثة من اغنى اغنياء العالم تعادل الناتج المحلي لافقر اربعين دولة وان تكون ثروة مائتين من هؤلاء الاغنياء تتجاوز نسبتها دخل 41% من سكان العالم مجتمعين بينما ثلاثة مليارات من سكان العالم لا يزيد دخلهم عن دولارين يوميا وبعضهم لايحصل على دولار واحد في اليوم وهل من العدل ان تملك الدول الصناعيّة 97% من امتيازات الكون وهل من الانصاف ان يذهب 80% من اجمالي ارباح الاستثمار الاجنبي في الدول النامية الى 20 دولة .
وهل من المنطق ان يتنعّم مواطني الدول الغنيّة في حياتهم بينما اكثر من 33% من سكان الدول التامية لا يحصلون على ماء نظيف للشرب بينما 25% منهم لا يملكون سكنا لائقا و20% منهم يفتقدون لخدمات صحيّة ملائمة و20% من الاطفال لا يصلون اعلى من الصف الخامس في التعليم وان 20% يعانون من سوء التفذية بينما يموت يوميا حوالي خمسة وثلاثون الف طفل من الجوع والمرض .
ابعد ذلك نهنئ بعضنا بعام جديد آخر أليس من الاجدى ان نتسائل عن العار الذي ينتظرنا في العام الجديد ونتمنى لبعضنا الخير في كل عار يأتينا .
احمد محمود سعيد
29 / 12 / 2013