"وقَـع الفسـاد والمُفسِدون في الفَـخ"
((بسـم الله الرحمـن الرحيـم))
“ضايع ولقيناه”
“على ذمة وزارة التربية والتعليم”
“وقَـع الفسـاد والمُفسِدون في الفَـخ”
بقلم: الأستاذ عبد الكريم فضلو العزام
بعد هذا المشوار الطويل من متابعة المفسدين ومحاصرتهم ومحاولة اقتلاع الفساد من جذوره تكللت العملية بنجاح باهر فقد وضعت وزارة التربية والتعليم يدها على من تعتبرهم المفسدين وبالاسم ودونت أسماءهم في كشوف أرسلتها إلى وزارة المالية ولا أعرف إن كانت ستحولها إلى هيئة مكافحة الفساد لتكون أخر دفعة من المفسدين تنحل بعدها الهيئة لعدم الحاجة إليها فالأسماء التي وَضعت الوزارة يدها عليها لربما يكون أصحابها هم من أوصلوا البلد إلى ما هي عليه من ديون متراكمة وشركات مُباعة وسرقات بالملايين واستغلال للوظيفة وهدر للموارد وفوق كل ذلك القرارات الفاشلة وهذه الكشوف تكاد تشمل كل مديري الإدارات ومديري التربية في العقدين الماضيين.
بعد هذه المقدمة لا بد للقارئ أن يعرف قصة هؤلاء المُعمّم عليهم بتهمة الفساد وهم الذين أفنوا عمرهم في خدمة التربية والتعليم وكانوا مثالاً للنزاهة والأمانة والإخلاص والإنتماء ليُـقَدَّموا اليوم قرابين على مذابح الفاسدين يُطهِّرون أنفسهم بدمائهم ويقرأون على جثثهم مزامير داوُد والقضيـة تتلخص بما يلي:
1- منذ عقد الثمانينات قامت وزارة التربية والتعليم بإعطاء مديري التربية والتعليم في الميدان ومديري الإدارات في الوزارة سيارات لإستخدامها بالتنقل بين البيت ومركز العمل وخلال زياراتهم الميدانية للمدارس وكان ذلك بعلم ومتابعة ديوان المحاسبة.
2- في عام 1994 حصل اعتراض على هذا القرار وكان حينها دولة الأستاذ عبد السلام المجالي رئيساً للوزراء ودولة الأستاذ عبد الرؤوف الروابدة وزيراً للتربية والتعليم، وعندما زار دولة الرئيس الوزارة في نفس العام عرض معالي الوزير الأمر عليه فأصدر قراراً يجيز للفئة السابقة الذكر إستخدام السيارات وفق الشروط السابقة وبتعميم من رئاسة الوزراء.
* الغريب العجيب ما سأعرضه الآن :
نهاية هذا الشهر تشرين الثاني 2013 وجد كل مدير تربية ومدير إدارة متقاعد منذ عام 2005 وحتى الآن عليه استحقاقات للوزارة بدأ خصمها من هذا الشهر وهذه الاستحقاقات ناتجة أن المدير كان يستخدم بنزيناً لسيّارته أكثر من المُقـرر الذي لم يكن أي مدير من المديرين يعرف كميتـه لأن كل مدير قـدم للوزارة مكان سكنه ومكان عمله ومقدار المسافة بينهما وعلى ضوء ذلك تظهر مقدار الحاجة من المحروقات كما أن حركة السيارات كانت تُـدوّن على تصاريح (أمر حركة) محفوظة في المديريات والوزارة تدقق نهاية كل شهر.
والآن أضع أمام معالي وزير التربية والتعليم الأسئلة التالية:
* أتمنى على الوزير أن يعرف صاحب هذه الفكرة لأنه رجل مبدع عاد الى الخلف عشر سنوات ليحاسب الأحياء والأموات على سجلات باطلة فهل عرفه وسأله لماذا سكت حتى الآن؟
وهل هذا الشخص قرأ الكتب والتعاميم الصادرة في حينه ؟
* هل قدمت الوزارة للمديرين كشوفات بمخصصاتهم الشهرية من البنزين حتى يلتزموا بها؟
* إذا كانت قدمت كشوفات بالمخصصات فلماذا لم توقف الصرف الزائد بعد أن يستنفذ كل مدير ومدير إدارة مخصصاته؟ فلا تُعطيه إلا حَقـه وإذا صدف أن نسيت الوزارة هذا الإجراء شهراً فلماذا لم تطبقه في الشهر الذي يليه؟
* لماذا لم تسحب الوزارة السيارات في حينه وتوقفها؟ أو أن تقطع البنزين والكوبونات عن المديرين وعندها يوقفون سياراتهم.
* إن كان هناك خطأ في الصرف وهذا لم يحصل، فأين دور ديوان المحاسبة طوال هذه السنوات؟
* لا بد أن الوزارة كانت تعرف هذه المخالفة في حينه إن كانت مخالفة وهي ليست كذلك فلماذا سكت المسؤولون عنها؟ سواء إدارة اللوازم والمالية، وديوان المحاسبة في الوزارة والأمناء والوزراء وهم يعرفون أن مديري الإدارات يذهب سائقهم ليحضر كوبون البنزين من اللوازم وباستطاعة اللوازم إيقاف كل زيادة وإبلاغ ديوان المحاسبة عن كل مخالفة إن وجدت فلماذا لم يتم ذلك.
إن هذا القرار الآن هو إيمان منهم بأن المديرين في وزارة التربية والتعليم يجب أن يعملوا بالسُّخرة (أي بالمجان) وعلى مُـونة بُـطونهم وبعد هذا تتِـم إهانتهم بالباطل وعلى رؤوس الأشهاد.
* عندما يتقاعد أي موظف فإنه يتقدم بطلب براءة ذمة لإنجاز معاملة التقاعد وقد حصلنا عليها مُوقّعـةً من كُـل إدارات الوزارة في حينِـه ولم تكن هناك أيّـة مخالفة.
* لماذا فطنـت الوزارة لهذا الأمر الآن؟ فمثلاً أنا مضى على تقاعدي تسع سنوات وكما أعلم أن لي عند الوزارة كل شيء وليس لها علي شيء، أقل ما لي عليها: الظلم، الظلم، الظلم الذي لحق بي والذي لا يخفى على كل من يعرفني من زملائي في الوزارة والميدان وغيري الكثير من المظلومين.
* هل أفلست الوزارة مالياً وفكرياً فأخذت تبحث عن الأوراق في المستودعات وتُرمّـم ما أكلته الفئران؟ مما هو مجافٍ للحقيقة طِبـقاً للمثـل المعروف ((دَوّر الجندي الدفاتر ما لقى غير الشفاتـر)) وفعلا لم يبقَ عند الوزارة ما تفعله غير هذه الفعلة، وهل أصبحت الوزارة لا تعرف ما ينفعها وما يضـرها من القرارات؟ وما هو حق وما هو باطل؟
* أتمنى على الوزير أن يسأل اللجنة المشكلة لهذه الغاية على أي الأسعار تم تقييم ثمن البنزين الزائد؟
هل على الأسعار الحالية أم على أسعار ذلك الزمان؟ وهل على حساب خام برنت اليوم أم على حساب المعونة السعودية والكويتية في حينه؟ وهل كانت دقيقة الحسابات أم كيدية؟
* أتمنى على الوزير أن يسأل القائمين على صرف البنزين: هل وجدوا مديراً يشرب البنزين؟ هل سَمِعوا أن مديراً كان يُتاجر بالبنزين؟ هل كان مصروف البنزين لا يتناسب مع المسافات المقطوعة والعمل المنجز والذي كان يدون يوميا على نموذج خاص موجود لدى إدارة اللوازم والمالية ويدقق من قبل ديوان المحاسبة ؟
* أسال معالي الوزير: هل تمت ملاحقة الأموات في هذه الحسبة التي تمتد لعشر سنوات؟ والذين في اعتقادي قد صَفّـوا حساباتهم مع ربهم خلال هذه المدة الطويلة التي مرت على الوفاة، فهل لكم أن تأخذوا من سيئاتهم وسيئات الأحياء بهذا الظلم البَيّـن لتُسجلوا أنفسكم سلفاً في سجل الشفافية والنزاهة؟
أما الآن، فإنني أتساءل ويتساءل معي كل الذين ظُلمـوا في وزارة التربية والتعليم عن الأمور التالية بعد أن اجبرتمونا على الحديث الذي كنا لا نريد قوله :
أولاً: إذا كنتم قرأتم كتاب رئيس الوزراء بهذا الخصوص ووجدتم أن صرف البنزين يتماشى مع التعميم ومع خطة العمل على مدى أكثر من عشرين عاماً وفعلتم هذه الفعلة، فإنني أقول لكم كفى ظلماً وإن كانت هذه أبسـط المظالم التي عشناها في وزارتكم.
ثانياً: هل مديري الإدارات ومديري التربية الذين بلغت خدمة بعضهم 43 عاماً ومنهم 39 عاماً وأقل من ذلك وأكثر، كانوا خلالها يداومون قبل الساعة السادسة صباحاً ويعودون للبيت بعد الساعة العاشرة ليلاً؛ هل هؤلاء كانوا خونة أم الذين فطنـوا لمعركة الباطل بعد عشر سنين هم من تجب مساءلتهم وهم …. وهم …..؟
ثالثاً: هل الذي خدم 39 عاما أو 43 عاما منها قرابة 20 عاماً مديراً للتربية والتعليم أو مدير إدارة وكان في كل محطات عمله يُجبِّـر عثرات الوزارة ويَقـوم بالمهام الصعبة بشهادة الوزراء أنفسهم ولعل معالي الدكتور خالد طوقان من أصدق الشاهدين على ذلك؛ هل يجوز أن يحال هؤلاء إلى التقاعد ولم ينالوا الدرجة العليا أو الأمانة العامة في الوزارة؟ في حين أعطيت لزملاء لنا لم يخدموا نصف هذه الخدمة ولم يتقلدوا هذه المناصب؟ ومع ذلك نهنئهم ونبارك لهم.
رابعاً: أعتقد وأكاد أجزم أن هذا الأمر وهذه الضلالات هي مُدبّـرة ومُفتعلة للتمويه على الفساد الحقيقي كغيرها من القضايا لإلهاء الناس وصرف نظرهم عن الفاسدين الحقيقيين والقتله المحترفين.
خامساً: أرجو من معالي الوزير أن يبلغ المعنييـن بإجراءاته التي أوقعها على موظفي اللوازم وعلى الأمناء العامين السابقين وعن كتابه الموجه لديوان المحاسبة ليقوم بمحاسبة موظفيه الذين أقروا ذلك.
سادسا: اسمح لي يا معالي الوزير ولتسمح لي كوادر الوزارة المتقاعدة منها والتي على رأس عملها أن أقول هذا هو جزاء ((سِنمَّار))؛ هو نفسه جزاء قيادات وزارة التربية والتعليم الذين رأس مالهم إصبع طبشور، وعهدتهم كتاب وقلم؛ خدموا وتقاعدوا أمناء شرفاء صادقين مخلصين لم يسرقوا لأنه لا يوجد بعهدتهم شي يُسرق ولأن ضمائرهم وتربيتهم تمنعهم من ذلك وأخص منهم الذين خدماتهم طويلة وطويلة جداً كالسادة: فلان… وفلان ….. وغيرهم وهذا ما يشهد به مسؤولوهم.
وأخيراً فإنني أتمنى على الباحثين عن الحقيقة أن يحكّـوا عُـيونهم ويلبسوا نظاراتهم إن كانوا لا يـرون الشمس، فالحقّ أبلج والفساد والمفسدون يُـنادون على الناس رافعين رايات فسادِهم صائِحيـن بملء الفم قائلين: (نحـن نقتُلـكم بغذائِـكم ودوائِـكم وملابِسكـم ونَسـرِق أموالكم ونُصادر مواقعكم ووظائفكم، لنا صدر البيت ولكم عتبـة المنزل، فلا تنافسونا أيها المساكين لأن من يقتـرب مِنّـا نُسلّـط عليه شهاب ثاقب، فالزموا مواقعكم وآثروا الصّمـت واعرفوا دوركم الذي رسمناه لكم ولا تخرجوا عن إطار مواريثكم ووظائف آبائكم وتذكّـروا أن ياسـر وسميـة ماتوا معذّبين مع صدق إيمانهم وإخلاصهم، تذكّروا ذلك ونحن لكم بالمرصاد حتى وأنتم في القبور).
الكاتـب: الأستاذ عبدالكريم فضلـو العـزام