عندما نأكل انجازنا
يقول خبراء البيطرة أن الأرانب عندما تنزعج أو تغضب أو تخاف، تفرغ انزعاجها وغضبها وخوفها من خلال أكل أولادها الذين حملتهم وتعبت في نقلهم من مكان إلى مكان ،بعيداً عن أعدائها في الطبيعة والبيئة…
الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية..هذا الصرح الأكاديمي الذي تأسس عام 1988 من خلال اتحاد الجامعات العربية ، ثم تحوّل إشرافها وإدارتها إلى مؤسسة العمل العربي المشترك التابع للجامعة العربية باتفاقية هي اقرب إلى الانجاز حيث اختير الأردن المقر الرئيس والوحيد والدائم للأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية ، الأرض مقدّمة من الأردن والمباني والكوادر من الجامعة العربية ضمن اتفاقية موقعه بين وزير الخارجية آنذاك عن الطرف الأردني …ورئيس الأكاديمية مندوباً عن الجامعة العربية ، تبعها صدور إرادة ملكية تتعهد الالتزام بالاتفاقية الموقعة وعدم الإخلال بأي من بنودها ..
منذ عام 1988 بدأ يتوافد على الأردن طلاب ومتدرّبين من كل الدول العربية حيث يقدر عدد الطلاب في التعليم والتدريب والاستشارات والبحث سنوياً بــ6000 طالب سنوياً.. يقيمون في الأردن ويرفدون الاقتصاد بمصاريف الإقامة والمعيشة والتنقل والرسوم، بلغ إجمالي الدخل المباشر المتحقق للبلد في عام 2012 من هؤلاء نحو (1.488.000) دولاراً.. هذا فضلاَ عن الطلاب الأردنيين الذين كانوا يتقدمون لشهادة البكالوريس والماجستير والدكتوراة…
توسّعت فكرة الأكاديمية وفتحت فروع لها في مصر وسوريا وعُمان واليمن كلها كانت ترفد الجامعة الأم “في الأردن” بالدخول من خلال رسوم المشتركين والمتدربين والطلاب..
عام 2007 بدأ حصار عجيب غريب على هذا الصرح العربي الأردني، عندما طلب التعليم العالي توقّف الأكاديمية عن استقبال الطلاب لغايات الاعتماد العام، وتوالى الحصار والتضييق حتى بعد ان صوّبت أوضاعها في 2011 حيث سمح لها باستقبال طلاب من جديد، ثم أوقف ثانية في نفس العام لأسباب لا أحد يعرفها..
في نهاية 2012 أصدرت حكومة الدكتور عبد الله النسور قراراً بإلغاء الاتفاقية مع الجامعة العربية ووضع اليد على الأرض والمباني لصالح الخزينة ، رغم صدور إرادة ملكية بعدم الإخلال بالاتفاقية عند تأسيسها ..واضعة “الانجاز الأردني” تحت التصفية والتفكيك،ومصير مئات الموظفين وعوائلهم بمهب الريح ربما نتيجة نزوة انتقامية لــ” وزير” قد عيّن صدفة في الحكومة وكان طرفاً متضرراً من صراعات إدارة الأكاديمية في زمن ما..
أخيرا..بغض النظر عن نجاح او تعثّر هذه المؤسسة، وبغض النظر عن عقبات الاستمرارية وإعادة التحليق ،سؤالنا..إذا كان لدينا مشروعاً يدرّ دخلاً مهماً للدولة أيهما أصح..ان ندمّره ونقوّضه تماماً أم نقوم بإصلاحه ورفع انجازه وتوسيع استثماره وزيادة أرباحه…
أقسم بمن علّمنا ما لم نعلم..ان كل قرش يضيع على هذه البلد أو “تُحرم” منه الخزينة بسبب أهواء شخصية او نزعات انتقامية هو وجع وغصّة في قلوبنا جميعاً…
فقط اتقوا الله بمؤسسات البلد..
احمد حسن الزعبي