في سياق الفرح
نعم سئمت من الحديث عن الحزن،كم أتمنى أن أكتب بحبر أزرق كالسماء،وألقي في النفايات كل دواة، حمراء كالدماء،أو سوداء أو شوهاء .
وسئمت أيضا كل هذه الأقاويل عن الظلم،لن أصغي إلا لحكايات عن طيور البجع في بحيرة نائية، ومن حولها خميلة وأزهار، تبعث عطرا يتخلل كل الأنحاء.
سأكتب عن رسام لوحات،يطمح أن يدخل الموسوعة الفنية،ويرسم جدولا يفيض على زرع يتلألأ وعصافير تطلق ألحانا،وكوخ خشبي،وامرأة مسنة تنسج شيئا،بعينين صاحيتين،ويدين ثابتتين.
سئمت الحديث عن البغض،ساؤلف نصا قصصيا، عن متحابين يافعين، يخططان للزفاف،ويختلفان ويتفقان وبين كل خلاف واتفاق نظرات حالمة وأشجان وعناق
ولن أتعرض للكثير من الإنتقاد، إذ يجوز لي أن أكتب عن حب يتألق في سياق علاقة شرعية.
سأكتب عن أطفال،يلهون ويفرحون ويتأرجحون ويقفزون، ولا تغتالهم شظايا الصواريخ أو الرصاص الراجع من فوهات العرس او النجاح،أو تجتلهم نياما غيمة كيماوية .
سأكتب عن ألوان قوس قزح، بعد صحو مباغت، يعقب عاصفة ومطرا منهمر.
سأكتب عن الصديق الوفي، وعن جيران الصفا،الذي يقابلني بوردة بكلتا يديه وأحذف من ذاكرتي كل كل أولاد الـ.
سأكتب عن الإيثار والتقدير، وسأمنع أي هاجس يراودني أن هناك حسودا يضحك في الوجوه وتخنقه غصة البغضاء .
سأكتب عن أطايب الحديث بين الخلان،وعن نعومة النقاش،وعن سهولة الإصغاء.
سأكتب عن شوارع نظيفة،تخلو من المياه،سأكتب عن نفايات لا تظهر في جنباتها، ،وعن بائعة للورد،تفترش الرصيف، سأكتب عن مارة يبتسمون ويطرحون السلام.
سأكتب عن جمهور يقرأ حتى في مواقف الحافلات وفي الحافلات، ،وعلى الشرفات،وفي المتنزهات، وعن سائق حافلة يمتلئ وقارا،وعن جامع أجرة تلقى دورة في معاملة الركاب.
سأكتب عن حكومة تمنع الخضار من السفر،حتى تمر على بيوت البسطاء.
سأكتب عن وليمة كبيرة تغص بالفقراء،وعن نساء يربين أولادهن،وعن رجال يتفاخرون بالحياء،ومراهقون يمرون سريعا،ولا يتسكعون.
سأكتب عن سياسي نفذ برنامجا، وعد به،سأكتب عن دولة مثالية خارج الشاشات، وخارج الأحلام،وخارج التصريحات.
سأكتب عن عقول، تناقش بالدليل، وتقبل الدليل، وتمنع المراوغة.
سأكتب عن تجرد، يرفض السير في أنفاق الاحتيال، وينزع كل أقنعة من الممكن أن تواري الاحتيال.
هل ياترى حقيقة ما أدعي، هل كل ما سأكتب مهيأ لي أو لكم، هل أستطيع أن أستغل مساحة فارغة من نفسي وأنفسكم خارج دوامة الحزن المتواتر،وأدعي الهناء ؟!.