الاصلاح وحب الاوطان !!!
الاصلاح وحب الاوطان !!! لما أنزل الله تعالى للناس الخير وبسطه في الأرض لم يدع لهم التصرف فيه بأهوائهم بل أمرهم سبحانه أن يراعوا هذه النعم والآلاء ويقدروا هذه المنن قدرها فيحافظوا عليها ولا يعثوا فيها فسادا لأن الإفساد في الأرض وإتلاف مقدراتها وخيراتها التي امتن الله بها أعمال تخريب بل وإنها مما ذكره الله تعالى في وصف المنافقين فذكر أنهم لا يصلحون في الأرض بل إنهم أهل فساد قال تعالى : “وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون* ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون” ومنه يتضح لنا أن صفة الإفساد وإتلاف المقدرات في الأوطان أمر شنّعه الإسلام وجعل الله تعالى عقوبة على أصحابه بعدم إصلاح عملهم فقال ” إن الله لا يصلح عمل المفسدين” كما أن الله نهى عن الفساد في مواضع من كتابه فقال “ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها” وذكر سبحانه في حق بعض الكفار”وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد” وعليه فإن الإسلام قرر مبدأ وأرسى لنا قواعد نسير عليها في هذا الأمر وإن من واجب كل مسلم في بلده ووطنه أن يسعى جاهدا ويحث نفسه وغيره على الحفاظ على خيرات ومقدرات بلده التي وهبها الله وسخرها وجعلها منافع للناس فإن هذا من التواصي بالحق والخير كما أنه تطبيق لما جاء به الشارع الحنيف من حفظ الضرورات الخمس الدين والنفس والعقل والنسل والمال.
إن الحفاظ على مكتسبات الوطن من حفظ المال الذي جعل أمانة عندنا فلا نضيعه ولا نهدره.
كما أن الحفاظ على مكتسبات الوطن من اتباع سبيل الإصلاح يقول الله تعالى:” وأصلح ولا تتبع سبيلَ المفسدين”.
ومن هذا يتضح أن الحفاظ على مكتسبات الوطن ما هو إلا جزء من معنى الإصلاح الكبير الذي لا يقتصر على شيء بعينه كل ما فيه تخريب فإن إصلاحه داخل في هذا المعنى ، وما هذه الآية إلا جزء من وصية موسى لأخيه هارون ، فإذًا الإصلاح جاء به الأنبياء بل إن الله تعالى قد أخبر في كتابه أنه حفظ للأمم وأمن لهم من الهلاك فقال:”وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون”.
ومما يجدر ذكره الدور المطلوب من الشباب في الحفاظ مكتسبات وطنهم وأن لا يكونوا آلة تخريب أو إفساد ووسيلة للإتلاف ، بل إن عليهم أن يكونوا رأب صدع لا معول هدم ، إنه مما يسوؤك رؤيته أن ترى مناظرا تهوّل العقل بين أوساط المجتمعات (الشبابية) ، تمر عند أحد الثانويات أو المتوسطات فتجد الشارع قد اكتسى ثوبا أبيض من الأوراق والكتب التي مزقت ورميت فيه وعلى أطرافه دون رحمة لما فيها وتقدير لما تحمله من علم أو حتى تعظيم وتقديس لما فيها من آيات أو أحاديث ، أليس هذا منظرا لإتلاف المكتسبات يا سادة؟!
وأيضا ما قد نراه يمارس على بعض المرافق العامة من تكسير أو تخريب أو توسيخ لها وعدم حفاظ على ما تحتويه تلك المرافق من مزروعات أو وسائل للتسلية أو حتى دورات مياه لم تسلم هي الأخرى ، عجبًا!
العبث بالمرافق أو الكتب الدراسية أو المباني الحكومية ، أو حتى الإهدار للأموال في بعض المشاريع كلها صور لعدم الحفاظ على مكتسبات الوطن.
لقد أضحى على الشباب أن يحملوا دور الإصلاح والحفاظ على المكتسبات والخيرات التي قدرها الله في بلدهم وخصوصا وأنهم باتوا طرفا من أطراف المشكلة ، وهم قد أصبحوا يمثلون شريحة ليست باليسيرة من المجتمع تربوا على 10% من سكان الوطن.
إن ما يفعله بعض الشباب يعزى إلى أسباب من أهمها (الطيش) الذي قد يتغلب على الشاب في هذه المرحلة العمرية ، ولا ريب فقد صح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كما أورد الإمام أحمد في مسنده :”إن الله عز وجل ليعجب من الشاب ليست له صبوة” أي لهو وعبث.
ولذلك بات لزاما علينا أن نسعى إلى الدور والحلول التي من خلالها سنتوصل بإذن الله تعالى إلى القيام بهذا الدور ولو بالقدر اليسير الذي يرضي الضمير ولو بالقليل ومن تلك الأدوار: دور الشاب في نفسه في البدء بها وإصلاحها وتعزيز الرادع الديني والوازع الديني الذي يحض على الحفاظ على الممتلكات ويحذر في نفس الوقت من إتلافها قال بعضهم:
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ** فإذا فعلت
كما أن على الجهات والمؤسسات التعليمية الدور الأكبر في التوعية بمثل هذه الأمور وقد شهد هذا الدور ضعفا كبيرا مع أن المسؤولية كبيرة فالطالب يبقى في داخل محيط المدرسة قرابة السبع ساعات يوميا فأين هذا الدور الذي لو أخذ وضعه الصحيح لأثر تأثيرا كبيرا لأن طول المجالسة يورث أثرا والطلاب يمكثون وقتا طويلا في المدارس ، وكذلك على المدارس أن تحرص على تنمية الحس الاجتماعي الذي لم ير له في المدارس سوى القليل من المظاهر رغم تعدد مظاهره وكثرتها فلا نرى منه سوى اجتماع الطلاب مع بعضهم والمجالسة بينهم والقيام ببعض الأنشطة معا فلماذا لا ينمى هذا الحس ويفتح على جوانب أخرى خارج المدرسة تصب في صالح هذا الوطن.
وكذا تقع المسؤولية على أهل التأثير وأهل الصلاح والتقوى الذين يؤخذ منهم القول كأئمة وخطباء المساجد أن يشيروا لهذه الأمور ولو حصل أن تم إقامة بعض الأنشطة التي توعي الشباب وترشدهم للحفاظ على مقدرات وخيرات وطنهم فحسن هذا.
والدور الأكبر الذي لا يمكن أن ينسى أو يهمل دور المنزل(الأم ، والأب) اللذان هما ركيزتان من أعظم ركائز التربية والتعويد للأبناء. الشيخ جهاد الزغول