0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

الرميمين المحبة والاثار

تحت عنوان < الرميمين المحبة والاثار > تمر من امامك صور لبيوت الرميمين القديمة .. هنا في هذه الاماكن سكنت حكايات ولم ترحل .. على حجارة ذهبية اللون ما زالت مطبوعة لمسات كل من مروا عليها .. البوابة على شكل قوس .. البيت الذي بناه الجد والذي حمل في زواياه ذكريات الطفولة .. والنافذة التي ما زالت تطل على صورة الوطن – الرميمين الوطن – كما هي في الذاكرة .. الفراغ بين حجارة الحائط الذي سكنته العصافير يوما .. قد رحلت العصافير مع من رحلوا من اهل البلدة وبقي مسكنها من الحائط كما هو ينتظر عودتها .. وعودتهم .. وهناك حجر حمل اشارة مميزة اصرت سيدة من البلدة على ان تعيده الى مكانه .. ترميم لا يظهر اية خبرة او مهارة في العمل .. لكنك تقف امام الصورة شاهدا على تصميم واصرار اصحاب هذه القرية ، والحجر يتحدث عنهم ويقول : ما زلنا هنا .. تاريخنا هنا .. قصتنا هنا .. وكل شيء هنا حتى هذه الحجارة المترامية .. يتحدث عنا

مر مهاجر من امام صورة وترك هذا التعليق – ليس تعليقا بقدر ما هو مشاعر وذكريات لا تنسى – ” ما زلت اذكر مكان الفرن وروائح خبز طابون ام بشارة . الله يرحم ايام قبل ، كانت البساطة والمحبة والبسمة تشع من وجوه اهالي ارميمين ” . وتمر من امامك الصورة التي اشتهرت بها هذه البلدة .. صورة المسجد الذي جاور الكنيسة .. وتجد نفسك تنظر لوحة فنية فيها تناغم وجمال في الصورة وفي المعنى .. تناغم جميل حتى في الوانها .. الازرق لون الشرفات التي اعتلت مئذنة المسجد البيضاء ، والاحمر لون سقف الكنيسة والاخضر من حول المشهد اشجارا تحتضن اللوحة برفق وحنان .. وتتسع اللوحة في صورة اخرى وتظهر البلدة الوادعة على شكل بساط اخضر مفروش في حضن طبيعة خلابة ساحرة تزينه صور بيوت الرميمين المتلاصقة بألفة ومحبة مثل تلاصق مسجدها بكنيستها المشهد الذي يتوسط اللوحة .. وكأنها تقول لك هذا من صنع الله وليس من حق اي انسان ان يعبث بلوحة الخالق . ها هي التلال المحيطة بالبلدة الجميلة توجتها الاشجار الحرجية التي رغم مواسم العطش ظلت جذورها متمسكة بالارض بقوة .. وأبت الا ان تبقى .. كما هي شامخة . صورة الطريق المتعرج الملتف حول التلة يحتضنها بلهفة العاشق .. تأخذك معها مشوار تسير فيه بين الاشجار وتشعر بالهواء النقي من حولك .. قد تستعيد ذكرى لمشوار مشيته يوما وانت طفلا وسكن ذاكرتك .. ويخفق قلبك بحنين عابر الى الوطن . تمر من امامك صورة لشلال الرميمين .. هنا استحمت الاميرة التي في قصص الرميمين الشعبية سكنت قديما الرميمين وسميت القرية على اسمها .. ليس غريبا انها اختارت هذا المكان لتقيم فيه ، فأي مكان اجمل من الرميمين ليكون مسكنا لاميرة ..؟

وفجأة تمر من امامك صورة تصيبك بصدمة وتنقلك من عالم جميل حالم وعبق رائحة ذكريات الوطن الى واقع بشع شوه بصورته كل ما سبقه من صور ..! وتصاب بالدهشة ..! انها صورة سجن الرميمين المتربع فوق أجمل تلة من البلدة .. ! وتجد نفسك تحاول ان تتفهم وتبرر غياب الجمال فجأة عن نظرك .. وتنتابك رغبة عارمة في اقتلاع هذا المبنى البشع من الصورة .. وتمر بأصابعك من فوقه محاولا ان تمحيه وتعيد للمنظر جماله وطبيعته المسلوبة وانت تتساءل بغضب .. اية يد مجرمة هذه التي شوهت هذه الصورة الجميلة وبأي حقٍ فعلت هذا ؟ .. لكنك تعجز عن محوه كما تعجز عن التعبير ايضا .. وتصاب بالحزن والخيبة

من هنا مروا كتاب وادباء وشعراء وتركوا مقالاتهم وما كتبوه عن البلدة .. كتبوا بقلم يعشق الوطن وبكلمات ليست الا مشاعر مقدسة لا تحملها الا قلوبا حملت هموم الوطن الذي يسكنها . الصور التي التقطها بنفسه ابن الرميمين واصف بشارة الصايغ اثناء زيارة خاطفة لقريته ودع فيها امه الراحلة ولم يودع بلدته بل حملها معه في صور .. ليجعل الصور تتحدث بنفسها عن وطن يرفض ان يرحل من قلوب من سكنوه وعرفوه . هذه الصور اصبحت اداة لثورة الغضب التي اعلنها اهالي البلدة على سجنها وعلى سلبها لتراثها وجمالها .. وعلى اندثارها شيئا فشيئا .. اداة سلمية متواضعة لكنها بما تحمله في طياتها من مشاعر ومعاني وعبر ، اصبحت الهاما ومرجعا لكل من ثار قلمه ولسانه واهتزت مشاعره رافضا سجن الرميمين ورافضا اعدامها وقتلها ومعترضا على تهميش ممتلكات الوطن من ثروات سياحية وزراعية وبيئية . وعند تلة رسمت طرقاتها الضيقة مسارها لتصل الى البيوت التي اعتلتها كطفل حط فوق صدر امه كي يغفو في حب وامان .. يعلو صوت الراحل الباقي سليمان عويس وتحوم روحه حول المكان تهز صفحاته وصوره ..” اوصيك يا ابني بالوطن .. جاد الوطن او جف .. احمل جراحات الوطن .. ثقل الحمل او خف .. يا ابني الفجر للي صبر مكتوب .. لا بد شباك الامل يبعث لك مكتوب ” .. وتحت صورة اخرى للرميمين الاميرة الغافية في حضن جبال جلعاد المقدسة تنشد فيروز اغنيتها .. ” لا يدوم اغترابي .. لا غناء لنا يدوم .. فانهضي في غيابي .. واتبعيني الى الكروم ..” ومهاجر اصبح شاعرا بالصدفة عندما عشق صور الرميمين وشاهد من خلالها صورة الوطن الذي هاجر بعيدا عنه لكنه لم يهجره .. مر من امام طريق متعرج يسكن جانبه بيت صغير قديم .. وعادت اليه ذكريات طفولته في قريته الجميلة .. ووجد نفسه يكتب اغنية عشقٍ للوطن

 

سأكتبُ لكِ في العشقِ أغنيةً

 

هَل انتقيتِ معي كَلماتي

 

حُطّي النقاطَ على الحُروفِ وانفَعلِي

 

كالرعدِ في السُحبِ هزّي صَفحاتي

 

أميرتي والشوقُ اليكِ يأخذُني

 

لحنٌ شَجيٌّ يُمطِرُني بلحظاتٍ

 

وكيفَ يَشدو طائِرٌ في قَفصٍ

 

وكيفَ تُرعِدُ سماءٌ فوقَ صحراءِ

 

حُطّي الحنينَ حُطّي الشوقَ في الحرفِ

 

في نقطةِ الوقوفِ حُطّي عُنواني

 

كَلماتي لا لُغةً لها لتَحمِلها

 

كَلماتي عشقٌ في الدمِ ساري

 

ما نفعُ كُلّ الوصفِ في لُغةٍ

 

إن لَم يكتبهُ قلبٌ يُمطرُ بأشجانٍ

 

والقلبُ يكتبُ لا تعنيهِ أُغنيتي

 

هل يُسعفُ في وصفِ عشقٍ بضعُ كلماتٍ

 

وأعشقُ عيني إن هيّ تُناظركِ

 

وأعشقُ قلبي إن خفقَ لرؤياكِ

 

أحنُ الى دَربٍ الى بيتي

 

طُفولتي أُمي مَهدي وبُستاني

 

جَمعتُ كُلّ حُروفيّ قافيةً

 

لتكتبَ اسمكِ ارميمينُ عنواني

 

ويا ليتَ جُرحكِ كانَ في جَسدي

 

ويا ليتَ جَسدي في تُرابكِ فانٍ

 

هَل يُسعفُ في وصفِ عشقٍ بضعُ كَلماتٍ

***