شرف الجوع
وكالة الناس –
(تجوع الحُرَّة، ولا تأكل بثدييها)نعم! فقط هي الحرة، التي لا تعدل بشرفها ثمنا،أما الغواني فأثداؤهن مَشاعُ.
يجوع (العالِمُ) ولا يأكل السحت بِدِينِهِ،أما الفواسق فمهما “تجلببوا وتجببوا” فإنما يزدادون، رُخْصاً وهزالاً، كلما زادت أثمانهم.
يجوع (الكاتب) ولا يأكل السُّحت بقلمه،أما من لا يأكل إلا بقلمه،ولا يلتقم من جَرَّائِهِ، إلا فتات موائد الظلمة،فمهما غَلَتْ أثمانهم،فسوف تأتي على أسواقهم نكسة “ذات كساد” فَتُحَرِّرَ أسعارهم،فلا يدخلون المزاد أصلا؛ بعد نَزْعِ غِلافِهِمْ.
ويجوع (الإعلامي) ولا يأكل السُّحت بتقاريره،لأنه يكتب في كل تقرير ضميراً وتاريخاً، والتاريخ لا يُخلِّد إلا الشرفاء،والناس لا يذكرون إلا الشرفاء، <أما “اللاهثون”الذين تسقط أسماؤهم عَرَضاً في نشرةٍ مُنَقَّحَةِ، ومُلَقَّحَةِ ومُجَفَّفَة، فكالكلب إن تحمل عليه يلهث، أو تَتْرُكْهُ يَلهثْ،ولم نسمع أن “كلباً “خلده التاريخ إلا كَلْبَ الكهف،فوفاؤهُ للموحدين خَلَّدَهُ في أشرف الكتب،وهؤلاء لم يبلغوا في التوحيد، مَنزِلةً لكلبٍ باسطٍ ذراعيه بالوصيدْ؛وقد أكرمه الله تعالى فقال(رابعهم كلبهم،وسبعة وثامنهم كلبهم، ولم يقل كلبهم فقط، بل ذكره في المعدود وجعله فردا منهم؛أما هؤلاء اللاهثون فلا هم في العير ولا في النفير،ونباحهم يتلاشى، ولا يعبؤ به كما هو نباح كلبٍ، مُقَيَّدٍ في زاويةٍ منسية >.
ويجوع الشاهد ولا يأكل بشهادته،لأن الشهادة حق وضمير وعلو، وهي ابتلاء أيضا،ولا يعرف مقدار الشهادة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون؛أما شهود الزُّور فَرُغامٌ وَطُغَامٌ وغثاء كغثاء السيل لا يأمنهم حتى من استشهدهم.
يجوع الحر، أينما كان موقعه،ويرى في الجوع شبعاً،إن كان ثمن اللُّقيمات عبوديته للعبيد،أوكان الثمن احتقاراً، حتى ممن أطبقوا يديه، على دراهم بائسات، قدروا بها ثمنه.
يجوع الحُرُّ طوعاً،لأنه لا يستطيع ترديد، مقطع المدائح الرَّتيبة المُمِلَّة.
يجوع الحُرُّ طوعاً، لأنه لا يعقل الاستسقاء في تموز.
ويجوع الحُرُّ قهراً، لأنه لا يقبل الحبو، مع الفئران في مجارير النفاق.
ومن قال: أن الحر دائما يجوع؟! فأنا أعرف أحراراً شبعوا وشكروا، ومازال من جلدوهم، إلى اليوم على الفتات يقتاتون! وما زالوا إلى ألف عام قادم يتضورون!.