هي أم الولد!
يعج تراثنا بالدروس والعبر ولكن هل من معتبر! كقصة سيدنا سليمان عليه السلام حين جاءته أمرأتان متخاصمتان على ولد وكل واحدة منهما تدعي أنه ابنها، فأحضر عليه السلام سكيناً ليقسمه بينهما نصفين.. فصرخت أم الولد الحقيقية قائلة: (هي أم الولد!) – كي لا يموت الولد. المرأة الأخرى كاذبة ومدعية لأن الأم التي ترضى أن يقتل ولدها أمام عينيها ليست أما.
هذا حال وطني! فلا يزال “الولد” في قبضة (الأم) المدعية التي ليس من مصلحتها تحقيق الإصلاح الحقيقي أو لا تملك القدرة للتوجه نحوه، وإليكم هذا المثال.. شخص قام بمخالفات وتجاوزات لم تحدث من نوعها في أي دولة في العالم سوى في الأردن، حيث أشرف على تأسيس ما يزيد عن 60 شركة مساهمة عامة (وهمية) مجرد (مواعين ورق) أدت إلى تكبيد الأردنيين خسائر تزيد عن 20 مليار دينار.. وحين كشف مجلس النواب خطر هذا الشخص على الأمن الإقتصادي والاجتماعي للأردن، خاطب مجلس النواب رئاسة الوزراء وأقيل في حكومة الخصاونة.. وبدلا من تقديمه للمحاكمة؛ تم تعيين هذا الشخص عينا في مجلس الأمة.
هل هذا الشخص ومن هم على شاكلته سيحققون الرؤية الإصلاحية لجلالة الملك؟ هل هذا الشخص وغيره من (المجربين) الذين أوصلوا البلد إلى الحال الذي نحن فيه يمكن أن نثق بأن اختيارهم كان لمصلحة البلد وليس ترضية لفئة من أجل تبادل المنافع الشخصية؟ هل هذه التشكيلة توحي من قريب أو بعيد أننا دولة مدنية ديمقراطية، أو تعطي انطباعا بأن هناك إرادة حقيقية للإصلاح، حيث نجد تغييب معظم الأطياف السياسية والاجتماعية واستبعاد الاصلاحيين؟
لا زالت نفس الأسماء، تنقل من هنا إلى هناك، أو تغيب قليلا ثم تعود للظهور في مكان جديد، إشباعا لرغبات وتوازنات فئوية وجهوية وعشائرية ستبقى تنقل البلد من فشل إلى فشل. ولا تزال “أم الولد” محرومة من رؤية ولدها، فـ “أم الولد” يتم إقصاؤها تماما مستغلين حقيقة أن “أم الولد” لن تضحي بولدها! هل أصبنا بالعجز فلم نعد قادرين على التمييز بين أم الولد الحقيقة والأم المدعية؟
د. قاسم نعواشي