الربيع العربي والثورة الفرنسية
ما يُسمّى الربيع العربي
والثورة الفرنسيّة
في غابر الايام كان يتباهى الانسان بعشيرته واهله وقبيلته وما كان حالها من انتصارات في الغزوات وكان عندما يُذكر اسم قبيلة قويّة يفتخر ابناؤها بانتمائهم لها وتتمنّى القبائل الاخرى ان تنضوي تحت حمايتها لتضمن عدم الاعتداء عليها من الغير في حين كان خوفهم معظمه على الماشية ونسائهم وبناتهم من السبي .
وعندما دخل الاسلام لمجتمعاتنا بقيمه السامية وعلّمنا ان اخلاق الفتى وحسن تعامله مع الغير هي الاصل في التقييم حتّى ان إماطة الاذى عن الطريق صدقة تغيّر مفهوم الانسان المؤمن لدواعي الاعتزاز والفخر فاشتهرت اسماء في العصر الراشدي والاموي والعباسي لما لها من صفات خاصّة كما ان مجالس الولاة ومستشاريهم كانوا من اهل الادب والشعر والفقه وفي الغالب كانوا من كبار السن ممن عركتهم الحياة فأخذوا منها الكثير واهمها ان يكونوا صادقين في النصح والنصيحة للوالي او الحاكم فيما يخص شؤون الحكم والعباد لكي لا يقع الظلم على الناس ويأخذ الجاني عقابه العادل وبالتالي يعم الرخاء والمساواة بينهم .
كما برزت اسماء علماء مسلمون لهم انجازات في بحور العلم المختلفة واروقة الادب المتنوّعة بل وفي مختلف العلوم الانسانيّة .
كما انه في الوقت الذي تطورت فيه الحياة في العالم الغربي نحو الافضل للشعوب بعد الثورة الفرنسية التي اندلعت عام 1789 وامتدت حتى 1799، كانت فترة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في فرنسا التي أثرت بشكل بالغ العمق على فرنسا وجميع أوروبا. انهار خلالها النظام الملكي المطلق خلال ثلاث سنوات. وخضع المجتمع الفرنسي لعملية تحوّل مع إلغاء الامتيازات الإقطاعية والدينية وبروز الجماعات السياسيّة اليساريّة الراديكالية إلى جانب بروز دور للمواطنين والمزارعين في تحديد مصير المجتمع. كما تم خلالها رفع ما عرف باسم مبادئ التنوير وهي المساواة في الحقوق والمواطنة والحرية ومحو الأفكار السائدة عن التقاليد والتسلسل الهرمي والطبقة الأرستقراطية والسلطتين الملكية والدينية.
وشهدت السنة الأولى من الثورة الهجوم على سجن الباستيل وصدور إعلان حقوق الإنسان والمواطنة والمسيرة الكبرى نحو البلاط الملكي في فرساي مع اتهام النظام الملكي اليميني بمحاولة إحباط إصلاحات رئيسيّة. تم إعلان إلغاء الملكية والتحول للنظام الجمهوري في 1792. كانت التهديدات الخارجية قد لعبت دورًا هامًا في تطور الأحداث، إذ ساهمت انتصارات الجيش الفرنسي في إيطاليا والمناطق الفقيرة المنخفضة الدخل غرب نهر الراين في رفع شعبية النظام الجمهوري كبديل عن النظام الملكي الذي فشل في السيطرة على هذه المناطق التي شكلت تحديًا للحكومات الفرنسية السابقة لعدة قرون. رغم ذلك، فإن نوعًا من الديكتاتورية شاب الثورة في بدايتها، فقد قضى حوالي 40,000 مواطن فرنسي في عام واحد على يد “لجنة السلامة العامة” إثر سيطرة روبسيبر على السلطة.
في عام 1799 وصل نابليون الأول إلى السلطة وأعقب ذلك إعادة النظام الملكي تحت إمرته وعودة الاستقرار إلى فرنسا. استمر عودة الحكم الملكي واستبداله بنظام جمهوري لفترات ممتدة خلال القرن التاسع عشر، بعد خلع نابليون قامت الجمهورية الثانية في1848لاربع سنوات تلتها عودة الملكية حتى1870.
امتدت تأثير الثورة الفرنسية في أوروبا والعالم، بنمو الجمهوريات والديمقراطيات الليبرالية وانتشار العلمانية وتطوير عدد من الأيدلوجيات المعاصرة.
ويجمع غالبية المؤرخين، على اعتبار تركيبة النظام الملكي الفرنسي نفسها أحد أبرز أسباب الثورة.أمّا الأسباب الأخرى بشكل أساسي هي اقتصادية، إذ كان الجوع وسوء التغذية منتشرًا بين الفئات الفقيرة في فرنسا مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية كالخبز وأسعار المحاصيل، بنتيجة الكوارث الطبيعية والعوامل الجويّة إلى جانب ان نظام وسائل النقل كانت غير كافية وتعيق نقل القمح من المناطق الريفية إلى المراكز السكانية الكبيرة، إلى حد زعزع لدرجة كبيرة استقرار المجتمع الفرنسي في السنوات التي سبقت الثورة. ومن القضايا الاقتصادية الأخرى كان إفلاس الدولة بسبب التكلفة الكبيرة للحروب السابقة، لاسيّما بعد مشاركتها في حرب الاستقلال الأمريكية، التي كان من نتيجتها ارتفاع الدين العام الذي وصل الى2000 مليون فرنك فضلاً عن الأعباء الاجتماعية المتولدة من الحرب؛ وفقدان فرنسا عددًا من ممتلكاتها الاستعمارية في أمريكا الشمالية وتزايد هيمنة بريطانيا التجارية. كما أن النظام المالي الفرنسي كان غير قادر على إدارة الديون الوطنية وتسديد أقساط القروض التي كفلتها الحكومة. أمام هذه المصاعب الاقتصادية كان ينظر إلى الديوان الملكي في فرساي أنه منعزل وغير مبال بالطبقات الدنيا من الشعب، وقد واجه النظام معارضة قوية، إلى جانب أنه لم يخفض النفقات الحكومية واستطاع البرلمان إحباط محاولات كثيرة لسنّ قوانين إصلاحية لازمة. بكل الأحوال، فإنه منذ ما قبل الثورة كان معارضو النظام يوزعون مناشير سريّة حملت في كثير من الأحيان معلومات مبالغ فيها، تُتنقد من خلالها الحكومة وإدارتها، وقد ساهمت هذه المناشير في إثارة الرأي العام ضد النظام الملكي.
هناك العديد من العوامل الأخرى، يمكن النظر إليها أنها سبب في اندلاع الثورة، كالرغبة في القضاء على الحكم المطلق، والاستياء من الامتيازات الممنوحة للإقطاع وطبقة النبلاء، والاستياء من تأثير الكنيسة على السياسة العامة والمؤسسات، والتطلع نحو الحرية الدينية والتخلص من الأرستقراطية الدينية، وتحقيق المساواة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية سيّما مع تقدم الثورة للمطالبة بنظام جمهوري.
وقد شهد الغرب تحوّلا اجتماعيا كبيرا بعد الثورة الفرنسية حتّى ان الشيخ محمد عبده ، عندما ذهب لمؤتمر باريس عام 1881 ، ثم إنتهى المؤتمر ، و عاد عند العرب ، فقال قولته المشهورة ( ذهبت للغرب ، فوجدت إسلاما و لم أجد مسلمين ، و لما عدت للشرق وجدت مسلمين و لكن لم اجد اسلاما ) و هذا دليل على العدل الموجود في بلاد الغرب و أن كل إنسان ينال حقوقه حتى المهاجر من الدول العربية و دول العالم الثالث ، ينال كامل حقوقه ، بعكس الدول العربية تماما .
وما اشبه الاوضاع في بعض الدول العربية وشعوبها باوضاع فرنسا والفرنسيّين قبل الثورة وقد تشابهت النتائج حيث قتلت وطردت بعض الدول العربيّة قادتها المستبدّين ولكن ما زالت النتائج في تلك الدول وغيرها غير مستقرّة لغاية الآن لأن اعوان تلك الانظمة المستبدّة ما زالت تحاول ان تستعيد مصالح لها وحيث ان الثورة الفرنسية دامت عشر سنوات وبالتناسب فان ما يُقال له ربيعا عربيا بقي له سبع سنوات حتى يقطف الاحياء من جيلنا في حينه ازهار ذلك الربيع الدامي .
إنّ مستشاري النظام الملكي الفرنسي قبل الثورة لم يكونوا بالمستوى المطلوب ليساعدوا النظام على اجتياز الظروف الاقتصادية الصعبة والمجن التي كانت تواجهها البلاد وبالتالي لم يتم اتخاذ الاجراءات المناسبة في الوقت المناسب ممّا فجّر ثورة شعبيّة في وجه النظام وحولته في مدّة قصيرة من نظام ملكي مطلق الى نظام جمهوري .
لذلك فإنّ ثلة المستشارين المحيطة بالحاكم هي عادة تمثّل المؤشّرات التي ُتعطى للحاكم لاتخاذ القرار المناسب والذي عادة ما ينبغي ان يتوافق مع مصلحة المواطنين التي يرعاها الحاكم ويحرص على ان تهيئ الحكومات والاجهزة التنفيذيّة اقصى درجات الرفاه والعيش الكريم بل وتحرص على ان تحميهم من عبث وظلم الفاسدين وانتهاك حقوقهم ولا يهم كم يكون عدد هؤلاء المستشارين او طائفتهم بل يجب ان يتحلّوا بالصدق والعدالة والنزاهة والمعرفة والحب الحقيقي للمواطن والحاكم على حدِّ سواء وعلى ذلك تكون ثقة الحاكم فيهم عالية وثقة المواطنين بعدالة حاكمهم اكبر.
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة ورزق الله قائده مستشارين وناصحين له يعملون مرضاة الله تعالى وخدمة لقائدهم ومصلحة الاردنيّين جميعا والتخفيف عليهم .