تعيينات التعليم العالي: ثنائية التنفيع والتهميش
إنّ واحدة من مشاكل المجتمع الأإنّ واحدة من مشاكل المجتمع الأردني مع حكوماته أن يُقنن الفساد ويُشرّع له بحجج أو بدون حجج تبرهن الخطيئة, فبعد أن ثارت زوبعة تقييم رؤساء الجامعات وما رافقها من مخالفات, ومضت بلا مبالاة من الدولة ومؤسساتها, وتخلّى عنها مجلس النواب لأسباب يدركها الجميع, وتبعها تشكيل مجالس الأمناء وما أسفرت عنه من ضبابية في المشهد الأكاديمي, ثمّ مسألة منح المقاعد الجامعية في تخصص الطب وما أسفرت عنه من شدّ وجذب, اتّضح للجميع أنّ لا ولاية لمجلس التعليم العالي على صلاحياته, وأنّ الضعف هو السمة الأبرز في مشهد وصايته على سياسة التعليم العالي.
الأمر المؤسف أنّ الوزارة تعاني من غياب وزير فعليّ يتولى مهام مسؤوليته؛ فمعالي الوزير السابق عزمي المحافظة غادر باكراً دون أن يكشف على ملفات حيوية في وزارته, وجاء التلهوني مرور الكرام فلا شيء يعنيه في الوزارة وهو الذي يعتبر نفسه وزيراً ضيفاً لا يعنيه أمر التعليم العالي, وهذا دفع الأمين العام إلى قيادة الوزارة بلا حسيب ولا رقيب, فنسمع عن تشكيل مجالس صندوق البحث العلمي واختيار لجانه , وتشكيل لجان متخصصة في الوزارة وهيئة الاعتماد ولا نعرف أسس اختيار أعضاء هذه اللجان ومعاييرها غير ما تسرّب منها في مجال التنفيع للمعارف والمحسوبيات, وتهميش للكفاءات, واستثناء لبعض الجامعات.
اليوم تفوح رائحة نتنة في مجال تعيين المستشارين الثقافيين في الخارج, وبرواتب خيالية تحمل معها غبار الفساد الذي نريد قصم ظهره, ولا نسمع من التعليم العالي رداً يقنع أو تبريراً لخطيئة التعيينات ولا نسمع نفياً لها, ولا ندرك أسسها ومعايير المفاضلة للمتقدمبن, ولا نعدم همساً من العاملين في الوزارة يشكون فيه من الشللية والمناطقية, والتنفيعية في التشكيلات والتعيينات والتنقلات, وهذا كلّه سوء طالع ينذر بالشؤم والتراجع في حاضنة التعاليم العالي, وسيفضي إلى عجز وشلل في أداء دورها الرقابي والإشرافي على الجامعات ما دامت تضطلع هي بقيادة المخالفات ورعايتها.
إنّ غياب الدور الرقابيّ لمجلس النواب عن هذه الحالة أمر مستغرب, ولكنّ مبرّر بأنّنا اعتدنا على دور باهت للرقابة في هذا المجلس, فقضايا التعليم العالي تحتاج إلى مختصين لفقهها؛ وإدراك أبعاد المخالفات إن وجدت فيها, والاكتفاء بلجنة التربية والتعليم ولجنة النزاهة والشفافية كلجنتين مختصتين أمر يدعو إلى التشاؤم من الإصلاح في هذه الوزارة؛ فتجاربنا السابقة مع ملفات أحيلت إلى هاتين اللجنتين كانت مخفقة ومحبطة بامتياز.
أد. سيف الدين الفقراء/ جامعة مؤتة