توقيف الصحفيين و قلم لا يرتجف
لا اعتقد ان مثالا على تضارب القوانين و ما ينشا عنه من اشكاليات في التطبيق اكثر وضوحا من معاناة الصحفيين نضال فراعنة و امجد معلا .
المفارقة الاكبر ان هذا التضارب نشا في ظل تعديلات دستورية جاءت لترسم وجه الاردن الجديد الذي يفترض ان تتصدر فيه حرية التعبير و تاخذ فيه مكانتها التي تليق في دولة ديمقراطية تحظر توقيف الصحفي من حيث الاصل .
الملف المحال من دائرة المطبوعات و النشر الى مدعى عام عمان افضى الى قرارين من ذات المدعي العام الاول توقيف الاستاذين فراعنة و معلا و الثاني عدم اختصاص مدعى عام عمان و احالة الملف برمته لمدعي عام محكمة امن الدولة .
مدعي عام محكمة امن الدولة قرر الافراج عن الصحفيين الموقوفين ثم قرر عدم اختصاصه و اعاد التوقيف و احال الملف برمته الى مدعى العام عمان .
اذا خلاصة القرارات القضائية في قضية واحدة و ضمن سبعة ايام توقيف ثم عدم اختصاص ثم افراج ثم عدم اختصاص ثم اعادة توقيف.
و في كل قرار لابد من التسبيب و التعليل و السند القانوني .
لا شك ان مشكلة تضارب النصوص قد يحول التعديلات الدستورية الى تعطيلات .
لذلك فمن الضرورة اللجوء الى المبدا القانوني الراسخ ( الحكم وجدان الحاكم )و ان حسن سير مرفق القضاء لا يعتمد على جودة النصوص بقدر ما يعتمد على وجدان القاضي الذي ينشد العدالة بحكم تكوينه و عقيدته القضائية .
في مسالة التوقيف الاحتياطي لا بد ان نشير الى قاعدة (الاصل قرينة البراءة) و ان التوقيف هو اجراء تحقيقي و ليس عقوبة بحد ذاته لان العقوبة لا تصدر الا بعد ثبوت الجرم من عدمه .
فضلا عن ان مسالة تضارب الاختصاص هو ادعى لاخلاء السبيل و ليس لا ستمرار التوقيف .
لا اريد ان اثقل على القاريء بالاركان و العناصر التي يجب توافرها في الجرم موضوع البلاغ وهو الاساءة لعلاقة المملكة مع دولة قطر و التي تتطلب حدوث تعكير فعلي في صفو العلاقات و انصراف نية الناشر الى حصول ذلك و هي مسائل تحوم حولها العديد من الاسئلة البريئة في واقع لايخفى على احد.
اعتقد ان معالجة الخلل التشريعي لا يتطلب الكثير من الناحية القانونية ولا يحتاج اية و ساطات او تدخلات العلاج سيكون عبر قاض يطبق القانون بمقاصده و يمتلك قلما لا يرتجف وقديما قالوا (ان النص القانوني الرديء بين يدي قاض جيد يوصل الى حكم صحيح )