الدَّمار من "بشار" تدمَّر
قمة الاستهتار بأرواح البشر ، وأبعد ما يكون جنون بالهوس معجون مخلوط بعشق الدمار، محاط بأبشع ما في البشع من بشاعة التدرج في الغي وأقصى مساحات الخطيئة المتسارعة الانحدار، عبر ظلمات قعر غار، بلا قرار يفصله عن حقد دفين في صدر تلتهم خلاياه النار ، بتؤدة غريبة عن الحركة الطبيعية تباعد في الاكتواء بما يقض مضاجع الأشرار، بين خلية مطاعة لخادم شيطان وأخرى بخصال فحم أحجار، مقتلعة حيث الرغبة في الانتقام أقامت بالدم ما إن طفا فوق انهار ، سبح من فيها بالتضرع إلى العزيز القهار، أن يرفع “بشار” على كومة مهيكلة من حطب العرعار، ويحرقه ألف مرة ليصبح مثالا لكل طاغية لا زالت في قلبه بقية تأخذ بعين الاعتبار، ما غنمه بالجشع والجور والتسلط والتسلق فوق جماجم الأحرار ، في قطر كان أجمل الأمصار، فغدا موطن الألم والدموع وصروف الدهر وما لا يُرى من فيروسات الغضب حتى بأدق منظار .
الم يتبقى غير السلاح الكيماوي يدرجه سويعة الاستعداد للفرار ؟؟؟ . وإلى أين ؟؟؟. ومن أين ؟؟؟. فالمسالك بصنيعه الحالك هذا مقطوعة ، حتى الدول التي ساندته العقول فيها مفزوعة ، من ضراوة جرم حروف الرحمة من قلبه القاصي منزوعة ، تتلوي “تاؤها”على عنقه بزواياها الثلاثة فتهوي على رأسه بضربتي نقطتيها، احداها الأطفال والنساء ، من قادت ( صورهم وهم جثامين عبثت سموم الأسلحة الكيماوية بأحشائهم البريئة المغادرة كأصحابها هذه الدنيا ممزقة مشوهة ) الأمم المتحدة كمنظمة ، لما سيتجلى مع الأيام القليلة الآتية ،أكانت لنصرة كرامة وحقوق الإنسانية أُسست ، أم لحماية مثل بشار الأسد الذي كلما تطاول في حماقاته المتكررة المعهودة والمشهودة ، سمعنا عنها أنها شجبت وتأسفت ، وبإسال المزيد من المحققين ليتحقق لها أن ما سبق من تحقيق جانب أو قرب أو لمس الحق ليتم الانتقال في التدقيق لما سبق وتدقق، كأقصى إجراء به وعدت ، وثانيها أن حصيلة الواقعة (الكارثة والجريمة المحسوبة على الإبادة الممنهجة المحسومة بأسلحة محرمة ممنوعة) هذه المرة من العيار الثقيل غير المحتمل حتى من طرف الروس وإيران باستثناء تلك الرؤوس السابح في شرايين أصحابها السوس ، لذا على “بشار” وهو في قاعة الانتظار مترقبا (واصطكاك عوارضه تحرمه من هدوء يتلذذ به الشاعر بقرب نهايته المأساوية) ما سيقذف صوبه “بوتين” من قرار يتطلب صرف الغالي الثمين ، أو ما تبعت به الصين من “تنين” يلتهم في نشوة ما يريح العالم من كرب في الطريق إلى المنطقة ذاتها مبين .
ترقبا لما يَتَرَقَّبُهُ المترقبون تَرَقُّبُهُ طمعا في كسب وقت ثمين قبل الشروع في نصف انحناءة لتلقى الإجابات انطلاقا مما تصفر عنه نتائج رقابة المراقبين الموضوعين للأسف تحت مظلة نظام الرفيق الشقي المنحرف “بشاروف ألأسدنوف”، وما قد يُضاف لإسمه غدا من حروف ، يُسْتَشَف منها ما يُلقي الخوف ، على نفوس الأهالي الآمنين كانوا داخل مدن أو أرياف المكدسين الآن فوق ما أصبح لطلب الاستغاثة الدولية أهم رصيف ، فلا العون كحَقِّ بهم لَحِقَ ولا امتلأت أفواههم بطيب رغيف ، والكل في الكل انصراف توقيت كامتداد لفراغ مقصود للتقدم بقصف جهنمي منبعث من بيادق الطاغية الممتطية نفاثات تستهدف ضرباتها مقدمات الصفوف، لجيش حر يتقوى نضالا مشروعا محققا آجلا أو عاجلا ما يُصبح به “بشار” وأعوانه ماضيا منبوذا كسطر في سبورة تاريخ المنطقة أسود بممحاة البطولات محذوف .
… العالم المتقدم علميا عارف بما يقع داخل سوريا في كل شبر فيها ، وبخاصة إسرائيل القريبة إلى النقط المقصودة من الولايات المتحدة الأمريكية المعتمدة كل الوقت على أقمار فضائية خاصة بمثل المواضيع والأحداث تملكها مبثوثة على ارتفاعات شاهقة تجعل من محيط الشام كقطره ، ساكن على شاشات مخابراتها تحصي على من يتحرك في طوله كعرضه حتى الأنفاس ، لذا قضية استعمال “بشار” السلاح الكيماوي لإبادة الشعب السوري محسومة بأدق معلوماتها المطلوبة كدليل لاتخاذ القرار النهائي القاضي بما تريده إدارة البيت الأبيض وعلى رأسها “أوباما ” أن يكون تدبيرا من حيث شكل التنفيذ وموضوع الآليات المستعملة كما تتطلبه الخطة المدروسة باستباقية تقيم للتوقيت حرمته وللمكان المُنطلق منه صوب الهدف احترامه ، لذا لا داعي للميل مع تصريحات الناطقين الرسميين لهذه الإدارة أكانوا من الرئاسة مباشرة أو البنتاغون أو الخارجية ، إذ ثمة عائق يتخلل مقارنة التحرك الآني بإكراهات من حجم إرضاء جوانب تقف بالمرصاد إن غُيِّبَت أو أُقصيت ولو عن حسن نية ، مادامت المصالح تغلب المنفعة الضيقة فيها عن المضي لخدمة صالح عام (دول عربية معينة) متروك من زمان كأوراق في يد أمهر اللاعبين على صعيد دول الفيتو لا غير . قد تتكلف إسرائيل بتنظيف روث الأسد المرتبك الآن أكثر من أي وقت مضى بعد وقوفه على الحديث المُرَوَّج حاليا بين كواليس الكرملين خلاصته أن سوريا موضوعة في اتجاه اختاره “بشار” بعقلية “بعثية” تجاوزها الزمن بمراحل في جانبها المتعلق بعدم احترام أدنى حقوق الناس مهما كانوا منتشرين عبر تراب سوريا الموحدة ، وكل هذا من أجل الحفاظ على نفس الجلسة في كرسي الحكم في تحدي سافر لإرادة شعب له كلمته الأولى والأخيرة في الأمر كله ، وبهذا أصبحت روسيا “بوتين”، ولأول مرة ، تواجه عبئا ماديا غير مسبوق في معاملتها مع دولة بعيدة عن كل شيء فيها ، مما قد يعرضها لربيع لا يُحمد عقباه ، والروس إن ثاروا لن يتوقفوا حتى الحصول على غاياتهم والتاريخ مملوء بما يجعلنا نحترم هذا الشعب الروسي الشجاع . قد تتكلف إسرائيل بما قلتُ، وما القذائف الصاروخية الملقاة عليها من الجنوب عاصمة وكيل إيران في لبنان حسن “إياه” سوى رسائل غبية في غباء من اختار إرسالها في نفس التوقيت المشار إليه بكل إمعان في أكثر من مكان لا يتصل قطعا بلبنان ، رسائل مختومة بمن يراهن على بقاء “الأسد” ليتسربوا إلى سوريا فيتوالدوا كالأرانب بين سهولها وفجواتها وما نجي من مدنها والبقية لا تحتاج لشرح .
أطلت هنيهة الحسم الأكيد ، ليتحول ذاك الطاغية العنيد ، الماسك (من زمان) حكم سوريا بالنار والحديد ، معتمدا على ظلمه الشديد ، لكل فئات الشعب دون تحديد ، لمجرد شخص عادي منهار يذرف الدمع وينجرّ مذلة لوضعه الجديد، وحرائر الشام فارحات باليوم السعيد ، يزغردن كأنه عيد ، وأحرار العالم يتبادلون التهاني ، كأنها “غمة” وانزاحت ممن كان “السيد” وأصبح عنوانا لحال بائد، الشريف كان فيه مقهورا والحقير سائد.
قَرُبَت لحظة الفرج ، ليحظي كل أسير الظروف المعلومة بالخروج كي يتفرج ، على مرتكب مصيبة المصائب وهو مساق كالمحسوب على الهمج ، بحبال الحساب العسير مكبلة مفاصله حتى اختلطت يداه بأرجله وجحظت عيناه في انتهائها لفمه المنزوع منه اللسان كأنه ما كان ذاك الانسان الذي صال متكبرا و بالجرم الأعظم جال في نفس المكان من اللاشيء إلى حاكم مستبد مطلق تدرج .
حلت سويعة التبدُّل السريع ، لمن كان الشام له خاضع ، فأصبح لا يساوي ما يقذفه الفم من سائل زائد لزج بل مجرد جسد أجوف ضائع ، انقلبت عليه أفعاله الشيطانية ، وما ابتدعه في الفتك بخيرة شباب وصبايا سوريا العزيزة من صنائع ، متخيلا أن قوة بيادقه وما يدفعه لإيران ووكيلها في جنوب لبنان أنه لنفس الحظوة والمجد راجع ، لكن هيهات هيهات فتلك إرادة شعب عظيم متى قررت فعلت ولن يتماسك أو يصمد حيالها أي مانع .
… اختصارا أمريكا تحركت لا حبا في سوريا ولكن في مصالحها الحيوية ومنها “إسرائيل” المحتاجة لمن يكون بجانبها وعن كثب وهي تدخل معركة الضربة / البرق ، الواجب خوضها بأسرع من السرعة بعد التوقيت المتفق عليه ، الأمر لا يحتاج لمناورات أو استعراض لمكامن القوة بل هو تنفيذ لتقنية تُبهر من لا زالوا معتمدين على كلاسيكيات قواهم المحتاجة في أغلبها لقطع غيار تجاوز الزمن تصنيعها ، بل تكنولوجية عالية تضع منطقة الشرق الأوسط أمام خيارات لم تكن أبدا في حسبانها تحتم عليها التبعية المكشوفة أو العيش وفق تداعيات محسومة مسبقا علما أن النفط ومقدراته المادية لم يعد له الوهج الجاذب للإذعان والقبول بأي وضع والسلام ، إذ فوقه الاستقرار وهذا الأخير أصبح مكلف للغاية .
… “بشار” استوفى عمره الافتراضي كحاكم وحوصر من طرف أرواح الشهداء ، ومنذ اطلاقه النار على أول مواطني الديار السورية الغالية إلى المجزرة الرهيبة التي استعمل فيها السلاح الكيماوي المحرم لإبادة شعب “غوطة” دمشق مَثَّل تلك الورقة التي طالما رغبت في تملكها إسرائيل حتى تتدخل وتحقق الغايات الثلاث ، القضاء على حليفي إيران السوري( بشار) واللبناني (حسن) ، جر الولايات المتحدة بكل ثقلها لنفس المنطقة وفق تخطيط محكم دقيق ، والمشاركة الفعلية المباشرة في غنيمة التقسيم الجديد لخريطة الشرق الأوسط .
كما يُقال توضيح الواضحات من المفضحات ، وبما أنني أخاطب الأذكياء النجباء ، اكتفي بهذا القدر ، وغدا ستُشرق الشمس ليقف العالم عل صورة هذه المنطقة وقد تغيرت تماما ليسود فيها من يملك القوة الفكرية القادرة على التعامل مع مستجدات عديدة يفرضها واقع معاش لا مناص من التكيف معه بالحكمة والتبصر واحترام حقوق الناس ، وإنها حقا لدروس ملقنة لمن لا زال متمسكين بمقاليد حكم تتمتع فيه الأقلية بكل النعم أما الأغلبية فلتشرب مما علق ببراميل النفط .
مصطفى منيغ
مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية
assiasialarabi@gmail.com