مصر وخفافيش الظلام
مصر
وخفافيش الظلام
لاشك ان ما يجري في مصر وما سيؤول الوضع اليه هو الشغل الشاغل لجميع الاطياف من الفقير الذي بالكاد يجد قوت يومه الى زعيم اقوى دول العالم والسبب ان مصر هي حجر الرحى لما هو مقبل عليه العالم العربي بشكل عام فكيف وصلنا الى ما نحن عليه؟؟
اننا شعوب تدغدغ عقولها شكوك المؤامرة وتملأ ضمائرها نوازع الخيانة ويغلب على تفكيرها المصالح الشخصيّة بينما غيرنا من الشعوب والدول المتقدّمة لا تتقدّم خطوة إلاّ بناء على خطط واستراتيجيات واهداف واضحة النتائج المتوقّعة والبدائل الجاهزة لأي احتمال او إختلاف في تنفيذ الخطط .
والذي يبدوا ان تلك الدول الاستعماريّة وعلى رأسها إسرائيل وامريكا بدأت بنسج الخيوط الاخطر علينا والادقُّ في مخطّطاتهم تلك المخططات والاهداف التي تقوم اولا على حماية اسرائيل وأمنها وقيادتها للشرق الاوسط وشمال افريقيا لسنوات طويلة وثانيا تأسيس الدولة اليهودية وانشاء الهيكل على حساب المسجد الاقصى المبارك وثالثا حماية واستغلال ما تبقّى من نفط عربي ولتحقيق تلك الاهداف وازالة جميع المعيقات الدينية والاخلاقيّة واللوجستيّة والاقتصادية والاجتماعية واستخدام جميع الامكانات بدءا من التدمير والتقتيل والهدم والتفرقة الطائفية خاصّة السنيّة الشيعيّة والعلويّة والوهّابية والبهائية والدرزيّة والمسيحيّة وغيرها والتفرقة القوميّة خاصّة العربيّة والكرديّة والامازيغية والبربرية والتركمانية وغيرها.
ولتحقيق تلك الاهداف تستخدم تلك الدول الغاشمة جميع الادوات الممكن استخدامها المشروعة منها او غير الاخلاقية مثل شراء العقول والضمائر بالمال والجنس والفضائح واستخدام القوّة العسكريّة المشروعة والمحرّمة دوليا وغيرها واستخدام الاعلام المضلِّل وجميع ما يمكن استخدامه من جغرافيا وتاريخ وديموغرافيا وحاجة الناس للمياه والغذاء والطاقة بل واستخدام النكات الموجّهة والالعاب الرياضيّة والمسابقات التلفزيونيّة وغيرها من امكانات واساليب .
وتؤهل تلك الدول الاشخاص العرب وغيرهم لتنفيذ تلك الخطط والبرامج والتوجيهات للوصول لتلك الاهداف ويكون اؤلئك الاشخاص تحت المراقبة باستمرار للتأكد من إخلاصهم ومصداقيتهم في تنفيذ كل ما كُلِّفوا به ويكونوا عادة من الحُكّام والمسؤولين والإعلاميّين واهل الفن والتعليم والمشايخ والعلماء والمثقفين وغيرهم ومن هؤلاء من يستجيب لقناعة او لحاجة او لبلاهة او لسذاجة اولبذائة او لتجربة او لضعف في اخلاقه وايمانه وانتمائه وتربيته وفي كل منها يكسب غضب الله وتعب الضمير !!!!!!
ويعمل هؤلاء العملاء إن كانوا يعلمون او لا يعلمون كالنحل صوته يبعث الضجيج ولسعته تؤلم وقد يصل بهم الحد ان يكونوا كالعقارب شِدّة لسعتها وبثّ سمّها حسب المهمّة المطلوبة والتي قد تؤدِّي للموت امّا في الليل فهم كالخفافيش لا تهدأ عن الحراك من اجل الخراب وضمِّ الاعوان ومزيدا من العملاء وبائعي الضمائر .
وما حصل في عالمنا العربي منذ ما قبل الحرب العالميّة الاولى لهو ادلّة كافية على ذلك فكانت المشاركة في تصفية الدولة العثمانيّة وثم وعد بلفور وما تلاه من سايكس بيكوواحتلال فلسطين والحروب في منطقة الشرق الاوسط ومحاولة إحراق المسجد الاقصى في مثل هذا اليوم قبل خمسة واربعين عاما وكذلك تقسيم الحرم الابراهيمي بعد مذبحته المعروفة وقبله الحرب اللبنانيّة ومسلسل اوسلو وبعده الاختراق الاسرائيلي للدول العربيّة بداية بمصروالدول الاسلاميّة بداية باندونيسيا وما تخلل تلك الفترة من إنهاء لفريضة الجهاد وتحوير المناهج الدراسيّة وتدجين للفصائل الفلسطينيّة للإعلام العربي وبل ولكسر نفسيّة المشاهد العربي وتعوُّده على رؤية الدم الفلسطيني والعربي يُراق واصبح حتّى تأثُّره يكاد يكون معدوما إلاّ من الحزن للحظات احيانا بل واصبح الشأن الخاص للفرد وعائلته هو الأهم بينما الشأن العام ليس له إعتبار وذلك نتج من خلال سياسات الإرهاب والتجويع التي مارسها الحكّام من خلال غياب الديموقراطيّة وسيادة مصالح الفاسدين على حساب زيادة رقعة الفقر والبطالة بين العوائل والشباب العربي واصبحت لقمة العيش هي الهدف والحلم …….
وهلّ الربيع العربي قبل عامين ونصف الذي تحوّل الى خريف تتساقط فيه اوراق الحريّة والكرامة والحكام الأزليّين وها هي ثورة مصر في 25 يناير 2011 تطيح بمبارك ولتقسم الشعب نصفين احدهما موال لاحمد شفيق من زلم مبارك والاخر موال للاخوان بقيادة مزسي وثم لتاتي جماهير 30 يونيو غام 2013 بقيادة العسكر لتطيح بمرسي وتجلس على قلوب المصريّين وهنا يظهر ان الاوراق تلخبطت خاصّة تشتّت المواقف العربية من جهة واختلاف الدول الاوروبيّة والموقف الامريكي والاسرائيلي اللافت للنظر ولكن كل تلك المواقف يجب ان تصب في النهاية فيما خططت له اسرائيل وامريكا حيث قضى الكثير من القتلى والشهداء .
وما حدث في مصر كان له مقدّمات مبكرة في العراق وثمّ بعد سنوات في تونس واليمن وليبيا والبحرين وغيرها الى ان وصل الدور لسوريا حيث اختلفت الحسابات والمعادلات بإستئساد روسيا والصين حيث ان الإغراءات المادّية والوعود لم تُفلح معهما فتمّ استعجال الطريق المصري السريع المؤدّي للاهرامات مباشرة على ان يتم طرح مزيد من المنح والإغراءات على الروس لكي لا يركبوا راسهم وما زالت السياسة لا تُفلح معهم .
فالعقارب منتشرة وتعمل في وضح النهار فهي لا تستحي بينما الخفافيش تعمل في الظلام لتحافظ على سمعتها وقوتها وتأثيرها .
حمى الله ما بقي من كرامة ومنتمين للعروبة وجعل الله المؤامرات في نحر المتآمرين والفاسدين من يُخططون وينفّذون ويتعاونون على الشر ومن تغمض اعينهم عن الفساد وتخرس السنتهم عن قول الحق والله على كل شيئ قدير .