لن يكون أي حل في المفاوضات الفلسطينية – الصهيونية
لن يكون أي حل في المفاوضات الفلسطينية – الصهيونية
منذ عام 1917 والشعب الفلسطيني يواجه مفردات التقسيم والتهجير و المفاوضات و المؤامرات والاحتلال وحروب تخللتها مجازر لم يعرفها التاريخ يومًا ، وهو يواجه فئة مجرمة من الصهيونية دخلت المفاوضات الفلسطينية – الصهيونية في مرحلة المتاهة , ﻟﻘﺪ أصبحت إﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ الصهيونية واﺿﺤﺔ أﻣﺎم اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻬﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﻌﻰ ﻳﻮﻣﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻼم وإرﺟﺎع اﻟﺤﻘﻮق ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺑﻞ ﻋﻤﺪت إﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﻌﻄﻴﺎت اﻟﺼﺮاع ﻟﺘﺘﻮاﻓﻖ ورؤﻳﺘﻬﺎ اﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ و ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺼﺮاع اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ – الصهيوني ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺤﻞ اﻟﺸﺎﻣﻞ إﻟﻰ إدارة اﻟﺼﺮاع ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﻄﺎﻣﻌﻬﺎ ، و أهدافها اﻋﺘﻤﺎد ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ واﺣﺪ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺪوﻟﺔ الصهيونية ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺧﻄﻄﻬﺎ اﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﺘﻌﻠﻠﺔ ﺑﻌﺪم وﺟﻮد ﺷﺮﻳﻚ ﻣﻨﺎﺳﺐ وﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎوض وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻼم ﻣﻦ وﺟﻬﺔ نظرها من أجل ابتلاع الأرض الفلسطينية، و الإﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ” ﻓﺮض اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻋﻠﻰ اﻷرض ” ﺣﻴﺚ دأﺑﺖ اﻟﺪوﻟﺔ الصهيونية ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﺎ الإﺳﺘﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﺎء وﺗﻮﺳﻴﻊ ﻟﻠﻤﺴﺘﻮﻃﻨﺎت ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ، وﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ اﻷرض وﺗﺤﺪﻳﺪا ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪس , تأتي المفاوضات بعد إصدار القرار ببناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية والقدس علما إن المفاوضات توقفت قبل ثلاث سنوات بسبب قرار البناء في المستوطنات.
هذه ليست القضية الوحيدة التي من الممكن أن تفجر المفاوضات قبل أن تبدأ ، فهناك قضية إطلاق سراح الأسرى والحدود والمياه وحق العودة ، وبدأت المفاوضات بعد تلقي السلطة الفلسطينية رسالة أمريكية تؤكد أن المحادثات تنطلق على أساس حدود ما قبل حزيران 1967، تبدأ المفاوضات بقضايا جوهرية ومباحثات متوازية حول حدود الدولة الفلسطينية وترتيبات الأمن التي يطالب بها الصهاينة ، وهي من القضايا التي ستواجهها المفاوضات لأنها ستتضمن قضايا القدس والمستوطنات وتبادل الأراضي.
فالفلسطينيون يطالبون بانسحاب كامل من الأراضي المحتلة عام 67 بما فيها القدس الشرقية ، ولا يستبعدون تعديلات طفيفة بشأن تبادل الأراضي ، لكن دولة الصهاينة تتحدث عن انسحابات من الضفة وتريد ضم الكتل الاستيطانية، أما قضية القدس فالسلطة تريدها عاصمتها المقبلة، فيما يعتبرها العدو القدس العاصمة الأبدية ، القضية الأخرى الصعبة في المفاوضات ستكون قضية اللاجئين وحق العودة بموجب قرار رقم 194، فيما يحاول العدو انتزاع اعتراف فلسطيني بيهودية الدولة من أجل طرح حل قضية اللاجئين بعيدا عن كيان الاحتلال .
لكن نتنياهو يذهب للمفاوضات لتضييع الوقت خاصة أنه يعلم إنها المرة الأخيرة التي سيضغط عليه الرئيس الأمريكي للذهاب للمفاوضات خلال ولايته الأخيرة , لكن المفاوضات من وجهة نظرهم تعني الاستيلاء على كل أراضي فلسطين , ولا يمكن لهذا الواقع التفاوضي أن يتغير من دون اللجوء إلى تكتيكات ضغط جديدة من قبل الفلسطينيين، أنه لا يمكن إجراء مفاوضات من دون ضغوط تدفع المحتل إلى التراجع ، الفلسطينيون يتراجعون عن الضغط ويقولون إنه لا عودة إلى استعمال العنف، أي لا عودة إلى نهج المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني، وإذا كانت قد برزت مؤخراً فكرة المقاومة الشعبية فإن هذه الفكرة مريحة للإحتلال الصهيوني، وهو اعتاد أن يتعامل معها إما بالتجاهل أو بالقمع الشعبي التقليدي، إن المفاوضات في التاريخ كله بين طرفين تواجهوا بالسلاح ، تعني ترجمة موازين القوى إلى واقع، وحين يغيب ضغط المقاومة للإحتلال من قبل الفلسطينيين يصبح الإحتلال هو القوة المهيمنة ، ويشعر الإحتلال بأنه قادر على الاستمرار ما دامت الضغوط التي يواجهها من النوع الذي يمكن التعامل معه ، بل ونقول إنه من النوع الذي يمكن احتواؤه.
إن الواقع التفاوضي الآن ضعيف ، والقيادة الفلسطينية ترفض مبدأ المقاومة المسلحة ، وهي لا تسعى إلى إيجاد حالة يشعر معها الإحتلال بأنه يدفع ثمناً مقابل الإحتلال , لا بد من استخلاص النتائج المنطقية ومن دون ذلك فإن الضغط الأميركي والعربي الدائم والمعلن ضد الفلسطيني سيعطي ثماراً ، وسيقود إلى فرض التصور الأميركي – الصهيوني للتسوية ، وهنا لا بد من وقفة قصيرة أمام قضية مبدئية إذ حين يوجد احتلال أجنبي لأرض شعب ما فإن كل القوانين الدولية تعطي هذا الشعب حق المقاومة بكل الأساليب وفي مقدمتها المقاومة المسلحة، وللأسف فإن القائم فلسطينياً هو الإعلان عن رفض المقاومة المسلحة، والتركيز على ضرورة المقاومة الشعبية فقط ، وحتى هذه المقاومة الشعبية ليست قائمة بفعالية وكالعادة يدفع الفلسطينيون الثمن ، هذا العدو لا يفهم سوى لغة البندقية فيجب العودة إلى لغة المقاومة المسلحة ، في الحقيقة لن يكون أي حل .
بقلم الكاتب جمال أيوب .