درس في التاريخ عنوانه : سقط مرسي كما سقط فاروق ونجيب
درس في التاريخ عنوانه :
سقط مرسي كما سقط فاروق ونجيب
يبدو ان سيناريوهات التاريخ لم تعد تملك الجديد فاصبحت على غرار الدراما العربية تستعيد من الأرشيف المسلسلات القديمة وتقدمها بصورة جديدة وممثلين جدد على غرار “وضحى وابن عجلان ” او ” أدهم الشرقاوي ” تغير الأبطال وبقيت القصة والاحداث ولكن بمؤثرات رقمية متقدمة وحديثة ,,,,,
و لم يكن الرئيس المصري محمد مرسي يعرف بأنه سيلقى مصير سابقيه : الملك فاروق الأول أو مصير قائد ثورة الضباط الأحرار الفريق محمد نجيب , الا ان الاقرب لقصته من حيث تشابه الأحداث وسرعتها هو ما حدث مع الفريق نجيب ,,, ومن المعروف دائما ان من يُسطر التاريخ ويكتبه هو المنتصر الذي يبتعد كل البعد عن الدقة والموضوعية وانصاف المهزوم . فيصور نفسه و يعرض افعاله على انها انجازات ومنجزات وبطولات تُدرس في كتب التاريخ لتدخل في ذاكرة الأجيال مستقرة من الصعب محوها حتى لو كانت ضرب من ضروب الكذب والتلفيق والخيال فتصبح سيرة المنتصر والمهزوم حقيقة ثابتة لا تقبل الجدل ولا النقاش . ولا تكفي المهزوم خسارته فتبقى سيرته المشوهة على مدى عقود وقرون فهو الفاسد الشرير الذي صال وجال وعاث مجوناً و أفرط في الاسكار وكانه احد احفاد الأعور الدجال , والمنتصر هو المُخلص الصنديد الهُمام نظيف اليد القاضي على الفساد والمفسدين , والشعوب مسكينة وللجهل مسبية فتبقى تصفق وتترنم لسماع خرافات عن البطل المغوار وكيف خلصهم من الظالم السمسار ,,,,,,
و كتابة التاريخ في أم الدنيا لا تختلف كثيراً عن باقي البلدان الا انها غريبة عجيبة فالشائعة والتلفيق تُدون كانها حوادث أصيلة وهذا ما تجرعه فاروق الأول ملك مصر والسودان فوُضعت صورته في اطار السكر والمجون والعبث والفساد فظهر الطائش السكير العربيد ,والزير فاقد التدبير , و مولي الادبار لاعب القمار ,,,, فهل هذه الصفات يمتلكها من ارسل الجيش ليحارب في فلسطين ام للذي رفض ارادة الانجليز بوضع حزب الوفد بالرئاسة بزعامة النحاس بوثيقة أعدها السفير الى ان تم حصاره في قصر عابدين واضطر مجبراً على التنفيذ , ,,,,
وبعد ذلك بسنين ليست بالطويلة ولا المريحة كانت تتشكل في الخفاء نواة ثورة داخل الجيش سُميت بالضباط الاحرار وكان قائدها وسبب نجاحها هو الفريق محمد نجيب وذلك لرتبته العسكرية ومؤهلاته العلمية وحنكته وسمعته الطيبة بين ضباطالجيش و افراده فهو احد الذين حاربوا في فلسطين وجرحوا ,,, نجحت الثورة وانهت النظام الملكي واصبح الفريق محمد نجيب اول رئيس لجمهورية مصر العربية بصفته رئيس مجلس الثورة ,,,,, و كان يخطط لوضع اساس للحياة الديموقراطية والتعددية الحزبية الا ان هذا الأمر اصبح يتعارض مع تطلعات باقي اعضاء مجلس الثورة الذين تذوقوا طعم النفوذ والثراء فاصبحوا يعرفون بأن هذا كله زائل اذا استمر النجيب بتنفيذه فضيقوا عليه الخناق الا ان ذلك لم يُجدي فقرروا عزله واجبروه على كتابة الاستقالة , فكتبها الا ان السحر انقلب على الساحر فجُوبه هذا القرار برفض شعبي حاشد فخرجت المظاهرات وطالبت بالعدول , فحسمت الأمر وعاد نجيب وكله اصرار وتسامح فلم يكن يحمل بداخله اية ضغائن لمن حاولوا تهميشه فكانت غلطة الشاطر !!!!!……
وعندما بدأ الفريق محمد نجيب باولى خطواته نحو تنظيم مجتمع سياسي ديموقراطي , أخذوا يعملون بالسر والخفاء وجيشوا بعض النقابات العمالية التابعة للحكومة آنذاك وخرجت بأغرب مظاهرات في التاريخ حيث كانت تُطالب وتهتف ” تسقط الحرية ,,, تسقط الديموقراطية ” واتضح فيما بعد انه تم دفع 4 الاف جنيه حينها لأحد رؤساء النقابات لاداء هذه المهمة .. والسؤال الذي هو برسم الاجابة هل تم دفع الجنيهات ام الدولارات في زمن مرسي ؟ ليس الا فعندما نجحوا تم عزل نجيب ومن الملفت بالامر ان نفس الصورة التي خرج بها الفريق هي نفسها التي خرج بها مرسي فالأول اقتاده البوليس الحربي آنذاك اما الثاني فاقتادته عناصر من الجيش الا ان الفريق محمد نجيب تم حبسه باحدى القصور تحت الاقامة الجبرية مدة ثلاثين عاماً وتم اعلان خبر وفاته الكاذب في منتصف الستينيات , ونعود للتاريخ فقد ذكر بأن محمد نجيب لم يكن على علم بالثورة الا قبل نجاحها بفترة قصيرة ولم يكن له اي دور وان مجلس الثورة اختاره لرئاسة المجلس لرتبته العسكرية فقط, وذكر ايضا انه لم يكن قادراً على ادارة شؤون البلاد في تلك الفترة وحتى ان استاذنا التاريخ لم يذكر في كتبه ان الفريق هو اول رئيس لجمهورية مصر العربية فقد اسقط عنه هذا اللقب ,,,, اما بالنسبة للدكتور مرسي فكان يخطو لجعل مصر مكتفية ذاتيا من بعض المواد والمحاصيل و مع نهاية درس التاريخ والفصل طويل سؤال الختام هل عام واحد يكفي لاصلاح فساد عقود وعقود ؟