نحترم ونقدر الحملات الشعبية لاستثمار مئوية وعد بلفور «المشؤوم!» لرفض الوعد والالتزامات الدولية التي أعقبته لإنشاء قاعدة العدوان والتوحش الإرهابي الصهيوني في فلسطين، ونشعر بالامتنان تحديدا للجهود التي يبذلها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج بهذا الخصوص، وبقية مؤسسات المجتمع المدني العربي الدولية والمحلية، ونقدر عاليا تفاعل نشطاء منصات التواصل الاجتماعي بهذا الشأن، ولكننا نشعر بغصة كبرى كون هذا الجهد سيبقى في إطار المشهدية الإعلامية، وربما يسهم بشكل ضئيل جدا في تغيير شيء ما على أرض الواقع، خاصة وأن وقاحة أصحاب الوعد لم يكفهم ما فعلوه، بل رفضوا رسميا الاعتذار عنه، بل استثمروا المناسبة لتأكيده، وتعميق التزامهم بحماية الوحش الصهيوني الهائج، المغتر بجنون القوة…
كل ما يفعله شعبنا العربي إعلاميا لرفض الوعد واستحقاقاته جميل، ومؤثر، ولكن ماذا عن وعود بلفور، أو بلافير (أو بلفورز) العرب، وها نحن نشهد تسارعا من هؤلاء البلافير لبذل وعودهم، وتطبيقاتها العملية، لجعل الوحش جزءا من أمتنا، عبر عمليات بيع وتسويق لكل «منتجاته» من القمع والإرهاب والتسلط والظلم، بل حتى احتضانه والمجاهرة بـممارسة ما يسمونه «التطبيع» معه، وهو مصطلح خاطىء والأصح إحلال مصطلح المقاطعة محله، لأن التطبيع يعني فيما يعني العودة للشيء «الطبيعي» ولا يمكن أن يكون القبول بالوحوش الإرهابيين القتلة طبيعيا، فهؤلاء يجب أن يبقوا منبوذين مقاطَعين في كل محفل، وتحت أي سماء وعلى أي أرض، ولكم سررت وأكبرت موقف ذلك الفتى العربي الأبي من بلاد الجزيرة، أحمد الغامدي الذي رفض «منازلة» خصمه الصهيوني في الملاكمة وفي الحياة أيضا، مفضلا الهزيمة الرياضية، على هزيمة كبريائه وشرفه ووطنيته، كما فعلت من قبل مواطنته الشريفة، لاعبة الجودو السعودية جودي فهمي، حين رفضت مبارزة اللاعبة الصهيونية جيلي كاهن وانسحبت من البطولة، وكما فعل رئيس البعثة الأولمبية اللبنانية سليم الحاج نيقولا، حين سد بجسده ذات يوم باب الحافلة التي كانت من المقرر أن تقلّ الوفدين الأولمبيين الصهيوني واللبناني معًا إلى حفل افتتاح الدورة الحادية والثلاثين للألعاب الأولمبية في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، مانعًا الوفد الصهيوني من الصعود إلى الحافلة، مما أجبر المنظمين على نقل الوفد القاتل في حافلة أخرى، وغيرهم الكثير من الرياضيين العرب الشرفاء، والبرلمانيين الأشاوس، وليس آخرهم مرزوق الغانم/ رئيس مجلس الأمة الكويتي، ونائبتنا وفاء بني مصطفى، وكثير غيرهم من العرب الأقحاح، الذين يمثلون النبض الحقيقي لهذه الأمة، نعم نسر ونحتفي بمثل هذه المواقف، ونشعر بالغصة والقهر ونحن نرى زحف النظام العربي الرسمي مستجديا قبوله عضوا في نادي القتلة الصهيوني، عبر عمليات رسمية وقرارات وصفقات، من فوق وتحت الطاولة، لإضفاء «شرعية» ما على هذا الكيان الوحشي، أمة العرب، لم يزل قلبها نابضا برفض الصهاينة ومشروعهم الوحشي، أما أولئك المتساقطون اللاهثون لنيل رضى القتلة، فهم كالثمار الفاسدة التي نخرها الدود، فأبت أن تبقى معلقة بأمها الشجرة رافعة رأسها إلى السماء، وارتضت أن تسقط متوسدة التراب!
كم نأمل أن تستثمر مؤسسات استثمار مئوية وعد بلفور، أو تصريحه لا فرق(!) جهودها باتجاه تعميق رفض ومقاطعة الكيان المتوحش!