وعد بلفور عام 1917
وعد بلفور عام 1917
” وعد من لا يملك لمن لا يستحق ” اختصار موجز عن وعد بلفور , الذي يتزامن صدوره في مثل هذه الأيام وعد بلفور أو تصريح بلفور هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني بإقامة ” وطن قومي لليهود ” الغاضبين في فلسطين على حساب الحقوق الوطنيه للشعب الفلسطيني ، وقد شكل هذا الوعد الظالم بداية الطريق لسلب أرض فلسطين الإسلامية ، وطرد وتهجير أصحابها الحقيقيين الفلسطينيين العرب، عبر مجازر التطهير العرقي و ” الترانسفير” بقوه إرهاب العصابات الصهيونيه ووريثتها “الكيان الصهيوني” في إرهاب الدوله المنظم القائم على أبشع اشكال القتل والعدوان.
” وطناً قومياً لليهود” هذا المصطلح كان أهم ما جاء في الوعد الخبيث، فلسطين المحتلة والتي كانت تقع تحت الإحتلال البريطاني، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل ساندت بريطانيا بقواتها وأساطيلها، وقوانينها الظالمة في تعزيز السيطرة الصهيونية على فلسطين عبر قمع أهلها الحقيقيين، ومطاردتهم بمختلف الأساليب الوحشية، لفتح المجال للصهاينة للسيطرة على البلاد وإقامة كيانهم الغاصب، على أرض شعب غلب على أمره في لحظة تاريخية استوحشت فيها القوى الإستعمارية، وشاخت فيها قوى الأمة بعد أن فقدت عوامل النهضة والمنعة، إلا أن مرور خمسة وتسعين عام على هذا القرار الهمجي، لن يجعل الباطل حقا بالرغم من إحاطته برعاية النظام العالمي، والقوى الاستعمارية الكبرى، ويبقى القرار الباطل على بطلانه، فالحقوق لا تسقط بالتقادم فصاحب الحق لا زال يطالب، ويسعى وينتفض من أجل استعادة أرض الأجداد وحقه التاريخي الثابت الذي لن تشوه ولن تسرقه كل القرارات الجائرة التي بنيت على أساس هذا الوعد المشئوم.
بعد مرور هذا الوقت الطويل لصدور وعد بلفور فلا زال الشعب الفلسطيني يتمسك بوطنه ويكافح عن وجوده، أمام سيل المؤامرات التي حيكت ولا زالت لتفتيت القضية الفلسطينية ، وإنهائها لصالح المشروع الصهيوني، وسجلت الثورات وبالانتفاضات الرافضة للمحتل وقراراته ، وخرجت فلسطين جيلاً تلو جيل من الثوار والشهداء، وهى تكافح عن عروبة وإسلامية فلسطين والمحتلة من بحرها إلى نهرها، وإن سيل المؤامرات عجز عن كسر هذا الصمود حول الحق الفلسطيني، وبقيت القضية في قلب ووجدان كل فلسطيني وعربي ومسلم، ووقفت آلة البطش الصهيونية ومن خلفها من قوى الاستعمار الغربي عاجزين عن فرض الكيان الغاصب في قلب الأمة ، وبقى الكيان وكما هو جسم سرطاني غريب لا حل معه إلا الاستئصال حتى يتعافى جسد الأمة وتنهض من كبوتها ففلسطين عنوان لعافيتها، وحتى لا يتم معاودة تأكيد هذا القرار بأيدٍ عربية فإن الحديث عن يهودية الكيان الصهيوني استكمال لمشروع بلفور في منح اليهود وطنا لهم في فلسطين، وأن الاعتراف العربي بيهودية الكيان كما يطالب قادته يعني أن لليهود حقا في فلسطين، وهذا الذي عجز وعد بلفور عن إثباته وفرضه منذ أكثر من خمسة وتسعين عاماً فهل نصحح لهم هذا الباطل؟!.
أن الصفقات السياسية والتسويات التي تدبرها القوى الكبرى جميعها في صالح الكيان الصهيوني، وإن خطورة الوضع التفاوضي في هذه اللحظة التاريخية ليس باستمرار الاستيطان أو المطالبة بتجميده، لأن كل كيان الصهياينة مشروع استيطاني غير مشروع يجب أن يزول، ولكن خطورة الأمر تكمن في المحاولات الحثيثة في إصدار اعتراف فلسطيني وعربي بيهودية الكيان حتى يتم شرعنه قرار بلفور، وهو الأساس القانوني التي تستند إليه مستوطنات العدو في مشروعية وجودها، كما يشكل الاعتراف بيهودية الكيان تجريما لنضالات شعبنا عبر تاريخ طويل من النضال والمقاومة منذ صدور قرار بلفور ، واعتبارها أعمالا عدوانية ضد من ثبت حقه في إقامة كيانه عبر الاعتراف العربي بيهودية الكيان، كما يعتبر هذا الاعتراف لو تم بمثابة إصدار قرار ترانسفير بحق أهلنا وإخواننا الصامدين في أرضهم المحتلة عام 48م ، وكذلك إبطال حقوق اللاجئين المشردين في الدول العربية بالعودة إلى ديارهم التي هجروا منها عبر القوة من قبل العصابات الصهيونية.
وبهذه المناسبة الأليمة وحتى لا نعطي مصداقية وقانونية ومشروعية لهذا القرار الظالم، فإننا نطالب بلجم الأصوات النشاز والتي تأتى من باب قياس ردة الفعل، والتي تتحدث عن استعداد فلسطيني للقبول بالاعتراف بيهودية الكيان، ونعتبر مجرد التفكير بهذه الأمر بمثابة خيانة عظمى لا تقبل من فلسطيني والجميع مدعو للتأكيد على حقوقنا كشعب فلسطيني بكامل التراب الفلسطيني، من رفح جنوبا حتى رأس الناقورة شمالا، وأن العودة حتمية وتقترب إلى حيفا، وتل الربيع ويافا، وأسدود وبئر السبع ويبنا وعسقلان، وان الحق الفلسطيني لا يحتاج إلى قرارات ولا معاهدات ولا اتفاقيات، فالحق الفلسطيني تؤكده الأرض والتاريخ والأشجار، وإنا عائدون بإذن الله.
بقلم الكاتب جمال أيوب.