عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

استراتيجية خاطئة لبناء برنامج نووي

ارتكز البرنامج النووي في الاردن على استراتيجية خاطئة مفادها وجود احتياطي هائل من مخزون اليورانيوم سيدعم الخزينة ويمول بناء المفاعلات النووية ويحل أزمة الطاقة والمياه، بل ويحول الاردن الى دولة مصدرة للطاقة.

استراتيجية قائمة على فرضيات خاطئة بربط وجود اليورانيوم بالمفاعلات النووية، وتضخيم القيمة المادية لمخزون غير مؤكد.

فمنذ انطلاق البرنامج النووي عام 2007، وهيئة الطاقة الذرية تؤكد بأن احتياطي اليورانيوم يتجاوز 80 ألف طن من افضل الخامات ذات التراكيز الجيدة ( ppm500) وبكميات تجارية مجدية سيبدأ انتاجها عام 2012 بقيمة تبلغ 1.25 مليار دولار سنوياً، دون ان تستطيع تقديم اي دليل او اثبات على صحة هذه المزاعم.

استراتيجية اقتصادية خاطئة تعكس عدم الإدراك للكلف المالية للمشاريع النووية حيث تفترض أن تكلفة بناء المفاعل هي فقط 5 مليارات دولار، متناسية تكلفة إعداد البنية التحتية، وتحديث شبكة الكهرباء، ومرافق النفايات المشعة اللازمة في الأردن والتي من المتوقع ان ترفع  تكلفة المفاعل الى اكثر من 10 مليارات دولار.

ففي مشاريع المفاعلات النووية التي يتم بنائها حالياً (اوكيلوتو/فنلندا و فلاموفييل/فرنسا) إرتفعت التكلفة من 4 مليار الى 11 مليار دولار وتأخير7 سنوات في تشغيل المفاعل.

استراتيجية عمل لاتمتلك ادوات التمويل او التكنولوجيا او المعرفة، وتفترض ان وجود توضعات يورانيوم يجعلك دولة نووية، متناسية ان العديد من دول افريقيا تنتج وتصدر اليورانيوم منذ السبعينات ولم يجعلها ذلك نووية او متطورة، وبأن اليورانيوم لايشكل الا 2% من تكلفة الكهرباء … فهل يعقل ان تقيم مشروع لانك تملك 2% من مكوناته.

رؤية خاطئة تدعي تحويل الاردن الى دولة مصدرة للطاقة دون برنامج عمل او قرائة للواقع، فلمن سيتم التصدير ونحن نقع في منطقة محاطة بالغاز والنفط ونملك اصغر شبكة كهربائية بين كافة الدول المجاورة، وإن صح أعلان الهيئة بأن سعر الكيلواط ساعة سيكون 8 قروش++، أوليس هذا من اعلى الاسعار في المنطقة ولا يمكن أن ينافس كلفة التوليد من الغاز الطبيعي (4-5 قروش) بالأسعار العالمية، فهل سنقوم بتصدير منتج بخسارة؟، وأين هي الفائدة اذا كنا سنستورد الوقود ونلتزم بتخزين النفايات المشعة على اراضينا لمئات السنيين.

تزعم الهيئة خاطئة بأن المشروع النووي سيعطي استقلالية للأردن ويقلل من  الإعتماد على الخارج، متناسيةً أن اليورانيوم بحاجة الى تحويل وتخصيب وتصنيع لكي يصبح وقوداً نووياً صالحاً للإستخدام في المفاعل، وبأنه يجب إجراء كافة هذه الخدمات واستيراد الوقود النووي من دول أجنبية، مما يزيد التبعية والإعتماد على الخارج.

منذ بداية المشروع يتم الترويج بأن المفاعل سيقوم بتحلية المياه، مع أنه من المعروف عالمياً بأنه لايوجد أي مفاعل نووي يقوم بتحلية مياه الشرب، وبأنه لايوجد ارتباط بين تكنولوجيا المفاعلات المقترحة في الأردن وتحلية المياه. بالاضافة الى ان المواقع المقترحة لبناء المفاعل (الموقر، الخربة السمراء) تفتقر الى المياه ولا يوجد فيها الا مياه عادمة تستخدم للزراعة، فاين هي المياه التي سيتم تحليتها.

والآن بعد ستة سنوات من التخبط وسقوط فرضية اليورانيوم وملياراته، واختفاء مصدر التمويل، والفشل في تحديد موقع مناسب، وعدم تقديم دراسة جدوى اقتصادية (BFS) إضافة إلى الرفض الشعبي وانعدام الرؤية، وهدر الملايين، الم يحن الوقت لتتحرك الحكومة وتقوم بمراجعة هذه الاسترايجية الخاطئة وتصحيح المسار لما فيه مصلحة الوطن؟!!.

____

الكاتب: خبير نووي متخصص في تصميم وهندسة المفاعلات ‏وإدارة الوقود ‏النووي، بكالوريوس وماجستير ودكتوراه في الهندسة النووية. مؤسس قسم الهندسة النووية في جامعة العوم والتكنولوجيا، مؤسس ومدير مشروع مختبرات اليورانيوم ومخزن النفايات المشعة وأول منشأة نووية في الاردن، مفوض دورة الوقود النووي السابق.