عاجل
0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

هل هناك توافق بين القصر والحكومة؟؟

هل هناك توافق بين القصر والحكومة؟؟
راتب عبابنه
كثيرا ما أقف حائرا ومندهشا كالكثير من أبناء الأردن والمراقبين والمهتمين بالشأن العام أمام الطرح الملكي الذي يلاقي كل الترحاب والتأييد من الغيورين على مصالح الأردن. والحيرة منبعها غياب التوافق والإنسجام بين ما يطرحه الملك من تشخيص للحال المزري والحلول التي تقود للخروج من هذا الحال وبين ما نسمعه من السلطة التنفيذية والتي دائما تتفاخر وتتملق بأن حساباتها وقراراتها وكل ما تتخذه بحق الوطن والمواطن يأتي انسجاما مع توجيهات جلالته.
الملاحظ أن رئيس السلطات بواد والسلطة التنفيذية بواد آخر. إذ ما تقوم به الحكومة لا نراه ينسجم ولا يتوافق مع التوجيهات الملكية. والعملية تتكرر بشكل مستمر وبكل إطلالة لجلالة الملك من خلال الإعلام الأردني أو العالمي نسمع إشارات لمواطن الخلل التي تستوجب الإصلاح العاجل من قبل الحكومة، لكن واقع الحال يخبرنا أن لا تغيير ولا محاولة نحو التغيير أي أن الملك يقول ما يشاء والحكومة تصنع ما تشاء. فصار من حق كل مراقب ومتابع أن يخلص لوجود حالة من التنافر أحد طرفيها الملك والطرف الآخر الحكومة ومعها أصحاب الشد العكسي من الفاسدين.
أم هناك اتفاق غير معلن من شأنه خلق توازن تخديري بين التوجهات الملكية التي تدغدغ مشاعر الناس وبين الصد والإحجام الحكوميين عن التجاوب مع هذه التوجهات؟؟ لو استبعدنا هذا الإنطباع، فما يمنع الملك رئيس السلطات الثلاث من أن يحاسب رئيس حكومته على تقصيره ويطلب منه تنفيذ توجيهاته التي دفعت بالناس لكثرة تكرارها للإعتقاد بأن هناك أمرا مبيتا وما النهج الحالي الذي يظهر بعض التنافر بين الملك والحكومة القصد منه أن يعيش الناس بحالة من الترقب والتمني لكسب الوقت والناس تؤمن أن الوقت يمضي بغير صالحها.
نود أن نعرف ما إذا كانت الحكومة تعمل بمعزل عن القصر وبعيدا عن سياسة الإصلاح التي ينادي بها الملك أم تعمل بوحي من القصر الذي توجهاته الظاهرة لا نختلف على أنها تحاكي مطالب الشعب. وإن كانت تعمل بمعزل فنهجها وسياساتها تشهد لها بانعزاليتها وعدم توافقها مع النهج الملكي. وإن كانت تعمل بوحي ملكي ومرجعيتها الملك فالتناقض واضح كالشمس وهنا مكمن الخطر, والحالة تستدعي توضيحا من الطرفين أو احدهما حتى تنجلي الحيرة ونخرج من الظلام وحتى لا نبقى نعيش تضليلا يتم به شراء الوقت. وما دور الديوان الملكي و جيش المستشارين الذين يقدموا فتاواهم بحيث تقود لتمرير الرغبات الملكية والطموحات التي من شأنها إنارة الدرب أمام الحكومة؟؟ أليس من مهام الديوان الملكي الأساسية تلخيص الرؤى الملكية وتمريرها للحكومة للعمل على تحقيقها؟؟ أليس من مهامه أيضا تزويد القصر بتغذية راجعة عن أداء الحكومة ومدى تفاعلها مع توجيهات جلالته؟؟
إذا إفترضنا أن الديوان يقوم بدوره الذي أشرنا إليه بمنتهى الأمانة فهناك حلقة مفقودة تفيد بوجود خلل وشرخ كبير بالجسم الحكومي نفهم منه وجود رغبة جامحة بإبقاء الحال على ماهو عليه. وهناك الأمثلة الكثيرة التي تدل على وجود تنافر ووجود خلل خلقا عراقيل بالطريق الموصل بين الحكومة والقصر.
نذكر جميعا أن الملك نادى بورقته النقاشية الرابعة بالتمكين الديمقراطي وبنفس اليوم قامت الحكومة بالحجب التعسفي لما يقارب ( 300 ) موقع إخباري إلكتروني. نادى جلالته بأن لا أحد فوق القانون وها نحن نرى باسم عوض الله طليقا وما زال له حضوره بعالم الإقتصاد ودهاليزه. وليد الكردي ما زال عاصيا بلندن ولا نلمس محاولات جادة من الحكومة لجلبه ومقاضاته. قالت الحكومة أن الأمريكان سيغادروا الأردن فور الإنتهاء من تمرين الأسد المتأهب وإذا بنا بعد الإنتهاء نسمع من رئيس هيئة الأركان المشتركة تأكيده بقاء طواقم صواريخ الباتريوت وطائرات الـ F-16، ونسمع يوميا من مسؤولينا قدرة جيشنا العربي على الدفاع عن حدوده وسمائه ومائه وهو ما لا يساورنا شك به.
فما تفسير الإعلان عن وجود هذه القوات الأمريكية وبهذا التوقيت؟؟ لماذا لم يتم الإعلان عن بقاء الطواقم مبكرا بدل التأكيد على مغادرتها ثم التراجع وإعلان العكس؟؟ أليس النفي ومن ثم التأكيد والنفي ثانية يدخلنا بحالة من اليأس والقنوط من أن تصدقنا الدولة القول؟؟ السنة الماضية ” الأسد المتأهب ” تزامن مع تصاعد الأزمة السورية مما خلق جوا من التساؤل عن أبعاده وأهدافه. ولم يكن التمرين مقررا قبل الأزمة السورية لتبرير استمراريته وكيفيته واستبعاد شرعية التساؤل عن أبعاده وأهدافه.
ألم يكرر جلالة الملك أن هناك عدم ثقة بمؤسسات الدولة من قبل المواطنين؟؟ أليس بعد هذا أصبح لزاما على الحكومة العمل الجاد باتجاه إستعادة الثقة لتعمل الحكومة نفسها بنهج وآلية وأريحية مدعومة بثقة المواطن ومباركته؟؟
هل الحكومة تعمل وبدعم من الديوان الملكي برئاسته الحالية والمعروف عنها محاربتها للإصلاح من أجل الإبقاء على حالة التوتر والتذمر والشكوى التي ربما تدفع بالناس للعمل بالخفاء؟؟ وها نحن نسمع يوميا على الصعيد الشعبي والصحافي والإعلامي أسئلة تتردد مثل : أين الملك مما يجري؟؟ أين الملك وهو يرى أن طرحه وتوجيهاته لا تتحقق؟؟ أين الملك وهو يرى أن ما يطبق لا يتفق مع ما نسمعه منه؟؟ أين الملك وهو يرى الأمور بطريقها إلى الأسوأ؟؟ أين الملك من رئيس ديوانه المؤتمن على التنسيق بينه وبين الحكومة؟؟
أسئلة باتت تطرح بالشوارع والمقاهي وعلى المنابر وعلى شاشات الفضائيات ومن خلال الأقلام. الإجابة عليها لا ننتظرها من الحكومات التي تحجرت أمام الشعب بل ننتظرها من جلالة الملك لتنتهي متاهتنا ونخرج من الدوامة التي تقذفنا ثم تعيدنا للمربع الأول. فمتى جلالتكم وأنتم رئيس السلطات الثلاث وأنتم بموقعكم الدستوري ترأسون الديوان الملكي والحكومة والأجهوة الأمنية والمحاكم، متى تشرعون بثورتكم البيضاء ومتى تثلجوا صدور الأردنيين الغيارى بالعمل معهم على كنس طفيليات لوثت بيئتنا وقضت مضجعنا؟؟
الشعب لم يعد لديه الفائض من الوقت ليمدد الهدنة لهؤلاء ولم يعد لديه ما يعول عليه غير جلالتكم يدا بيد مع غيارى الأردن أبناء وأحفاد رجالات أبيكم طيب الله ثراه الذين لم يخذلوه يوما بل كانوا السند والعضد يعملون تحت الشمس ويعمل معهم رحمه الله بقلوب تحترق على الوطن وبإرادة لا يقوى عليها الفاسدون وبعزيمة حيدت البرامكة وأسيادهم وأبعدت كل الحاقدين والمتآمرين. فما الذي يمنعكم من تطبيق ما تنادون به وشعبكم وركائزكم خلفكم؟؟
الوقت لا يمضي بصالحنا والأعباء تزداد والإحتقان لدى الشعب تفجر أو كاد، والناس ملت من الوجوه الصفراء التي لم تجلب لهم إلا العثرات، الأمل بتحسن الأوضاع قد تلاشى، توقع الأسوأ هو الهاجس المسيطر على تفكير الناس. والله لا أبالغ ولا أهول الأمور بل هي الحقيقة والواقع وما يسود بين الأردنيين. فحان الوقت للعمل جلالتكم قبل أن تلجأ الناس للعمل بالظلام سالكين طريق الخلاص الذي والله لن يريحكم ولن يريحنا نحن الغيارى.
لقد مللنا من الأقوال والشعارات مثلما مللنا من ديباجات التخدير التي لم تعد تجدي نفعا، والناس بإنتظار جني ثمار الأقوال لنراها تنسجم مع الأفعال، أما إن بقي الحال دون تغيير فنحن لا محالة ماضون لمجهول لا أظن جلالتكم راغبون به.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com