عاجل
0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

فوضى الآراء

أحيانا أقرأ بعض المنشورات، أو التعليقات، فيصيبني العجب، فبعضها مدبج بطريقة جيدة، ويربط الأحداث، بشكل مقبول، فيظن من نشر، أو علق، بأنه استنفذ غاية النظر، ووصل إلى لب المسألة، وتجلى بين الناس، بأحسن الرأي،وبينما هو يناقش ويحلل، ويعرض، ويفند، ينسى أن للمسألة حالات،فإن كان الرأي، فيها واحدا من جهة العموم والتقيييم،فإنه لا يكون واحدا، من حيث الحالات، فلكل حالة حكم خاص، لذلك لابد من ربط منطقي، دوما بين عرض الحالة العامة،واختلاف الحكم عند عرض الحالة الخاصة.

قبل أيام قرأت منشورا لأحدهم يقول:بأن إيران وإن كانت عدوة، فإن إسرائيل هي العدو الأكبر والعدو الأقرب.
لهذا فليست ايران هي العدو الآني لنا.
ومع ما في هذا القول من الصحة، إلا أن الكاتب تكلم بعموم، ولم يستحضر قبل إطلاق الحكم خصوصية الحالة.

وكان لابد من استعراض الواقع، هنا قبل إطلاق الحكم،
فهل يخاطب الشعوب أم يخاطب الأنظمة؟
إن كان يخاطب الأنظمة، فهي لم تتخذ إيران عدوة ولم تعلن عليها حربا!
وإن كان يخاطب الشعوب! فإن الشعوب ليست من يتخذ قرار الحرب!
وهو على الأغلب يخاطب الجهتين! فهل يستوي الخطابان مثلا؟

لذلك كان لابد له من استقراء الحالة وبسهولة قبل إصدار الحكم،
إذ لو كان يخاطب الأنظمة، وهي تصر على حرب إيران، “وإيران منزوية” لا تصنع شيئا، لكان له الحق فيما يقول، ولكان أوفى الحجة بما طرح، ولكن لم يسأل نفسه قبل أن يقرر .
أليست إيران، هي من أعلن الحرب، من خلال مناصرتها للأسد النصيري،بإمداده سياسيا وعسكريا، واستخباريا، واقتصاديا، بشكل واضح لا ينتطح فيه عنزان؟!
هل قامت الأنظمة بأي ردة فعل، لمنع إيران من ذلك؟! طبعا لا لم تفعل!

إذاً فالخطاب موجه للشعوب! والسنية منها خاصة!

فهل قامت الشعوب، بمهاجمة إيران، في عقر دارها؟!وهل تملك الشعوب إعلانا للحرب؟!

أليست إيران هي من غزت أرضنا،وأعلن صاحب “حزب الشيطان” حليفها الذي يأتمر بأمرها، بأنه سيرسل قواتاً، لتنصر الأسد، في ذبحه لأهل السنة، في القصير، وقام بذلك فعلا أمام الدنيا بأجمعها.

فكيف يقول هذا الرجل أن إيران ليست عدوا آنيا، ومتى تكون عدوا آنيا؟! بعد أن ننتهي من إسرائيل مثلا؟!

فإن صح قوله على علته الظاهرة، فمن يخاطب ههنا أيضا؟! الأنظمة التي تربطها معاهدات مع الصهاينة وتحمي حدودها؟!أم الشعوب المتحفزة التي لا تملك أمرا ولا سلاحا؟!
فإن قال: أخاطب الجميع! فهل يصح مخاطبة الجميع- الشعوب والانظمة- بخطاب ٍمتساوٍ ؟!
فإن قال :أخاطب الأنظمة فنقول قد كفيتنا المؤونة، والخطاب مشترك بيننا وبينك.
وإن قال: أخاطب الشعوب، فنقول: عندئذ إن هذا من السَّفَهْ،لأن الشعوب منذ ستين عاما، وهي تتطلع إلى إزالة إسرائيل، ويحول بينها وبين ذلك أمور، لم تتغير إلى اليوم، بل زادت شدة وقوة، في صالح إسرائيل.
إذ استطاعت الأنظمة، سحب يدها من القضية، وتركها للفلسطينيين، وأقامت هناك سلطة، تأتمر بأمر إسرائيل، وتقوم نيابة عنها، بمنع من يقاتل إسرائيل،ولو افترضنا أن هناك من يستطيع اجتياز الحصون الأمنية المحيطة باسرائيل، فمع من يقاتل هناك؟! فإن قبلته إحدى الجماعات هناك، فهل يقبلون، أن يقاتل إسرائيل وحده، وهم منها في هدنة؟!
فإن قاتلها وحده! فمن يُمِدُّهُ بالعتاد والسلاح؟! فإن وجد سلاحاً وعتاداً؟ فكم سيصمد؟! فإن صمد إلى أمد بعيد؟! فهل يكفي وحده؟! فإن استنصر فمن سينصره؟! ألفلسطينيون خلال هدنتهم؟! أم سيأتيه المدد من خارج فلسطين؟! فإن جاءه المدد فهل ستسمح له الأحزاب، في فلسطين باستقباله، وتشكيل فصيل يزاود عليهم، وهل وهل ……….آلاف التساؤلات، التي لم يفطن لها الذين، فطنوا فجأة لفلسطين المغتصبة.

كل الذين يلقون بهذه الشبهات، أو يقولون بشعارات عامة، أو يطرحون تساؤلات عامة، أو يناقشون حالة عامة، يفرُّون من الإجابة، عند تخصيص الحالة، وعند طرح الأسئلة، التي تستعرض اللوازم المنطقية، لشبهاتهم وأباطيلهم.