عاجل
0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

محمد الصبيحي علق الجرس

محمد الصبيحي علق الجرس
راتب عبابنه
شدني وحفزني خبر تسجيل طعن ضد قرار مدير المطبوعات والنشر بحجب المواقع الإلكترونية الإخبارية من قبل الأستاذ محمد الصبيحي عن موقع “عمان1”, للكتابة ثانية عن الحجب التعسفي والقهري الذي أثار جدلا واحتجاجا من قبل ناشري وأصحاب ورؤساء تحرير المواقع الإخبارية التي قتلت وكممت بقانون لا يستند على دستور وآلية اتخاذه ينقص شرعيتها بعض الإجراءات التي كان على الرشيقين اتخاذها قبل إنفاذ قانونهم. وقد سبب هذا الحجب قلقا وتوترا وانتفاضا لدى كافة المعنيين والمؤمنين بحرية الكلمة ونحن نعيش زمن العولمة الذي عندما انخرطنا به, صوره أولي الأمر أنه طريقنا إلى اليوتوبيا. والقلق القائم سواء من الأسرة الصحفية المتضررة أو من القراء ومن الطامحين نحو الإنطلاق الحر, له ما يبرره من الناحيتين القانونية والمناخية.
كان على دائرة المطبوعات والنشر مخاطبة المواقع الإخبارية مباشرة وكل بإسمه بفحوى ما ستقوم به الدائرة بحق هذه المواقع. عوضا عن ذلك لم يصدر سوى إعلان بالصحف. كما كان من الضروري التشاور مع الأسرة الصحفية واستمزاج آرائهم والإستماع لطرحهم والخروج بآلية حجب توافقية يقرها ويلتزم بها الجميع. وعوضا عن ذلك تم تجاهل قطاع كبير ومؤثر وفعال بشكل تعسفي قمعي لن يقود للضبط والسيطرة والتنظيم بقدر ما سيخلق تصعيدا يضاف للتصعيد الذي تطبخ وسائل تنفيذه على نار هادئة من قبل الحركات والحراكات والأحزاب. والتصعيد الصحفي سيكون منصبا على ما لا يرضاه أهل الحجب من كشف وفضح لما كانت تسكت عنه الصحافة الإلكترونية عملا بالتهدئة والتقليل من التشويش أملا بأن تصل الرسالة لأولي الأمر كي يبادروا بالقيام بتحسس مواطن الخلل والعمل على إصلاحها.
لكن رب ضارة نافعة, فها هي الحكومة تعطي بقصد أو بغير قصد, الله أعلم, الذريعة والمبرر والدافع للمواقع الإخبارية بأن تستخدم كل وسائلها ومصادر معلوماتها للدفاع عن نفسها ولإيصال رسالتها و لكي تثبت مرة أخرى دورها الهام كرابع السلطات وتسلط الأضواء على ما كان ينتظر دوره للخروج إلى النور والذي سكتت عنه بدافع أخلاقها الصحفية المهنية وكانت تعتبره من الخطوط البرتقالية ويحتم التروي والتمهل قبل اتخاذ قرار بالتعرية والفضح.
نظرة سريعة على الفقرة رقم (5) من المادة رقم (15) بالدستور والمتعلقة بموضوع الحجب, لوجدنا بمنتهى الوضوح والصراحة أن الحجب لا ينسجم مع الدستور بل ينسجم تمام الإنسجام مع الأحكام العرفية وحالات الطوارئ. المادة رقم (15) وبفقرتها رقم (5) تنص على: ” يجوز في حالة إعلان الأحكام العرفية أو الطوارئ أن يفرض القانون على الصحف والنشرات والمؤلفات ووسائل الإعلام والاتصال رقابة محدودة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة وأغراض الدفاع الوطني “. إذن الحجب يأخذ شرعيته وقانونية نفاذه من وجود حالة طوارئ أو أحكام عرفية تم الإعلان عنها وعلم بها الناس جميعا. وهذا ما لا يتوفر كشرط أساسي على الواقع. وحقيقة لا نعلم إذا كنا نعيش حالة طوارئ وأحكام عرفية تم إعلانها ولا نعلم بها حتى تقبل الحكومة على مثل هذا الإجراء المخالف للدستور.
المادة رقم (15) وبفقرتها رقم (4) تنص على: ” لا يجوز تعطيل الصحف ووسائل الإعلام ولا إلغاء ترخيصها إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون”. هذه الفقرة واضحة بتحديد آلية نفاذ القانون وهي بصراحة الحكم القضائي الذي يصدر عن محكمة. هل الحكم القضائي كشرط متحقق؟؟ هل التعطيل (الحجب) صدر بحكم من القضاء يعطي الحكومة الحق بالحجب؟؟
الأستاذ محمد الصبيحي قدم طعنا بهذا القانون مستندا على المادة رقم (15) بفقرتها رقم (4). ونعلم أنه المخضرم القانوني الذي عودنا على صحوة مجساته القانونية اتي تتابع وتراقب ما يصدر عن الحكومات من قوانين وإجراءات تتذرع بدستوريتها وقانونيتها. وها نحن ننتظر ما ستسفر عنه هذه الدعوى آملين أن تكون مدخل خير لتصويب القرار المجحف ورسالة للحكومة تفيد أن الإستخفاف بالعقول واستغفال الناس والإستهتار بالمشاعر وإن طال, لا بد أن يصطدم بواقع صحوة الغيارى الذين يحرصون على إحقاق الحق وتحجيم أولئك الذين دأبوا على الصعود على أكتاف الأكفياء من ابناء الوطن.
والغريب في الأمر ومما يدعو للدهشة أن هذا القرار تزامن بالصدور مع إطلاق جلالة الملك لمشروع “التمكين الديموقراطي”. فهل هكذا قرار وهكذا إجراء يتوافق مع دعوة رئيس السلطات الثلاث لجعل الديموقراطية أمرا يتمكن منه الأردنيون؟؟ وهل يتوافق ويتناغم مع فكره وما هو دائم الدعوة له من ديموقراطية وحرية تعبير؟؟ أقسم أنها رسالة تقول: ليقول الملك ما يشاء ونحن (الحكومة) نصنع ما نشاء. وأقسم أن ما تصنعوه هو إفشال لتوجهات الملك وعراقيل تضعوها أمام ما يطمح إليه من حرية مسؤولة وكلمة ناصحة. فكيف تفسروا تملقكم وتزلفكم عندما تقوموا ببناء حمامات لمدرسة مثلا تنسبوها لتوجيهات الملك السامية؟؟ كيف يستقيم ذلك مع “أمرني جلالة الملك” التي تقترن بكل خطوة تتوخون بها ترحيب الناس؟؟ وها أنتم تضيفون لإنجازاتكم العظيمة والعملاقة إنجازا تتورع عنه الدول الفردية الحكم والشمولية النظام والأمنية النهج. وها أنتم تثبتون أنكم العقبة أمام الإصلاح وتحاربون كل ما من شأنه أن يساهم بوضع لبنة قوية صالحة ببناء الإصلاح والتغيير.
حجبتم المواقع الإخبارية وقطعتم أرزاق اصحابها لكن ليس بمقدوركم حجب الحقيقة مهما طبقتم من أساليب التضييق. العالم أصبح قرية صغيرة بفعل وسائل الإتصالات والتواصل واختراع البروكسيات التي تمكننا من اختراق ما تحجبون. الشعب الأردني المثقف والواعي والمتعلم ليس بمغفل ليصدق هراءكم ويكذب ما يعيشه واقعا يكتوي بناره جراء صنيعكم. لقد فسرتم نصوص الدستور على أهوائكم وبالطريقة التي تخدمكم, لا بل تجاوزتموه ظنا منكم أنكم الأعلون والأقوى متناسين أن الشعب هو صاحب ومصدر السلطة وهو بذلك الأعلى والأقوى والأدوم وكلكم زائلون عما قريب إنشاء الله ولن تصمدوا أمام إرادة الأردنيين التي تطلب الحياة ولا بد للقدر أن يستجيب لها.
من الناحية القانونية والدستورية, ارتكبتم إثما ومخالفة صريحة للدستور تستوجب محاسبتكم أسوة بمحاسبة أي فرد أو جماعة يرتكبون مخالفة قانونية. واعتمدتم على تفسيركم الخاص لنصوص دستورية لا يختلف على فهمها إثنان ولا يستعصي فهمها على طلاب المرحلة الأساسية.
من الناحية المناخية, خالفتم بالمقام الأول توجهات رأس الدولة جلالة الملك الذي مذ تسلم سلطاته وهو يقود الأردن نحو الإنفتاح والديموقراطية وترسيخ دعائمها. كما تعملون بأسلوب خبيث على تسليط الأضواء على الملك لبناء سد حاجز بينه وبين الشعب يحجب الواقع ويعيق التقدم والإصلاح. لا ننكر نجاحكم ببعض الحالات لكن اعلموا أنكم لن تنجحوا دائما. النصيحة لم تعد تجدي معكم, والصبر لا يأتي بالفرج, والتفاؤل أزلامكم استبدلوه بالتشاؤم, وإصلاحكم إن وجد فهو بطيئ لدرجة الملل, وأقوالكم تناقض أفعالكم والواقع, والتضليل قائم, والقفز عن الحقائق مبدأ تهتدون به, رضا الأجانب مقدم على رضا الشعب, حقائق تنفونها وسرعان ما يتأكد وجودها, وإدارتكم دمرتنا وجلبت لنا كل مكروه.
فكيف نثق بكم وكيف ننام قريري العين ونحن نتوقع أن نصحو على زيادة ضريبة أو رفع أسعار, أو ترقب ما إذا سترفع أسعار المحروقات أم ستخفض. قلتم شمال الأردن منطقة منكوبة, وقلتم الدينار ستنخفض قيمته, وقلتم أن صندوق النقد الدولي اشترط عليكم رفع سعر الكهرباء وثبت بطلان قولكم بعد أن كذبكم الشخص المعني, وقلتم ستفلس الدولة إذا لم يرفع سعر الكهرباء (وأي دولة هذه يا صاحب الولاية العامة التي يقرر إفلاسها وعدمه سعر الكهرباء؟؟) أليس هذا تخبط وقلة حيلة وضحك على الذقون واستهتار بالعقول؟؟ أين هي خططكم ومشاريعكم التي تبعث على الأمل باستخراج كنوز الأردن من غاز ونحاس ويورانيوم وصخر زيتي؟؟ أين قوانينكم العاجزة عن جلب الفاسدين والتي تطبق على مزاجيا؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com