ثقة..
لا أظن ان د. الملقي وفريقه فرحوا بالثقة, بعد هذا الماراثون من الاهانات لبلدنا, ولنظامنا السياسي, وللديمقراطية.. وحين طلب اصدقاء متابعة «جلسة الثقة» على القناة الرياضية لم نستطع على اختلاف مشارب الاصدقاء احتمال المتابعة فأغلقنا جهاز التلفزيون, لأن ما سمعناه لا علاقة له بالموالاة او المعارضة. فحق الذين كانوا قد قرروا اعطاء الثقة بخلوا بكلمة طيبة بالبيان الوزاري وبالحكومة وكأن الثقة عيب.. أو انتقاص من «شجاعة» النائب «ووطنيته».
كان عدد من النواب في مستوى أي متحدث في الجمعية الوطنية الفرنسية. فكانت كلمته واضحة.. صريحة.. لا تقفز وراء مقاعد الحكومة لتخاطب بعض المواطنين. ومن اصحاب الاصوات العالية والكلام المسموم. وهؤلاء نعرف أن الخوف هوالذي يمنعهم من حمل «الكلاشن» في وجه الدولة ووجه مواطنيهم.
ليس من المفروض ان تنتهي «جلسات الثقة», مثل هذه النهاية. وأن تكون الملوخية هي الجزء الممتع من اهتمام الرأي العام, ومرضى الفيسبوك والتويتر. فالذين عابوا على الحكومة ان بيانها الوزاري لا يختلف عن بيان كل الحكومات، لم يلاحظوا ان كلماتهم لا تختلف عن كلمات «نجوم» الساحة في البرلمانات السابقة. والطريف ان كل «النجوم» سقطوا في الانتخابات الاخيرة، فالناس الاصحاء–وهم بالمناسبة الاكثرية–لا يطيقون كل هذا «الاستهبال» الذي كان المجلس مسرحه لدورات مختلفة الطول والقصر. فان احدا لم يهتم بتقدير قائد الوطن لدى حلّه للمجالس الاربعة الاخيرة. وتأييد الناس للقرار الصائب الذي اراح الناس من ركوب ظهورهم واهانتهم بتلبس «الشعبية». فشعبنا ذكي يقبل المسرحيات البرلمانية طالما انها غير مؤذية للقرار الوطني. ولكنه لا يمانع باغلاق حنفيات الكلام.. المرسل.
نتمنى ان يكون الماراثون الخطابي نهاية الاحزان، ويستأنف مجلسنا النيابي عمله كما تأمله الناس، وكما يريدونه. وننصح رئاسة المجلس–وهي رئاسة صابرة–بان لا ينقل التلفزيون جلسات الموازنة العامة، وان يكتفي بالخبر العادي التلفزيوني والاذاعي والصحفي. فكلنا يعرف ان النقل المباشر سيؤدي الى خروج بعض نوابنا من الجلوس تحت القبة الى الجلوس في الشارع. فلقد ناقش مجلس العموم البريطاني سنوات تنوف على الاربعين فيما اذا كان من رزانة الديمقراطية نقل جلسات المجلس على هواء BBC مباشرة. فرغم الانصياع الكامل «للويب wip» التنظيمي الحزبي, ومنع الصفوف الخلفية من الخروج على تمثيل وزراء الحكومة ووزراء الظل–المعارضة–الا أن النقل المباشر قد يمس كرامة التمثيل الشعبي في وست منيستر.
على مجالسنا النيابية, وغدا مجالس المحافظات والمجالس البلدية أن تمتثل للتقاليد الديمقراطية. فالمجالس ليست للنواب, وانما النواب للمجالس.
نرجو أن لا تكون الثقة اذعاناً. وأن لا تكون تغميساً خارج الصحن.