تنمية سيناء والأمل الذي ينتظر غزة .. رؤية “الواقع والمستقبل”
منذ سنوات وتقود القيادة المصرية ممثلة بأجهزتها العسكرية, والأمنية, كافة حربًا ضروسة في شبه جزيرة سيناء, الذي استوطنتها الجماعات المتطرفة عبر السنوات الماضية وزادت من التغلغل فيها إبان الحرب الأهلية الليبية, التي أطاحت بنظام الرئيس معمر القذافي, واحتدام الصراع الإفريقي, وخصوصًا في السودان, وزادت من تجنيد العناصر واستقدامها إلى سيناء بعد ثورة 25 كانون الثاني/يناير, التي أطاحت بالرئيس محمد حسني مبارك, وأتت بحكم الرئيس المصري الأسبق المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي, إلى أن هبت ثورة 30 حزيران/يونيو وأطاحت به وعين الرئيس المؤقت عدلي منصور وفقًا للقانون المصري, وصولًا إلى انتخاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي, ليبدأ مرحلة جديدة من حرب مصر على “الإرهاب”, والقضاء عليه وخصوصًا في سيناء, حاملًا برنامجه السياسي رؤية إصلاحية تبدأ بالتنمية الحقيقية للبلد واستغلال مواردها كافة من أجل النهوض بالجمهورية ودفع عجلة الانتاج.
على مدار سنوات حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي, تتوالى الاجتماعات القيادية على أعلى المستويات من أجل تحقيق الوعود التي حملها البرنامج الانتخابي للرئيس, وتسير وفق عجلة تنمية سريعة بحثًا عن ارساء القواعد والأسس من أجل تحقيقها واقامتها فعليًا على أرض الواقع, وكان أبرزها التنمية في شبه جزيرة سيناء التي يستوطنها “الإرهاب”, نظرًا للمساحات الشاسعة التي تتمتع بها, فضلًا عن استغلالها لصالح توفير عائد ومردود اقتصادي لبلد يمتلك امكانيات ضخمة تتمثل في موانئ, وقناة تربط بين جميع أنحاء العالم وتمر بالتجارة بين الشرق والغرب ومنها إلى الجنوب والشمال في أسفل قارة العالم “النامي”.
بعد دراسات مستفيضة تمت على أعلى المستويات في مصر, وبالاستماع إلى الاستشارات, درست القيادة المصرية بأكملها امكانية الاستثمار في سيناء, ولكنها توقفت عند “الارهاب” الذي يستوطنها, فذهبت إلى إعلان الحرب من أجل القضاء عليه ووضعت سقف زمني بحيث ينتهي قبل انتهاء العام الجاري 2016, على أن تبدأ الاستثمارات فيها في بداية العام المقبل 2017, ووفقًا لهذا الرأي بدأت تدرس من يستطيع الاستثمار, ومن بين المشاورات مع الدول العربية والأجنبية انتهى الأمر واستقر على غزة, الأقرب والعمق الاستراتيجي المصري والاستهلاك الأكبر, وغير ذلك “لا يمكن أن يأتي أي مستثمر أجنبي إلى صحراء سيناء” لأن أي دولة في العالم تتطلع بعد انتهاء الحرب إلى “التنمية” لهدفين, يكمن الأول في استثمار هذه الأراضي الشاسعة, والثاني يكمن في تعويض ما تكبدته من خسائر مادية ومالية إبان حربها لعودتها إلى خزينة الدولة التي استنزفت, فضلًا عن زيادة الاستثمار في منظومتها العسكرية وتطويرها لتحصين حدود الدولة وتأمين مؤسساتها ومرافقها الداخلية والخارجية.
وموازاة مع تنفيذ الاقتراحات تحرك الجانب السياسي المصري وفق خطة محكمة, وإيمانه منه بمسؤولياته الأدبية والأخلاقية واحتضانه للقضية الفلسطينية, تضمن سير العملية عبر القنوات الرسمية, وخاطب القيادة الفلسطينية في رام الله وقدم خطته المبينة على وحدة فتح الداخلية ومن ثم اتمام المصالحة الوطنية وانهاء الانقسام الفلسطيني, يليها الاعلان عن أكبر مشروعين يحلان أهم مشكلتين في قطاع غزة والمتمثلتين في الكهرباء والمياه, عبر انشاء محطة كهرباء ضخمة في رفح المصرية تُغذّي قطاع غزة بأكمله ويتم تزويدها بسولار وفق التسعيرة الدولية, أي ما يقارب “2.5” للتر الواحد وبدون ضريبة “البلو”, تتزامن مع انشاء محطة لتحلية مياه البحر وتضخ مياهها الصالحة للشرب إلى قطاع غزة, بالإضافة إلى عدد من المشاريع والاستثمارات عبر إقامة منطقة صناعية متكاملة في رفح المصرية على غرار المناطق الصناعية الحدودية التي يستهدفها الاحتلال في كل حرب له وتدميره للمنطقة الصناعية في شمال بيت حانون “ايرز”.
الحراكات عبر القنوات السياسية في هذا الشأن لم يكتب لها النجاح, و “لا أريد توزيع الاتهامات هنا وتحميل المسؤوليات كي لا أُطيل عليكم” لذا لجأت القيادة المصرية إلى عقد مؤتمرين في العين السخنة من أجل جس نبض المواطن الغزي والاستماع إلى تطلعاته وآرائه حول ما تتطلع إليه, فالنجاح الذي حققه مؤتمر “عين السخنة 1” مهد الطريق إلى الفعلي والصائب إلى خطة القيادة المصرية ومهدت الطريق إلى مؤتمر “عين السخنة2” التي شارك فيها قرابة مائة رجل أعمال من قطاع غزة, استمعوا إلى الرؤية المصرية وقدموا اقتراحات, بل وأثنوا على دور مصر واستبدال التجارة عبرها عن النقل عبر المعابر الإسرائيلية المجحفة في التعامل, وبات الجانب المصري ينتظر خطوات عملية من الجانب الفلسطيني في غزة ليبدؤوا في وضع الأسس والقواعد, من أجل التخفيف عن الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة.
بين ثنايا الحديث الذي استمعت إليه من عدة مصادر مصرية وفلسطينية, وهو ما أخر كتابة مقالي إلى اليوم, سألت عن دور الإحتلال والسلطة الفلسطينية, ألا من شأنه أن يمنع الإحتلال مثل هذه الخطوات وعلى الأرجح أن يقوم بقصف الشاحنات فور وصولها إلى غزة؟ أو أن تضع السلطة الفلسطينية بعض العراقيل أمام التجار الفلسطينيين أو أن تمنع اصدار تصاريح لهم لمزاولة نشاطاتهم الأخرى المرتبطة بالجانب الإسرائيلي, كبعض الصناعات التي تنتج في غزة ويتم تصديرها إلى “إسرائيل” مثلًا”, أفادوني جميعًا بأن مصر لن تقدم على خطوة وخطة محكمة قبل أن تدرسها جيدًا وتعي عواقبها وتُؤسس لنجاحها الكامل, خصوصًا في الوقت الذي تسعى فيه لزيادة حجم النشاط التجاري واستغلال المساحات الشاسعة “الميتة” سواءً في التجارة والزراعة والانتاج وانشاء المصانع وزيادة حجم التبادل التجاري وتسريع وتيرة وصول البضائع بدلًا من الحجز في الموانئ الإسرائيلية وإلزام أصحابها بدفع رسوم, مما يرفع من أسعارها, فضلًا عن زيادة أجرة الشاحنات نظير الانتظار باليوم واليومين وغير ذلك من معيقات.
اختتامًا لما أوردناه, فإن ربط الاقتصاد الفلسطيني بالمصري أو مرور التجارة عبر مصر يُعد من العوامل الانسانية البحتة ويصب في مصلحة الطرفين ولا يُؤسس لمشروع “الإحتلال” الذي يسعى لتسويقه بين الحين والآخر بضم قطاع غزة إلى مصر والضفة الغربية إلى إسرائيل, بل يُرسّخ لانفراجه قريبة عن أهالي غزة الذين يعانون أشد المعاناة من الحصار الاسرائيلي الخانق الذي فرض على القطاع في منتصف حزيران/يونيو من العام 2006 واستمر حتى اللحظة, فضلًا عن ثلاثة حروب تعرضت لها غزة دمرت قطاعاتها كافة, وأوقفت عجلة الانتاج وزادت من نسب البطالة, في صفوف العمال والخريجين,, #شكرًا_مصر على دورها الوطني العروبي الخالص, #تحيا_مصر ونتمنى أن تبقى طليعة الأمة العربية.
اياد العبادلة