سوريا يجب ان ترد على العدوان الصهيوني
سوريا يجب ان ترد على العدوان الصهيوني
أن العدوان الصهيوني الأخير على سوريا وكان عدوان آخر قد وقع قبل ايام واستهدف موقعاً عسكرياً أو صواريخ قيل إنها في طريقها إلى حزب الله، ولم يكن ذلك إلا ادعاء كاذباً وتذرعاً للعدوان..وتشير الدلائل والقرائن بوضوح إلى أن التدخل الصهيوني المباشر تم لمناصرة المعارضة بعد أن تم التضييق عليها ومحاصرتها في ريف دمشق ومنطقة القصير وفي مواقع أخرى من سورية بفعل تقدم الجيش السوري، وبعدما حدث في موقعة قرية البيضا وحي رأس النبع في بانياس من ضحايا.. ويبدو ان العدوان تم بإشارة من الولايات المتحدة الأميركية وليس بموافقة منها وعلم فقط، ” وقول الرئيس اوباما: “من حق الصهيونية أن تدافع عن نفسها” يشجع دولة الإرهاب الصهيوني على العدوان دائماً وأبداً ويوفر لها الدعم والحماية.. وهذه الضربة الصهيونية جاءت بطلب من جهة عربية راعية للمعارضة المسلحة بصورة مباشرة، عبر الولايات المتحدة الأميركية وبتنسيق مع المعارضة ذاتها للتخفيف عنها ولتمكينها من فك الحصار المضروب عليها في ريف دمشق على الخصوص، حيث ترافق انفجار الصواريخ الصهيونية بتحرك عسكري للمعارضة المسلحة للخروج من مواقعها، وهو ما تم لجمه من الجيش السوري. ولم يكن العدوان في أهدافه وتوقيته بعيداً عن علم تلك الأطراف التي رصدت مواقع حدوثه ليلاً بكاميرات التصوير بانتظار لحظة الانفجار، وكان لافتاً جداً تصوير لحظة سقوط الصواريخ الصهيونية وتغطية الانفجارات مباشرة في لحظة وقوعها مصحوبة بالتكبير، وذلك من خلال أفلام ” يوتوب” تم بثها مباشرة عبر فضائيات معروفة؟! وترافق ذلك مع تعبير عن ابتهاج ” غريب ومستغرب” في مواقع وتعليقات لمعارضين سوريين ومناصرين لهم، وكذلك في مقابلات منها مع القناة الثانية الصهيونية حيث قال الناطق الإعلامي باسم “الجيش الحر” من حمص للقناة: “إن أفراحاً عارمة تملأ قلوب الثوار والمقاتلين بعد الضربة الصهونية لدمشق.”،
اذا لم تكن هذه الهجمات الصاروخية الصهيونية على سورية ‘اعلان حرب’، وعدوانا سافرا، وانتهاكا لحرمة سيادة دولة تعيش حربا اهلية، وبطريقة انتهازية بشعة، فما هي الحرب اذن؟
هذه الهجمات الصهيونية المتلاحقة تؤكد ان سورية مستهدفة لأنها تشكل خطرا على دولة الاحتلال، في وقت ترتمي فيه معظم الحكومات العربية في احضانها، وتنسق معها، وتتنازل عن ثوابت فلسطينية من اجل ارضائها.
نحن على ابواب حرب اقليمية مدمرة، واذا اندلعت هذه الحرب فإن العدو والدول الداعمة لها، او العربية المتواطئة معها، تتحمل المسؤولية الكاملة عنها، لان الصهيونية هي البادئة بالعدوان، فلماذا لا ترسل سورية صواريخ لحزب الله ، ولماذا لا تملك سورية صواريخ ، والعدو الصهيوني يمتلك ترسانة نووية ومئات الآلاف من الصواريخ؟
لا نستغرب، بل لا نستبعد، ان تردّ سورية هذه المرة على العدوان، وان لم تردّ فإنها ستخسر هيبتها، وكل من يقف في خندقها، وكل الشعب السوري، والشعوب العربية كلها، لم تعدّ مستعدة لتصديق مقولة الردّ في المكان والزمان المناسبين.
ما يجعلنا اكثر قناعة هذه المرة، بأن الردّ، وبأي شكل من الاشكال قد يكون حتميا، هو ان الغارات الصهيونية على اهداف سورية، سواء كانت معامل نووية، او قــــوافل صاروخـــية في طريقها الى حزب الله، باتت تتكرر وبوتيرة متسارعة، ما يوحي بأنها قد تتكرر في الايام المقبلة، وقد تسير جنبا الى جنب مع غارات امريكية جوية تحت ذريعة اختراق ‘الخط الاحمر’ الذي تحدث عنه الرئيس الامريكي باراك اوباما.
الكيان الصهيوني وامريكا في عجلة من امرهما، ومعهما كل الدول العربية الداعمة لهما، فحال الجمود على الجبهة السورية الذي دخل عامه الثالث، وصمود النظام طوال هذه الفترة، بل ووصول تقارير عن تحقيقه بعض التقدم في جبهات القتال، هذا الجمود تريان انه لا يجب ان يستمر، ولا بدّ من الحسم.
الخوف من سقوط الصواريخ والاسلحة الكيماوية السورية في ايدي جماعات سنية (الجماعات الجهادية) او (حزب الله) تستخدم ضد العدو لاحقا، او من قبل النظام حاليا، كآخر محاولة من اجل البقاء،
النظام السوري استطاع ان يمتص جمــيع الغارات الصهيونية السابقة، سواء تلك التي وقعت قبل اندلاع الانتفاضة الشعبية في صيغتها السلمية، او بعدها، لانه كان يفعل ذلك تحت مسمى الاستعداد وتعزيز القدرات الدفاعية، والحفاظ على سورية الوطن والشعب، ولكن الآن الصورة تغيرت بالكامل، واسباب ضبط النفس تبخرت، فسورية مدمرة ممزقة، واكثر من مئة الف من ابنائها قتلوا، وجيشها انهك، واربعة ملايين من اهلها شُردوا في الداخل والخارج، فلماذا الخوف الآن؟
الكثير يتساءلون في العالمين العربي والاسلامي عن قيمة الاحتفاظ بهذه الصواريخ السورية اذا كانت لن تستخدم للردّ على هذه الإهانات الصهيونية، والاستباحات المتكررة للكرامة الوطنية السورية؟
يتفهم الكثيرون عدم اخذ النظام السوري زمام المبادرة في الهجوم على العدو في ضربة استباقية، ولكنهم لا يتفهمون عدم دفاعه عن نفسه وبلاده في مواجهة مثل هذا العدوان.
امريكا تدافع عن العدو، وتبرر هذا العدوان الصارخ بأنه دفاع عن امنها من قبل دولة لم تطلق رصاصة عليها وتواجه خطر التفكك والصراع الطائفي، فلماذا لا يفعل حلفاء سورية، روسيا وايران على وجه التحديد، الشيء نفسه والتحرك سياسيا وعسكريا لوقف مثل هذا العدوان؟ فالاسلحة التي تدمرها الغارات الصهيونية روسية وايرانية بالدرجة الاولى.
يجب ان تدرك الجماعات الجهادية الاسلامية ان الصهيونية تريد اسقاط النظام السوري ليس من اجل تسليم الحكم في سورية لها، وانما لبدء معركة اخرى، تشارك فيها الولايات المتحدة ودول عربية واقليمية اخرى للقضاء عليها، وتجربة صحوات العراق هي درس لا بدّ من الاستفادة منه.
السلطة في سورية في حال سقوط النظام ستسلم الى جهة مستعدة لـ’تنظيف’ البلاد من الجماعات الجهادية، حسب توصيف المسؤولين الغربيين، وتحدث عن ذلك صراحة عندما قالو ان واشنطن تتوقع انتهاء هذه المهـــمة في غضون سنتين او ثلاث بعد اسقاط النظام.
لا بدّ ان القيادة السورية تدرك جيدا، او هكذا نأمل، انه اذا كان نظامها سيسقط، فمن الاكرم له ان يسقط في حرب ضد المحتل الصهيوني ، وبعد تكبيده خسائر كبرى، خاصة انه البادئ في العدوان، فالأشجار تموت واقفة.
النظام السوري يجب ان يعلن مواجهة العدوان الصهيوني،
الحرب في اعتقادنا بدأت، والمنطقة على شفير هاوية بلا قاع، وينتابنا احساس بأنها ستكون حربا مختلفة في ادواتها ونتائجها، حربا ستغير خريطة المنطقة، ولا نرى انتصارا للعدو فيها، فإذا كانت الصهيونية لم تحسم حربا استمرت 34 يوما مع حزب الله اللبناني لصالحها، فهل ستنتصر في هذه الحرب التي اشعلت فتيلها، خاصة اذا تحولت الى حرب اقليمية او دولية؟ لم تعد المعركة، في سوريا اليوم، معركة بقاء نظام سياسي حاكم أو زواله، ومعركة انتصار المعارضات المسلحة أو هزيمتها، إنما هي أصبحت معركة بقاء دولة ووطن وشعب موحّد. وهي معركة لا يخوضها السوريون، فحسب، ضد وطنهم وشعبه ودولته، وإنما يخوضها أجانب وينفق عليها كثيرون من العالم والإقليم. ومن هؤلاء من يخوضها لتدمير سوريا، أو تقسيمها، أو إضعاف جيشها وقدارتها خدمة للكيان الصهيوني.
بقلم الكاتب جمال ايوب