بدائل حبس أم هدر لحقوق النفقات
بقلم المحامية مرام المغالسه
في ظل تقديم مشروع قانون معدل لقانون التنفيذ الشرعي أمام مجلس الامة الأردني – والذي تم اقراره بشكل أولي من اللجنة القانونية لمجلس النواب – يقترح بديل وحيد لحبس مدين النفقات وهو خيارالمراقبة الإلكترونية دون سن نظام لذلك ودون مراجعة وتطوير ضمانات تحصيل النفقات ودعامات العدالة في تقديرها ؛ مما يتسبب بفجوات قانونية تنشأ عنها حالات مجتمعية بعشرات الألوف بما يثقل كاهل بعض المؤسسات المالية كصندوق المعونة الوطنية وصندوق تسليف النفقات أضف لما فيه خطورة احتمالية في تصاعد عمالة الأطفال وزيادة معيقات الوصول لنفقات العلاج والتعليم.
لقد نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المادة (11) منه على انه لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بإلتزام تعاقدي وتخرج العلاقات الأسرية عن مفهوم العقد المدني لاعتبار الرباط الروحاني والرابط بالولادة ؛ وتشمل النفقات بشكل أساسي بموجب قانون الأحوال الشخصية المأكل والمشرب والعلاج وهي احتياجات أساسية للمعالين من غير القادرين على التكسب وعليه تعتبر النفقة خيارهم الوحيد للعيش .
ان النفقات في وضعها الحالي مع وجود الحبس تعاني من إشكاليات عديدة تختلف شدتها من قضية لأخرى كتكتم المدعى عليه والمحكوم عليه عن مقدرته المالية وتقصد تغيير مكان السكن باستمرار مع ضعف آليات المحاكم الشرعية في إثبات دخل الزوج بسبب عدم وجود سجل لخبراء مدربين مؤهلين لتقدير النفقات وبذلك نفقد دعامة أساسية من دعامات العدالة في المحاكم الشرعية هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن نسبة عمل المرأة في سوق العمل تراوحت في العشر سنوات الأخيرة 13-16% إضافة للغلاء المعيشي والبطالة وفجوة الأجور لا سيما أن النفقات تتصف بالقلة كأجرة المسكن التي تفرض بقيمة افتراضية رمزية لا حقيقية مجدية ؛ جميع ذلك يشكل ضغوطات هائلة على الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع الأردني من النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة الذي قد يؤدي إلى آثار اجتماعية غير محمودة قد تفسخ النسيج المجتمعي وتعيق مسيرة التنمية وتحول دون تمكين الفئات الأضعف .
إن مشروع القانون بصيغته الحالية يحد من حبس المدين بالنفقات رغم وجود الإشكاليات أعلاه حيث يعطي رئيس التنفيذ حق إخضاع المحكوم عليه للمراقبة الإلكترونية إذا رأى في ذلك مصلحة رغم صدور القرار بحبس المدين؛ على أن تحدد الشروط والأحكام الخاصة بالمراقبة الإلكترونية بموجب نظام يصدر لهذه الغاية ! وهنا تنتج أسئلة عديدة تدور حول اقتراح هذا التشريع أهمها هل تم اشراك مؤسسات الدولة والوزارات ومؤسسات المجتمع المدني والشخوص القانونية ممثلة الفئات الأضعف من الأطفال والنساء في وضع مسودة هذا التشريع ؟ وهل يحقق هذا التشريع التوازن بين عدم حبس مدين النفقات وبين دفع النفقات بشكله الحالي ؟ ولماذا لم تذكر الشروط الدنيا للرقابة الإلكترونية وتم ترك واجب تشريع النظام لأمد وقدر مجهول رغم حساسية النفقات لكونها سبل العيش؟
ومن حيث السياق التشريعي فقد تجاوز هذا النص أحكام المادة (11) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وتجاوز تأكيد الدستورالأردني على تطبيق الشرع الإسلامي في نصرة الضعفاء الى التضييق على لقمات الضعفاء ، ولا يخفى علينا الظروف المشددة أمام مستحقي النفقات في اللجوء لصندوق تسليف النفقات الذي يشترط قانونيا وبموجب النص الصريح غير القابل للتأويل إعسار مستحق النفقة ويسمح بتسليف جزءا من النفقة وفقا للظروف المالية للصندوق .
لسنا مع تقييد الحرية بل نحن مع بدائل حبس محكمة التشريع والتنفيذ والتي تشكل منظومة تشاركية تنموية وهذا يتطلب التفاف الشخوص القانونية العاملة مع الأسرة الأردنية كالمجلس الوطني لشؤون الأسرة واللجنة الوطنية لشؤون المرأة وخبراء الامن والسلم المجتمعي وأيضا خبراء محاكم الإصلاح الأسري من أجل إعداد منظمة تشريعية تنفيذية تضمن الحقوق لا تهدره
