الأردن نموذج ريادي في طب الأسنان الرقمي
وكالة الناس – (بترا) -بشرى نيروخ- يبرز الأردن كأحد أبرز الدول إقليميا في تبني طب الأسنان الرقمي، مع الانتشار الواسع لتقنيات المسح داخل الفم، وأنظمة التصميم والتصنيع المحوسبة، والطباعة ثلاثية الأبعاد في المراكز الخاصة والحكومية، وفق ما يؤكد مختصون في المجال.
وأفاد أطباء لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، اليوم الأربعاء، بأن طب الأسنان الرقمي أحدث تحولا جذريا بالمقارنة مع الأساليب التقليدية، إذ يعتمد على مسار رقمي كامل يدمج التشخيص والتخطيط والتصميم والتنفيذ، ما يسهم في رفع دقة الإجراءات وسرعة إنجاز التعويضات السنية، فيما تعمل كليات طب الأسنان الأردنية على إعداد جيل جديد من الأطباء بمهارات رقمية متقدمة عبر مناهج تعليمية وتطبيقات سريرية حديثة.
وبين الأطباء أن المسار الرقمي يلغي العديد من الخطوات اليدوية، ويقلل الوقت والتكلفة، ويرفع دقة النتائج ويحسن من راحة المريض.
وقال مدير مديرية طب الأسنان في وزارة الصحة، الدكتور أيمن النعيمات، إن الأردن يحتل مكانة متقدمة في مجال طب الأسنان الرقمي على مستوى الإقليم، بفضل الانتشار الواسع للتقنيات الحديثة في المراكز المتخصصة، إذ تعتمد معظم العيادات الخاصة على الماسحات الفموية، والتصميم والتصنيع المحوسب، والطباعة ثلاثية الأبعاد في إنتاج التركيبات السنية الدقيقة.
وأضاف أن القطاع العام بدوره تبنى التقنيات الحديثة في المعالجات الصحية، خصوصا في جراحة الفم وزراعة الأسنان، ما أسهم في تعزيز دقة التخطيط ورفع جودة النتائج، كما أن الجامعات الأردنية الرسمية تواكب التحول الرقمي من خلال إدماج المهارات الرقمية في مناهجها وتعزيز البحث التطبيقي، لإعداد كوادر قادرة على تلبية متطلبات التطور التقني.
وأوضح النعيمات، أن طب الأسنان الرقمي يختلف جذريا عن التقليدي، إذ يبدأ بفحص المريض باستخدام الماسحات الفموية ثلاثية الأبعاد والأشعة الرقمية بدلا من القوالب الجبسية، ثم ينتقل إلى مرحلة التصميم باستخدام برامج متقدمة، وصولا إلى تنفيذ التعويضات بدقة عالية، ويشمل التحول الرقمي أيضا عمليات الزراعة، ما يتيح للأطباء التخطيط المسبق لمواقع “الزرعات” السنية بالاعتماد على النماذج المحوسبة، ما يقلل المخاطر ويزيد من أمان وراحة المرضى.
وأشار إلى أن الأسلوب التقليدي، رغم أهميته في بعض الحالات، يعتمد على المهارة اليدوية ويستغرق وقتا أطول، بينما يتيح النظام الرقمي نتائج أسرع وأكثر دقة.
وبين النعيمات أن وزارة الصحة تعمل على تطوير البنية الرقمية من خلال ربط العيادات السنية بنظام السجل الصحي الإلكتروني الموحد، وتفعيل استخدام الأشعة الرقمية والصور ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى إدخال تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد والتخطيط الجراحي الافتراضي.
وأشار إلى أن البنية التحتية في العيادات الحكومية جيدة، لكنها تحتاج إلى تطوير تدريجي لرفع جاهزيتها التقنية، مؤكدا أن المرحلة المقبلة ستشهد استثمارات إضافية لتحسين المعدات الرقمية وضمان عدالة الوصول لجميع المحافظات.
وأكد أن الوزارة تنفذ برامج تدريبية متخصصة للكوادر الطبية، وتشجع على التعليم المستمر في مجال التحول الرقمي، مشيرا إلى أن التقنيات الحديثة تساعد على تقليل زمن الإجراءات، وتحسين تنظيم المواعيد، بل وتمكن من تقديم استشارات عن بعد في المناطق النائية.
وتوقع النعيمات، أن يشهد العقد المقبل توسعا كبيرا في استخدام الرقمنة والذكاء الاصطناعي في طب الأسنان، بما يعزز دقة التشخيص ويحسن تجربة المريض.
وفي السياق ذاته، قال استشاري الاستعاضات السنية في جامعة العلوم والتكنولوجيا، الدكتور زياد الدويري، إن التطور التكنولوجي خلال السنوات الأخيرة أحدث نقلة نوعية في مجال الاستعاضات السنية الذي كان يعتمد سابقا على المهارة اليدوية والوقت الطويل.
وأوضح أن المختبرات انتقلت إلى مرحلة رقمية متكاملة تشمل التصوير والتصميم والتصنيع والطباعة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي، ما أسهم في رفع دقة التركيبات وتحسين مظهرها الطبيعي.
وأشار الدويري، إلى أن الطباعة ثلاثية الأبعاد تعد من أبرز التقنيات الحديثة، إذ أسهمت في إنتاج نماذج رقمية دقيقة، وصناعة تيجان وجسور مؤقتة، وأطقم أسنان كاملة وجزئية ذات صلابة وتوافق حيوي عال.
وأضاف أن استخدام القوالب الجراحية في زراعة الأسنان حسّن من دقة الإجراءات، كما أتاحت الحواجز الشفافة إنتاج الأقواس التقويمية بكفاءة أعلى.
وبين أن تقنية المسح الرقمي حلت محل الطبعات التقليدية ورفعت مستوى الدقة وراحة المرضى، وأن تقنيات التصميم والتصنيع بمساعدة الحاسوب مكنت المختبرات من إنتاج تركيبات عالية الدقة خلال وقت قياسي.
وأشار إلى التطور الكبير في المواد المستخدمة، مثل الزركونيا متعددة الطبقات، والليثيوم ديسليكات، والمواد المهجنة، والراتنجات المتقدمة، بالإضافة إلى المعادن المصنعة عبر الطباعة أو الطحن.
وأكد الدويري، أن تقنيات الواقع المعزز والافتراضي أصبحت أدوات أساسية في تدريب فنيي الأسنان، وشرح الخطط العلاجية للمرضى، ومحاكاة الإجراءات قبل تنفيذها.
من جهته، أوضح مدير مختبر الحسنات، هاشم المقداد، أن صناعة الأسنان الرقمية انتقلت من العمل اليدوي إلى أنظمة تعتمد كليا على الحاسوب، ما رفع مستوى الدقة وسرعة الإنجاز، مشيرا إلى أن الطباعة ثلاثية الأبعاد أصبحت ركيزة أساسية تتكامل مع المسح الرقمي.
وبين المقداد، أن التصميم الرقمي يبدأ من استلام الحالة الطبية، سواء بطبعات رقمية أو تقليدية، ثم تصميمها باستخدام برامج مثل “ExoCAD” و”3Shape”، موضحا أن هذه الأنظمة تقلل الأخطاء وتختصر عدد جلسات العلاج.
وأشار إلى وجود تحديات في تبني هذه التقنيات، أبرزها صعوبة التكيف لدى بعض الأطباء والفنيين، ما يستدعي تدريبا متخصصا لضمان جودة النتائج، مؤكدا أن دقة المسح الرقمية تلعب دورا حاسما في نجاح العمل السريري.
ونصح بدمج المهارات التقليدية مع المعرفة الرقمية، مشيرا إلى أن دور فني الأسنان يتجه مستقبلا إلى الإشراف على الأنظمة الرقمية بدلا من التنفيذ اليدوي المباشر.
ويشهد طب الأسنان عالميا تحولا رقميا متسارعا، جعل من “طب الأسنان الرقمي” ركيزة أساسية لإعادة تشكيل مستقبل الرعاية الصحية الفموية، بفضل التقنيات الحديثة والمواد المتطورة والإجراءات السريرية المبتكرة التي توفر خيارات علاجية وجراحية أكثر دقة وكفاءة.
–(بترا)
