كيف يمكن لحبة دواء واحدة أن تسبب أضراراً جسيمة في المريء؟

وكالة الناس -يتناول البشر حول العالم ما يصل إلى 3.8 تريليونات جرعة دواء سنوياً، معظمها على شكل حبوب تُبلع نظراً لسهولة استخدامها وأمانها النسبي. لكن ما لا يدركه الكثيرون هو أن هذه الحبوب التي نعتبرها آمنة قد تتحول إلى مصدر لألم شديد ومضاعفات خطيرة إذا علقت في المريء.

ويشرح أستاذ التشريح آدم تيلور من جامعة لانسكتر في موقع «ساينس آليرت» أن هذه الحالة تُعرف بالتهاب المريء الدوائي، وتحدث عندما يعلق قرص أو كبسولة في الجزء السفلي من المريء قرب المعدة. وعند إذابتها هناك، تُطلق مكوناتها الكيميائية المركزة – التي غالباً ما تكون حمضية أو قلوية – مباشرة على الأنسجة الرقيقة المبطنة للمريء، مسببة حروقاً كيميائية سريعة والتهاباً وألماً حاداً.

ورغم ندرة الإبلاغ عنها، تشير الدراسات إلى أن معدل حدوثها يقارب 3.9 حالة لكل 100,000 شخص سنوياً. غالباً ما تُشفى الحالات البسيطة تلقائياً دون الحاجة لرعاية طبية، مما يؤدي إلى نقص في الإبلاغ.

وتُعتبر النساء في منتصف العمر من أكثر الفئات تضرراً، وذلك لإكثارهن تناول الأدوية، خاصة تلك المتعلقة بصحة العظام. كما يشكل كبار السن مجموعة عالية الخطورة بسبب التغيرات المرتبطة بالعمر التي تُبطئ حركة المريء. وحتى الأطفال ليسوا بمنأى عن الخطر، نظراً لصغر حجم المريء وصعوبة البلع لديهم أحياناً.

وليست الأدوية القوية وحدها المسؤولة؛ فبعض أكثرها شيوعاً يمكن أن يسبب الضرر. وتأتي «البيسفوسفونات» المستخدمة لعلاج هشاشة العظام في المقدمة، تليها مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الأسبرين والإيبوبروفين، والمضادات الحيوية من نوع «التتراسيكلين».

كما يمكن أن تكون المكملات الغذائية والفيتامينات التي تُباع دون وصفة طبية مصدر خطر. فقد تم ربط أقراص الكافيين، ومكملات البوتاسيوم، وفيتامينات C وE عالية الجرعة، بحالات التهاب المريء.

وعادة ما تكون الأعراض مشابهة لحرقة المعدة لكنها أكثر حدة، وتشمل ألماً حاداً خلف عظمة الصدر، وصعوبة أو ألم عند البلع، وبحة صوت مفاجئة. وفي الحالات النادرة وغير المعالجة، يمكن أن تتفاقم القرحات وتؤدي إلى تمزق في جدار المريء وعدوى شديدة.

وينصح المختصون باتباع عادات بسيطة لكنها فعالة لتفادي هذه المشكلة، من بينها تناول الدواء مع كوب كامل من الماء لدفع الحبة إلى المعدة مباشرة. كما ينصح بعدم الاستلقاء مباشرة بعد تناول الدواء، وعدم تناول حبات عدة معاً أيضاً.

وتشفى معظم الحالات الخفيفة في غضون أيام أو أسابيع بعد إيقاف الدواء المسبب. لكن اليقظة واستشارة الطبيب فور ظهور أعراض مستمرة هي الخطوة الأهم لتفادي تفاقم أي مشكلة.