المرأة الاردنية لم تخلق لتهان .. بل لتحترم
ما حدث ليلة امس حملة شرسة يجهل الجميع اسبابها وسرعة انتشارها شنها عدد من الإعلاميين وناشطيء ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي في طريقة تعاطيهم خبر ترشح امرأة اردنية للانتخابات النيابية ألقادمة لهو تصرف غير مبرر ويندرج تحت التلاعب بمشاعر وكرامة وشرف المواطن الاردني, حيث كانوا يتسابقون على الكتابة والهذيان عبر المواقع الاخبارية الالكترونية وموقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” مستخدمين ابشع الطرق في وصف هذه النشمية الاردنية – والتي هي بمثابة أخت لكل النشامى – والتي عانت الكثير وضحت بالكثير للوصول الى ما وصلت اليه الان من مكانه علمية ومهنية واجتماعية. ليس غريبا فالكثير من المواطنين نظرتهم للمرأة الاردنية التي ترشح نفسها للانتخابات انها كائن مليء بعلامات الاستفهام حيث أنهم يتحدثون عنها وكأنها من كوكب آخر أو قد ارتكبت جريمة بحق نفسها وبحق أهلها ومجتمعها, وهي في واقع الامر تحاول تفعيل قدراتها, وتجذير موقعها المركزي في المجتمع, وتعزيز مكانتها الاجتماعية ومشاركتها في صناعة القرار السياسي وهذا بحد ذاته شرف وانجاز. فلقد عرفنا منذ ان وعينا على انفسنا ان المرأة الاردنية ليست نصف المجتمع فحسب، بل هي والدة ومربية المجتمع الاردني بأكمله, وهذا يحتم علينا ضرورة العناية بها, فإذا ما تم الاعتناء بها وإيلاءها ما يوافق قيمتها وأهـميتها من الإعتبار الصحيح والعناية الفائـقة، استقام المجتمع كله وصلح حاله, أما من أهملها وحط من قيمتها وإنسانيتها وتجاهل وجودها كعضو فاعل في المجتمع، فقد هدم المجتمع كله. ما اود قوله ان الجميع يعلم بأن المرأه لا يحكم فيها باقوال الناس ولا حديثهم بل شخصيتها واخلاقها وقوة ارداتها وتحديها الصعاب في مجابهة حياتها واستمرارها, ويعلمون ايضا بأنها كتلة من المشاعر والأحاسيس بل أنها كزهرة تحتاج دائما الى ارتواء واهتمام كي تعطي لنا عبيرها وجمالها ورقتها، فكلما اسقينا تلك الزهرة كلما تفتحت اكثر وزاد عطرها. وعلى هذا الأساس فإنه لا يحق لأي مجتمع واعي ان يجمد نصف ثروته البشرية، المتمثلة في المرأة، ويضحي بها بالاهمال والتهميش، ولا يعترف بها كعضو فاعل في المجتمع له قيمته وأهميته ودوره المركزي فيه, لأن ذلك يكـلفه خسائر فادحة خاصة على مستوى تنمـيتها الإقتصاديـة وازدهارها العلمي والمعرفي وتقـدّمها على جميع المستويات. ومن هنا فإنه لا يليق بمجتمع عاقل راشد كالمجتمع الاردني أن يتصرّف ابناءه تصرّف السّفيه، فيهمل ويهمّش أو يجمّد نصف طاقاته البشرية، وما يحمله من قدرات ذهنية وإبداعية هو في أمس الحاجة إليها, والأمر مطلوب أيضا من جهة ضرورة تمكين المرأة تماما مثل الرجل، من تحقيق إنسانيتها وترقّيها في سلم قيمها، والنهوض للقيام بدورها في المجتمع وفي الحياة. وفي الختام اقول ان ما نريده للمرأة الاردنية ليس العودة إلى الوراء إنّما الذي نريده هو تصحيح لخط التوجه، بما يتناسب وخصوصيتها ومع سلم قيمنا ومع الموقع المحوري الذي يجب أن تحتله المرأه في المجتمع الاردني، ثم المضي قدما إلى الأمام في تفعيل قدراتها وتجذير موقعها المركزي, اضافة الى تحرير حقيقي للعقول والمواهب والقدرات, ليست حداثة مستوردة تضرر منها أصحابها، وإنما حداثة ذاتية أصيلة مراعية لقيمنا ولخصوصياتنا الثقافية والحضارية.
كتب . خليل النظامي