عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

أربع خطوات قاتلة .. دليلك لشبكة علاقات فاشلة

وكالة الناس –  “أهلا بالجميع.. أبحث عن فرصة عمل جديدة وهذه سيرتي الذاتية” يوما وراء الآخر كان المبرمج طارق يبحث عن الوظيفة المناسبة، يسأل المعارف والأقارب لكن دون جدوى، وعندما نفد صبره كتب على مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت المفاجأة.

صديقه القديم أحمد المقيم، في الخارج منذ سنوات، قرأ المنشور واطلع على السيرة الذاتية، وأعجبه بالتطور الكبير في مهارات صديقه الذي جمعتهما إنجازات وتحديات عدة لكن فرقتهما الأيام، أعاد أحمد التواصل وراهن على ثقته في طارق ورشحه لوظيفة مرموقة استفادت منه على الفور.

وتؤكد تلك القصة المتكررة بصور شتى أن معايير نجاح العلاقات تغيرت مع تسارع سوق العمل الحديث، فلم تعد شبكة العلاقات تُقاس باتساعها بل بصلابتها، فليس المهم عدد من تعرفهم، بل من يثق بك ويمكن أن يراهن عليك.

أيضا لم تعد الصداقات الأقرب وحدها هي بوابة الفرص، فالواقع يشهد أن الكثير من التنقلات المهنية تأتي عبر معارف قديمة أو بعيدة عن دائرة حياتك اليومية، إنهم أشخاص يعرفونك بما يكفي ليقولوا “جرِّبوه”.

لكن هذه الثقة -التي كانت طوق نجاة لطارق- ليست وليدة الصدفة، بل هي رصيد تم بناؤه عبر الزمن. وهذا ما يؤسس لمفهوم “اقتصاد الثقة” والذي لا يقتصر أثره على إيجاد الفرص فحسب، بل يمتد ليصنعها داخل بيئة العمل نفسها. فهو يثمر بيئة صحية يمكنك أن تقول فيها بلا خوف “لدي فكرة غريبة”.

التحول نحو “اقتصاد الثقة” ليس مجرد شعور، بل واقع تدعمه تغييرات هيكلية تحدث في سوق العمل اليوم:

  • قوة الروابط المتوسطة: أثبتت دراسة على منصة “لينكدإن” للتوظيف أن الفرص الوظيفية الجديدة تأتي غالبا عبر معارفك القدامى (لا الأقرباء ولا الأباعد تماما) لأنهم يجمعون بين الثقة والوصول إلى دوائر معرفية جديدة.
  • الأمان النفسي كشرط للابتكار: لم يعد الإبداع نتاج المهارة الفردية فحسب، بل هو ثمرة “الأمان النفسي” في الفرق التي تسمح بالتجربة والخطأ دون خوف، وهو مناخ قائم بالكامل على الثقة.
  • عقود المهام: تتجه الشركات نحو اتفاقات شفافة ومحددة الأهداف مبنية على الثقة، حيث يلتزم الطرفان بمهمة واضحة لفترة محددة، وليس مدى الحياة.
  • الثقة المؤسسية: مع اتساع فجوة التوقعات بين الإدارة والموظفين، أصبح بناء الثقة الداخلية والحفاظ عليها أولوية إستراتيجية عاجلة للقادة.
  • اقتصاد المؤثرين: تقوم ثروات اليوم على الثقة المباشرة بين صانع المحتوى وجمهوره، وتوصية من شخص تثق به أصبحت أقوى وأكثر قيمة من أي إعلان تقليدي.
  • تقييمات المستخدمين: قرارات الشراء والحجز أصبحت تعتمد بشكل شبه كامل على “الثقة الجماعية” المتمثلة في مراجعات وتقييمات المستخدمين على منصات مثل أمازون وغوغل.

يمكن بناء هذه الثقة بشكل عملي عبر عدة أفعال صغيرة تحدث فرقا كبيرا، من أبرزها:

  • ركّز على هدف اللقاء: استبدل القاعات المزدحمة بلقاء واحد لهدف واضح، لقاء قصير ومتابعة ذكية برسالة مفيدة (كرابط أو تعريف بشخص آخر) يبني من الثقة أكثر من عشرات اللقاءات العابرة.
  • ابحث عن التقاطعات المعرفية: أفضل الأفكار تأتي من خارج مجالك. تواصل مع مصمم، أو باحث، أو رائد أعمال اجتماعي. لقاء واحد مع شخص يفكر بطريقة مختلفة يمكن أن يختصر شهورا من التجربة ويفتح مسارات غير متوقعة.
  • كن جسرا بين الناس: عرّف الناس ببعضهم فقد يفيد أحدهما الآخر، حتى لو لم تكن المستفيد المباشر، فالتزكية الصادقة استثمار يعود أضعافا مضاعفة، لأن الثقة مثل الكهرباء لا تراها، لكن أثرها في كل مكان.
  • اصنع بيئة آمنة للتجربة: داخل الشركة أو المنزل، يمكنك تعزيز الثقة عبر اجتماعات تشجع على الصراحة، ببساطة استبدل اللقاءات الخطابية بورش عمل صغيرة، والعناوين العريضة بأسئلة مباشرة. حين تمنح فريقك أو أسرتك حق “الخطأ” دون لوم، يظهر الإبداع أسرع مما تتوقع.
  • التزم بالوعود الصغيرة: الثقة نتاج تراكمي للمصداقية، أن تفي بوعودك الصغيرة باستمرار -مثل تسليم تقرير في موعده، أو الرد على بريد إلكتروني كما وعدت، أو الحضور في الوقت المحدد- هو ما يبني سمعتك كشخص يمكن الاعتماد عليه.
  • مارس الاستماع الفعّال: أغلب الناس يستمعون بنية الرد، لا بنية الفهم. غيّر هذه العادة، اترك هاتفك، تواصل بصريا، واطرح أسئلة تهدف إلى التعمق في فكرة الطرف الآخر، لا لتحديها. حينها يرتفع مستوى الثقة بشكل فوري، لأنه يشعر بالأمان الفكري معك.
  • اعترف بالخطأ بشجاعة: القدرة على قول “لقد أخطأت” أو “كان رأيك هو الصواب” لا تقلل من شأنك، بل هي أقوى دليل على أنك تقدر الحقيقة أكثر من صورتك الشخصية، وهذا يشجع الآخرين على التحلي بنفس الصراحة.
  • الاحتفاء بإنجازات الآخرين: عند تحقيق نجاح مشترك، كن أول من يسلط الضوء على جهود الآخرين. عندما تنسب الفضل لأصحابه علنا لا يرفع من معنوياتهم فحسب، بل يرسخ صورتك كشريك يمكن الاعتماد عليه، فالثقة تنمو في بيئة يشعر فيها الجميع بالتقدير.
  • الاهتمام بالمشاعر: اهتم بالناس كأشخاص، وليس فقط كعناوين للمصالح، اسأل عنهم خارج نطاق العمل، وتذكر التفاصيل الصغيرة وتابعها، هذا يخلف رابطا إنسانيا يتجاوز العلاقات السطحية.
  • حفظ الأسرار والخصوصيات: عندما يشاركك شخص ما معلومة خاصة، فهو يمنحك جزءا من ثقته، وحماية هذه الأمانة وعدم استخدامها نقطة حوار دليل قاطع على جدارتك بالثقة.
  • شارك معرفتك بلا مقابل: عندما تجد معلومة، أو كتابًا، أو فرصة قد تفيد شخصًا ما في شبكتك، شاركها معه دون أن تنتظر شيئًا في المقابل. فهذه المبادرات الصغيرة وغير المتوقعة تظهر أنك تفكر في نجاح الآخرين، مما يجعلك حليفًا طبيعيًا ومصدرًا موثوقًا في نظرهم.

إليك أبرز الأخطاء التي قد تهدم رصيدك من الثقة دون أن تشعر:

  • هوس الحضور: الاعتقاد بأن الوجود في كل فعالية هو إستراتيجية ناجحة. إنه فخ شائع، فالحقيقة أن الحضور المشتت يجعلك تبدو سطحيا وعابرا في كل مكان.
  •  عقلية الصفقة الفورية: بدء أي حوار بعقلية “ماذا سأستفيد من هذا الشخص الآن؟” يقتل فرصة بناء أي علاقة حقيقية. وهذا الأسلوب يجعل الطرف الآخر يشعر بأنه مجرد وسيلة لتحقيق غاية، بينما الثقة تُبنى على الاهتمام المتبادل والمنفعة طويلة الأمد، لا على الصفقات العاجلة.
  • الحديث المستمر عن الذات: تحويل الحوار إلى سرد لإنجازاتك وآرائك هو أسرع طريق لتنفير الآخرين. العلاقات تُبنى على الاستماع والاهتمام الصادق المتبادل. القاعدة بسيطة: إذا كنت تتحدث أكثر من 50% من الوقت، فأنت لا تبني علاقة، بل تقدم عرضا.
  • النميمة لبناء الألفة: قد يبدو أن الشكوى المشتركة أو الحديث بسوء عن طرف ثالث يخلف رابطا سريعا، لكنه في الحقيقة يدمر مصداقيتك. فالطرف الآخر سيفترض فورا أنك قد تتحدث عنه بنفس الطريقة مع غيره.

وباختصار، إن شبكة العلاقات الناجحة ليست هي التفاخر بتضخم عدد الأسماء في هاتفك، بل من يمكنك الاتصال به في أي وقت والاعتماد عليه. وفي عالم بات أكثر تعقيدا، لم تعد الثقة مجرد ميزة شخصية، بل أصبحت الأصل الأثمن الذي تمتلكه، إنها الضمان الوحيد لعلاقات تصمد أمام اختبار الزمن.